يوماً بعد آخر تزداد وضعية الجالية الإسلامية ومسلمي فرنسا صعوبة، وتتضاعف التحديّات وكأن كل التراكمات التي حققتها لا قيمة لها. وآخر هذه التحديات إعلان الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، الثلاثاء الماضي عن ترشحه.
ساركوزي ركز برنامَجهُ الانتخابي على نقطتين لا ثالث لهما: "الهوية الوطنية" و"الإسلام"، وهو ما يعني أن مسلمي فرنسا سيعيشون سنة انتخابية كاملة تتركز فيها النقاشات السياسية على وجودهم في فرنسا وعلى ديانتهم، من دون أن يكون لهم أي دور يلعبونه.
يوم الأربعاء 17 أغسطس/ آب الجاري، اكتشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن لا أحد ينتبه لمسلمي فرنسا أو يستشيرهم في قضاياهم، فكرست ملفّاً كبيراً بعنوان: "لماذا يجب الاستماع إلى نُخَب فرنسا المسلمة؟".
ونقرأ في الافتتاحية بعنوان "من أجل إسلام جمهوري": "هذه الضرورة التي يشتغل مُسلمون على تنفيذها منذ أكثر من ثلاثة عقود. أي منذ أن خرج الإسلام من الأقبية إلى العالَم المرئيّ"، كما يقول لنا الباحث الفرنسي مالك بزوح. وتعود الصحيفة إلى البيان الذي نشره مواطنون مسلمون فرنسيون قبل نحو 3 أسابيع، في "لوجورنال دي ديمانش" الأسبوعية.
وترى "لوموند" أن هذه المبادرة بنّاءة وتحمل بشائر الخلاص لأنها "تمنح صوتاً لأغلبية مسلمة صامتة تأمل في أن تعيش في سلام وسكينة. وترفُضُ كلَّ خلط هدّام بين الإسلام والجهادية".
مفارقة صعبة قررت هذه النُّخَب الفرنسية المسلمة أن تخرُج منها. وتنصح الافتتاحية بالاستماع إليها.
اقــرأ أيضاً
ويَعزو عالِمُ الاجتماع الفرنسي، هشام بن عيسى، الأسبابَ التي تجعل مسلمي فرنسا، في عمومهم، لا يزالون قابعين في صمتهم، لدوافع اجتماعية ورمزية: "حتى يمكنَ الوصولُ إلى الكلام العمومي، يجب توفر شروط اجتماعية ورمزية ضرورية. ولا أدلّ على هذا من إشهار مُوقّعي البيان لوظائفهم وميزاتهم الاجتماعية. مسلمو فرنسا الذين لا يزالون متجذّرين في واقع اجتماعي متردّ، لا يمتلكون الموارد الضرورية للوصول إلى الكلام العمومي".
وتحاول الصحيفة إفساح المجال للعديد من ممثلي الإسلام والذي يعاني ممثلوه من التشظي. وفي ظل هذا التعدد والتشظي، يحذّر الباحث في العلوم الاجتماعية، هواس سينيغير، من مخاطر "خلق طبقات خطيرة"، معتبراً أن تعبئة النُّخَب المسلمة "لا يجب أن تتِمَّ على ظهر المسلمين المنحدرين من الأوساط الشعبية، التي تعتبر الضحية الأولى لمنطق الشبهات".
وقد طرحت "العربي الجديد" على مجموعة من المثقفين الفرنسيين المسلمين سؤال: ما هو دور النُّخَب المسلمة في فرنسا؟ فكان رد الباحث أوميرو مارونغيو-بيرا، الإيطالي المعتنق للإسلام، هو المطالبة بأن "يصبح المسلمون لا مرئيين". ويقول إنه: "على غرار كل المواطنين الفرنسيين، يجب وضع المسلمين، بشكل نهائي، في "اللامرئي الجمهوري"، عبر التوقف عن إشهار "الغيريّة" في وجوههم بشكل لا يعرف التوقف، والذي يدفعهم للانزواء الجماعاتي".
أما الباحث جمال الجمري، رئيس الأكاديمية الفرنسية للفكر الإسلامي، الذي نظّم، قبل أسابيع أول ندوة لـ"مثقفين مسلمين فرنكوفونيين" في فرنسا، فأكد لصحيفة "العربي الجديد" أن "الزمن الذي كان فيه الآخرون يقررون راهننا ومستقبلنا قد انتهى"، ورأى أن "مشاركة المفكرين المسلمين الفرنكوفونيين في السجال السياسي في فرنسا تكتسي، من الآن فصاعداً، أهمية كبرى. وهي مشاركة يجب أن تراهن على النَفَس الطويل والصبور". وهو نفس موقف المفكر الشيخ خالد بنتونس، الذي طالب بـ"نقاش عقلاني، بعيداً، عن التهييج وعن الانفعال".
