حققت فرنسا بطولة كأس العالم في العام 1998، وانحنى العالم كله للكرة الفرنسية الجميلة التي صنعت التاريخ وتألقت في البطولة العالمية، عبر تلقينها المنتخب البرازيلي درساً كروياً لن ينساه طوال حياته، ورغم تدهور الأداء الفرنسي منذ العام 2002 حتى العام 2010 وسقوطها أمام قسوة كرة القدم، إلا أنها نجحت في النهوض مجدداً لصناعة المجد.
لا ينسى الفرنسيون تلك اللحظة التاريخية التي رفع فيها ديشامب المدرب الحالي الكأس الذهبية في العام 1998 على الأراضي الفرنسية، لكن التاريخ أغفلها بعد سنوات لم يظهر خلالها المنتخب الفرنسي في ثوب ذاك "الديك" المُرعب الذي هز كيان البرازيل في نهائي مونديال فرنسا، وبعد الفوز بكأس العالم دخلت فرنسا في سُبات عميق، وأصبحت خارج دائرة المنتخبات المرشحة للفوز باللقب العالمي.
خرجت فرنسا من كأس العالم 2002، من الدور الأول، وفاجأت كل الملاحظين، بعد أن دخلت مونديال كوريا-اليابان كبطل للعالم، لكنها غادرته بنقطة وحيدة، لم تكن كافية للهروب من الانتقادات القاسية التي تعرض لها المنتخب الفرنسي حيثُ لم تبقِ الانتقادات على "ريشة واحدة في جسد الديك الفرنسي"، ورغم أن فرنسا عادت إلى مونديال 2006 ووصلت إلى النهائي، فإنها لم تكن مرشحة، بل إن العديد من المنتخبات كانت تتمنى مواجهتها على اعتبار أنها لقمة سهلة، لكنها ظهرت بثوب الأبطال وخسرت من إيطاليا في النهائي بركلات الترجيح.
عادت فرنسا إلى كأس العالم 2010، بمعنويات أعلى وحماس أكبر كونها وصيفة نسخة 2006، لكنها سقطت للمرة الثانية في ثلاثة مونديالات، وخرجت من دور المجموعات، الأمر الذي كان بمثابة الضربة القاضية للمنتخب الفرنسي، الذي أصبح في "عداد الموتى" ولم يعد من بين المنتخبات العالمية، فالخروج من بطولتي كأس عالم من دوري المجموعات في ثلاث نسخ عالمية، يُعتبر أمراً مخزياً.
لكن فرنسا عرفت كيف تستعيد ثقتها بنفسها وعادت لتلبس ثوب المنتخب الأوروبي الذي يجبرُ الخصوم على دراسته بعناية قبل مواجهته، واستعادت فرنسا صورتها الجميلة وقدمت كرة قدم رائعة في مونديال البرازيل 2014، وها هي على أعتاب الدور الربع النهائي في نتيجة لم تكن صدفة أو مفاجأة، بل نتيجة تعب وجهد من أجل إعادة رسم صورة مُشرفة للمنتخب الفرنسي، بعد سقوط مدوٍّ في مناسبتين، الآن عادت فرنسا تحت شعار "الثالثة ثابتة".
ولا يمكن إغفال أن فرنسا قادرة على الوصول إلى النهائي في مونديال 2014، نظراً لأدائها السلس على البساط الأخضر، خصوصاً أنها وجهت إنذاراً شديد اللهجة لكل المنتخبات القوية على أنها قادمة من بعيد، وعادت من تحت النار التي كوتها في 2002 و2010، من أجل كسر العقدة التي جعلها فريسةً سهلة للمنتخبات العالمية، التي قللت من شأنها طوال السنوات الماضية لتعود وتقول للمستطيل الأخضر أن "الديوك" ستصيح مجدداً في البرازيل.