فرنسا: بوادر تسوية لقانون التقاعد ودعوات لمواصلة الاحتجاجات

12 يناير 2020
دعوات للتظاهر مجدداً في 16 يناير (فرانس برس)
+ الخط -
يفتح سحب الحكومة الفرنسية السبت للإجراء الأكثر إثارة للجدل على صعيد مشروع إصلاح الأنظمة التقاعدية، الباب أمام استئناف المفاوضات مع النقابيين المؤيدين لمبدأ الإصلاحات عموماً، فيما يعتزم الأكثر تشدداً بينهم مواصلة الإضرابات المستمرة منذ أكثر من خمسة أسابيع.
وتمكن رئيس الوزراء إدوار فيليب من هز جبهة معارضيه بإعلانه "الاستعداد لسحب" مشروط للإجراء الداعي إلى مواصلة الفرنسيين العمل حتى سن 64 عاماً.
ورحّب النقابيون "الإصلاحيون" الذين يعارضون هذا الإجراء ولكنّهم يؤيدون النظام الجديد الذي سيقوم على مبدأ النقاط بما أعلنه فيليب.
ويشمل ذلك الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل، والاتحاد الوطني للنقابيين المستقلين والكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين.
بينما لم يتراجع "الرافضون" الداعون إلى الإضرابات قيد أنملة حتى الآن، حيث دعوا إلى مواصلة التحرك الذي يؤدي إلى شل المواصلات بشكل كبير في المنطقة الباريسية، وإلى التظاهر أيضاً في 16 يناير/ كانون الثاني للمرة السادسة منذ بدء النزاع في 5 ديسمبر/ كانون الأول، ويضم هذا الفريق الكونفدرالية العامة للعمل، ونقابة القوى العاملة ونقابة "متضامنون".
وقلل الأمين العام للكونفدرالية فيليب مارتينيز من أثر دخول "الكونفدرالية الديموقراطية" و"اتحاد المستقلين" في مفاوضات، مشيراً إلى التباينات الداخلية داخل هاتين المنظمتين.
وقال مارتينيز "سنرى ما يقوله عمّال السكك الحديد داخل الكونفدرالية الديموقراطية للعمل وعمّال المواصلات في باريس في (اتحاد المستقلين)".
كذلك شدد على أنّ سحب مشروع القانون بصورة كاملة "شرط أساسي لغالبية من النقابيين". كذلك بدت المعارضة البرلمانية غير مقتنعة، إذ وصف رئيس كتلة الجمهوريين (يمين) في مجلس الشيوخ برونو رتليو "التسوية" بأنها "تنازل"، مضيفاً أنّ "هذا الإصلاح سينتهي به الأمر غرقاً".
من جانبه، ندد رئيس كتلة الاشتراكيين في مجلس الشيوخ باتريك كانر بـ"الإبحار من دون بوصلة" من قبل الحكومة، وطالب بـ"سحب المشروع".
أما من جهة الحكومة التي ترى ضرورة في وقف الإضرابات، فقالت وزيرة البيئة اليزابيت بورن "لم يعد ثمة سبب يبرر استمرارها".

معركة رأي عام

وقال أحد موظفي مترو باريس لفرانس برس، خلال تظاهرة أمس السبت، إننا "نرى جيداً أن بعض الزملاء يريد استئناف العمل".
وأضاف أنه "سيكون من الصعب الاستمرار على المستوى المالي، سيكون بمقدورنا الاستمرار في حال وجود التزام وطني، ولكن نرى أنّ القطاع الخاص لم يكمل".
وكان موظفو القطاع الخاص قد تحركوا بشكل محدود ضمن هذا النزاع الذي يقوده بشكل خاص مستخدمو شركة السكك الحديد والهيئة المستقلة للنقل في باريس.
وستعطي اجتماعات الجمعيات العمومية الإثنين مؤشراً إلى إمكان استمرار التحرك ضمن شركة السكك الحديد والهيئة.

كذلك ستشكّل تظاهرة الخميس المقبل اختباراً، نظراً إلى تراجع الإقبال في الشارع. فالسبت، كان المتظاهرون 149 ألفاً بحسب وزارة الداخلية، و500 ألف بحسب الكونفدرالية العامة للعمل، أي ثلث الحشد الذي سجّل في 9 يناير/ كانون الثاني (452 ألفاً إلى 1,7 مليون).
وستكون أنظار الحكومة والنقابيين مسلطة على التحركات المقبلة. وقال فيليب مارتينيز السبت إنّ "الرأي العام يدعم المضربين".
كذلك سيكون حاسماً أيضاً "مؤتمر التمويل" الذي يتوقع أن يعقد في نهاية يناير/ كانون الثاني سعياً إلى إيجاد حل بحلول نهاية إبريل/ نيسان حول الاستدامة المالية للمشروع.
وحذر الأمين العام للكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية لوران برجيه الأحد من أنّ "الحكومة قامت بخطوة، وليس بإمكان أحد التشكيك، غير أنّ سحب (الإجراء) ليس شيكاً على بياض".
ولا تزال الحكومة وأصحاب العمل يؤيدون مسألة تأخير سن التقاعد مع رفضهما إدخال زيادة على المساهمات المالية.
كما أنّ الحكومة استبعدت خفض المعاشات التقاعدية، ما يترك هامش مناورة ضيقاً أمام المفاوضين.
وأشار لوران برجيه إلى احتمالات أخرى للتمويل، عبر "الصندوق الاحتياطي للمعاشات التقاعدية" أو عبر الأخذ في الاعتبار "مشقات الأعمال والتمييز بخصوص سنوات التقاعد" بناء على ذلك.

ولا يزال فشل مفاوضات إعانات البطالة ماثلاً أمام الجميع، إذ أدى في حينه الى إخفاق الشركاء الاجتماعيين في الاتفاق على إمساك الحكومة بزمام الأمور وإدخالها تعديلات في ظل غضب النقابيين. وفي هذا الصدد، قال إدوار فيليب "سأتحمل مسؤولياتي".

(فرانس برس)
المساهمون