ويشدد جمال الحمري على المشاركة غير الإقصائية لكل التيارات الفكرية في النقاش حول الإسلام، مُذكّراً أن قطاعات ومفكرين من التيار المعادي للكولونيالية أغفلها ملفّ صحيفة "لوموند"، إضافة إلى تيارات تستلهم المفكر السويسري طارق رمضان، الذي لا يمكن لأيّ كان في فرنسا والعالم أن يتجاهل دورَهُ وتأثيره وتفرده. مسلمو فرنسا لا يحتاجون فقط للاستماع إليهم، بل أيضاً، الإنصات إليهم.
ونقرأ في الافتتاحية بعنوان "من أجل إسلام جمهوري": "هذه الضرورة التي يشتغل مُسلمون على تنفيذها منذ أكثر من ثلاثة عقود. أي منذ أن خرج الإسلام من الأقبية إلى العالَم المرئيّ"، كما يقول لنا الباحث الفرنسي مالك بزوح. وتعود الصحيفة إلى البيان الذي نشره مواطنون مسلمون فرنسيون قبل نحو 3 أسابيع، في "لوجورنال دي ديمانش" الأسبوعية.
وترى "لوموند" أن هذه المبادرة بنّاءة وتحمل بشائر الخلاص لأنها "تمنح صوتاً لأغلبية مسلمة صامتة تأمل في أن تعيش في سلام وسكينة. وترفُضُ كلَّ خلط هدّام بين الإسلام والجهادية".
مفارقة صعبة قررت هذه النُّخَب الفرنسية المسلمة أن تخرُج منها. وتنصح الافتتاحية بالاستماع إليها.
ويَعزو عالِمُ الاجتماع الفرنسي، هشام بن عيسى، الأسبابَ التي تجعل مسلمي فرنسا، في عمومهم، لا يزالون قابعين في صمتهم، لدوافع اجتماعية ورمزية: "حتى يمكنَ الوصولُ إلى الكلام العمومي، يجب توفر شروط اجتماعية ورمزية ضرورية. ولا أدلّ على هذا من إشهار مُوقّعي البيان لوظائفهم وميزاتهم الاجتماعية. مسلمو فرنسا الذين لا يزالون متجذّرين في واقع اجتماعي متردّ، لا يمتلكون الموارد الضرورية للوصول إلى الكلام العمومي".
وتحاول الصحيفة إفساح المجال للعديد من ممثلي الإسلام والذي يعاني ممثلوه من التشظي. وفي ظل هذا التعدد والتشظي، يحذّر الباحث في العلوم الاجتماعية، هواس سينيغير، من مخاطر "خلق طبقات خطيرة"، معتبراً أن تعبئة النُّخَب المسلمة "لا يجب أن تتِمَّ على ظهر المسلمين المنحدرين من الأوساط الشعبية، التي تعتبر الضحية الأولى لمنطق الشبهات".
وقد طرحت "العربي الجديد" على مجموعة من المثقفين الفرنسيين المسلمين سؤال: ما هو دور النُّخَب المسلمة في فرنسا؟ فكان رد الباحث أوميرو مارونغيو-بيرا، الإيطالي المعتنق للإسلام، هو المطالبة بأن "يصبح المسلمون لا مرئيين". ويقول إنه: "على غرار كل المواطنين الفرنسيين، يجب وضع المسلمين، بشكل نهائي، في "اللامرئي الجمهوري"، عبر التوقف عن إشهار "الغيريّة" في وجوههم بشكل لا يعرف التوقف، والذي يدفعهم للانزواء الجماعاتي".
أما الباحث جمال الجمري، رئيس الأكاديمية الفرنسية للفكر الإسلامي، الذي نظّم، قبل أسابيع أول ندوة لـ"مثقفين مسلمين فرنكوفونيين" في فرنسا، فأكد لصحيفة "العربي الجديد" أن "الزمن الذي كان فيه الآخرون يقررون راهننا ومستقبلنا قد انتهى"، ورأى أن "مشاركة المفكرين المسلمين الفرنكوفونيين في السجال السياسي في فرنسا تكتسي، من الآن فصاعداً، أهمية كبرى. وهي مشاركة يجب أن تراهن على النَفَس الطويل والصبور". وهو نفس موقف المفكر الشيخ خالد بنتونس، الذي طالب بـ"نقاش عقلاني، بعيداً، عن التهييج وعن الانفعال".
ويشدد جمال الحمري على المشاركة غير الإقصائية لكل التيارات الفكرية في النقاش حول الإسلام، مُذكّراً أن قطاعات ومفكرين من التيار المعادي للكولونيالية أغفلها ملفّ صحيفة "لوموند"، إضافة إلى تيارات تستلهم المفكر السويسري طارق رمضان، الذي لا يمكن لأيّ كان في فرنسا والعالم أن يتجاهل دورَهُ وتأثيره وتفرده. مسلمو فرنسا لا يحتاجون فقط للاستماع إليهم، بل أيضاً، الإنصات إليهم.