فرنسا تحيي ذكرى اعتداءات 13 نوفمبر... وانتقادات لتعامل ماكرون مع عائلات الضحايا

13 نوفمبر 2017
ماكرون زار مواقع الاعتداءات بصحبة عائلات الضحايا (فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من الحذر الشديد في فرنسا من اعتداءات إرهابية محتملة، انتقامًا من الإرهابيين إثر خساراتهم الكبيرة في سورية والعراق، كما يذكر المسؤولون السياسيون والأمنيون الفرنسيون، إلا أن تاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لم يمرّ مرور الكرام.

ففي هذا اليوم تستعيد فرنسا، كلها، ذكرى أليمة ألمّت بها، قبل سنتين، حين تعرضت لهجوم إرهابي غير مسبوق، قام به 9 أشخاص، فراح ضحيته 130 قتيلاً و683 جريحًا، من جنسيات مختلفة.

وكم كان قاسيًا أن تُضرَب فرنسا في صلب ثقافتها، من خلال الاعتداء على مسرح باتكلان، والذي انتهى بمذبحة راح ضحيتها 90 قتيلًا، فأغلق المسرح خلال فترة طويلة، ولكنه افتتح قبل سنة حتى لا ينتصر الإرهابيون، كما شدد على ذلك فنانون كثيرون ومالك المسرح.

ولأن تلك الاعتداءات لم تشهد لها فرنسا مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، من حيث احتلال مجموعة من الإرهابيين، لوقت محدد، بعض شوارع باريس، وهم يهاجمون مقاهيها وأرصفتها؛ فقد قررت فرنسا تكريم ضحاياه اليوم.

وزار رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، بصحبة رئيسة بلدية باريس، آن هيدالغو، ووزراء عديدين، الأماكن التي شهدت الاعتداءات في باريس، وفي ضاحيتها القريبة، سان دونيه، حيث ملعب كرة القدم، "ستاد دي فرانس".



وكان الرئيس الفرنسي مصحوبًا في زيارته للأماكن التي شهدت تلك الاعتداءات بعائلات الضحايا.
وكما حدث مع الاعتداء الإرهابي الذي ضرب مدينة نيس، والذي لا يزال الجدل محتدمًا حول مسؤولية القوى الأمنية فيه، وأيضًا من يحق له الحصول على التعويضات، لم تخل هذه الذكرى، هي الأخرى، من جدل.


فكثير من الفرنسيين يلومون الرئيس الجديد ماكرون، لأنه لم يُبد تعاطفًا كبيرًا مع الضحايا كما فعل الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، وكما يُعبر سياسيون آخرون.

وفي هذا الصدد، لم يُخف مايكل دياس، أحد أفراد عائلة من ضحايا 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 (أبوه مانويل دياس، الضحية الوحيدة في ستاد دو فرانس لكرة القدم)، رفضه لتلبية دعوة الرئيس، وبالتالي رفضه مصافحته، معتبرًا أن الرئيس الحالي يتعامل مع ضحايا الإرهاب كما يتعامل مع الطبقات الفقيرة في فرنسا، "بطريقة احتقارية وغير مسؤولة". وينتقد تخلي ماكرون عن "سكرتارية الدولة المكلفة مساعدةَ الضحايا".

وعلى الرغم من أن الحكومة الفرنسية تحاول إزالة آثار تلك الاعتداءات الإرهابية، فإن الضحايا لا يزالون يعيشون ظروفًا صعبة، وهو ما يجعل باحثين فرنسيين تصدوا للمشكلة يدرسون على المدى البعيد التمفصل ما بين الذاكرات الفردية والذاكرات الجماعية، خصوصًا وأن كثيرًا من الضحايا يحسون بوجود فارقٍ بين من عاش المأساة ومن لم يعشها.

كما أن معاناة الناجين تتمثل في صعوبة العودة للعمل، وبعضهم لا يزال عاطلًا إلى حد الساعة. العلاقة مع العمل كذلك لم تعد كما السابق. قبل 13 نوفمبر/تشرين الأول 2015 يختلف عما بعده (الصدمات النفسية، الأرق والقلق والخوف من المستقبل، وغيرها). وهو ما يجعل كثيرين منهم منغمسين في البحث عن معنًى ما لما جرى، وذاك أيضًا ما دفع الصحافي الفرنسي أنطوان ليريس، الذي فقد زوجته، هيلين ليريس، في باتكلان، إلى تأليف كتاب "لن تنالوا كراهيتي"، كي يستعيد بعض القوة، ويواصل الحياة مع أبنائه، الحياة التي أراد الإرهابيون أن يَحرموه منها.

وحسب تقديرات حكومية، فإن ثلث الناجين من اعتداءات باريس لم يستطيعوا استئناف العمل أو اضطروا لتغيير مهنهم.

وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة "لوموند" نشرت، بالمناسبة، نصبًا تذكاريًا رقميًا لصور الكثير من ضحايا اعتداءات 13 نوفمبر/ تشرين الثاني، إذ إن بعض العائلات لم تسمح، في الوقت الراهن، بعرض صُوَر ضحاياها.

كما تجدر الإشارة أيضًا، إلى أنه لم تبدأ بعدُ في فرنسا محاكمة الفرنسي صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد المسؤول عن "الكتيبة البلجيكية" التي نفذت اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي سيحاكم ابتداء من 18 ديسمبر/كانون الأول القادم، في قضية اعتداء إرهابي حدث في بلجيكا، وتسبب في جرح ثلاثة من أفراد الشرطة، إذ تطالبه السلطات بدفع تعويض قدره 143 ألف يورو، وهو ما سيفتح جراحاً أخرى لضحايا هذه الاعتداءات في فرنسا. ​