فرنسا: توتر ومناوشات يسبقان عملية تفكيك مخيم كاليه للمهاجرين

23 أكتوبر 2016
ما بين 6500 و8000 لاجئ ومهاجر بالمخيم(مصطفى ياسين/الأناضول)
+ الخط -
شهد محيط مخيم كاليه، مساء أمس السبت، مناوشات بين قوات الأمن الفرنسية وعشرات المهاجرين، استخدمت فيها الحجارة والقنابل المسيلة للدموع، وذلك قبل موعد البدء في إخلاء "الغابة"، وتوزيع "قاطنيها" على مختلف مراكز الاستقبال والتوجيه في فرنسا (عدا كورسيكا وباريس الكبرى) غداً الاثنين. 

وتأمل السلطات الفرنسية ألا تتجاوز عملية تفكيك المخيم عشرة أيام، وأن تمر في "هدوء" وفي "أفضل الشروط"، ولذلك يستعد 1500 شرطي ودركي لتنفيذ عملية إخلاء ما بين 6500 و8000 لاجئ ومهاجر، ووضعهم في حافلات لتوزيعهم في ربوع فرنسا.

وتعلم السلطات الفرنسية أن العملية التي تم اتخاذها بتنسيق وثيق بين وزير الداخلية، برنار كازينوف، ووزيرة السكن والإقامة المستدامة، إمانويل كُوسْ، ليست سهلة، على الرغم من إقرار العملية من قبل معظم المنظمات والجمعيات الإنسانية والحقوقية الفرنسية التي لا تريد، في المقابل، أن يقضي هؤلاء المهاجرون، وتحديداً نحو ألف وثلاثمائة قاصر، فصل الشتاء هناك، خاصة أن التوقعات المناخية تشير إلى أنه سيكون بارداً هذه السنة.

وترصد كاميرات عديدة وضعتها الشرطة الفرنسية في محيط المخيم تحرّكات بعض المهاجرين الرافضين لعملية الإخلاء، والذين يريدون أن يظلوا قريبين من الشواطئ البريطانية، على أمل عبور نهر المانش. 

كما ترصد الشرطة الفرنسية حركة ما يتراوح بين 150 إلى 200 شخص من نشطاء حركة "بلا حدود"، الرافضين للحدود بين الدول الأوروبية، والذين يأملون تأخير الإخلاء إن لم ينجحوا في وقفه.

ويشكل القاصرون في المخيم، وهم في حدود 1300 شخص، المشكل الرئيسي، خاصة الذين يوجد بعض أعضاء عائلاتهم في بريطانيا، والذين لا تزال السلطات الفرنسية تتفاوض مع نظيرتها البريطانية بشأنهم، للاستفادة من حق "لمّ الشمل العائلي"، واستقبال المزيد منهم، بعد أن استقبلت، قبل أيام، نحو مئتين. 

أما القاصرون الآخرون، فستستقبلهم مراكز استقبال وتوجيه خاصة، وستتكفل بهم، على وجه الخصوص، مؤسسة "الدعم الاجتماعي للطفولة"، وهو ما يعني إبعادهم عن غيرهم من المهاجرين البالغين.

وتبدي السلطات الفرنسية حذراً ظاهراً في التعامل مع المهاجرين الرافضين لمغادرة المخيم والالتحاق بمراكز الاستقبال والتوجيه، إذ تحاول، منذ أمس وطيلة هذا اليوم، جمعيات تعمل بتنسيق مع وزارة الداخلية على إقناع كل المهاجرين بقبول الإجلاء، مقدمة كل التعهدات والوعود.

وتُشير تقديرات بعض الجمعيات الإغاثية إلى أن هؤلاء الرافضين في حدود ألفي شخص. 

وإذا كانت السلطات تستبعد، في المقام الأول، أي اعتقال إداري بحقهم، إلاّ أن اعتقالهم يبقى وارداً في نهاية المطاف، خصوصا أن بعضهم مصمم على ألا يغادر المنطقة، وأن يظل متخفياً في محيط منطقة كاليه.

ورغم قبول بعض المهاجرين الإقامة مؤقتاً، في مراكز الاستقبال والتوجيه، إلا أن ذلك لا يعني أنهم سيجدون حلولا نهائية، إذ سيكونون مجبرين على تقديم طلب اللجوء في فرنسا.

وعلى الرغم من بعض التساهل الذي تبديه السلطات الفرنسية، إلا أن العديد منهم يخشون، في نهاية الأمر، أن يُطلب منهم تقديم طلب اللجوء في البلدان الأوروبية التي دخلوها أول مرة، وهو حذر مشروع، لأن الكثير من رفاقهم دفعوا ثمنه، ووجدوا بعض ولايات الأمن الفرنسية تُصدِر في حقهم أوامر بالطرد.

وعلى الرغم من الطابع المؤقت لمراكز الاستقبال والتوجيه، إلا أن ثلث الوافدين عليها، سابقا، لا يزالون فيها، في حين الثلث الآخر تم توجيهه إلى مختلف مراكز استقبال طالبي اللجوء، في حين أنّ الثلث الباقي قرر أن يغادرها ويدخل في وضعية الهجرة السرية، مع ترجيح أن بعضهم عاد إلى كاليه وغيرها من المعسكرات المُطلة على الضفة البريطانية.

ويرى مراقبون أن لا شيء يضمن أن تتم عملية إخلاء "الغابة" في أفضل الشروط، خاصة أن كل الأطراف تشعر بالقلق، فالشرطة المنهكة منذ سنوات في مطاردة المهاجرين، تظاهرت قبل يومين في مدينة كاليه، وأيضا أهالي المدينة الذين يطالبون بتقاسم مناطق فرنسا الأخرى لضريبة وجود هؤلاء الغرباء على أراضيهم، ثم قلق الجمعيات والمنظمات الإنسانية والإغاثية والحقوقية التي تشتغل في ظروف قاسية، فضلا عن قلق هؤلاء المهاجرين، الذين لا شيء يضمن لهم حلا نهائيا، خاصة الذين لا يريدون أن يستقروا في فرنسا، والذين لا يرون في غابة كاليه وغيرها من المعسكرات سوى جسرٍ للوصول إلى عاصمة الضباب.