أدت السياسات الاقتصادية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته إدوارد فيليب إلى تراجع شعبيته بشكل كبير، وفقاً لأحدث استطلاعات الرأي.
ووفقا للاستطلاع الذي نشرته صحيفة "لوجورنال دي ديمانش" الفرنسية، اليوم الأحد فقد انخفضت نسبة الراضين عن أداء الرئيس في شهر فبراير/شباط إلى 44% بعد أن كانت 50% في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، ولم يَسْلم رئيس حكومته إدوارد فيليب، من هذا الهبوط، فهوت شعبيته من 49% إلى 46%.
وتهاوت شعبية الرئيس ورئيس حكومته، بشكل ظاهر لدى الطبقات الوسطى، كما أن السخط من سياساته كان مهمّا، نسبيا، لدى فئات المتقاعدين ومن يقترب من سن التقاعد. وليست الزيادة في ضريبة "المساهمة الاجتماعية المعممة" (CSG)، والتي تحقَّقت منها هذه الفئات في نهاية شهر يناير/كانون الثاني، غريبةً عن هذا الموقف.
كما أن تدهور القدرة الشرائية لدى المواطنين كانت وراء هذا النفور من الرئيس، وهو ما يفسره فريديريك دابي، المسؤول في معهد إيفوب، بأن: "رهان القدرة الشرائية تزداد أهميته حدّة. وثمة تأثير مخيب للآمال بسبب البون الشاسع بين خطاب ماكرون ووعوده بزيادة القدرة الشرائية وبين التأثيرات الحقيقية لسياسته".
ويضيف أنه بدأ تلمُّسُ الانتقادات الأولى حول التغيير الحقيقي للبلد. كما لو أن "الرأي العام، الذي كان متسامحا مع ماكرون وسياساته، بدأت يتسرب إليه شكّ حقيقي".
ولا يبدو أن الظروف ستتحسن في القريب العاجل، خاصة مع الإعلان الحكومي عن قرب إجراء إصلاح جذري في "الشركة الوطنية للسكك الحديدية"، ونية الحكومة خصخصة هذه الشركة الوطنية الكبرى.
وهو ما يبشّر بحراك اجتماعي كبير، خاصة، وأن نقابة "سي. جي. تي"، المحسوبة على اليسار، والتي لها تمثيلية الأغلبية في هذه الشركة، وعدت برد قاسّ، داعية المركزيات النقابية الخمس للوحدة.
ولم يتردد أمينها العام، فيليب مارتينيز، من الآن، في الإعلان عن تظاهرة كبرى في 22 مارس/آذار، مهدّدا بأنه في حال الإضراب فلن "يتحرك قطار، ولن يستطيع أحد الحركة"، في إشارة تهديدية إلى إضراب 1955 ضد إصلاح ألان جوبيه للتقاعد.
ويقترح التقرير الذي أشرف عليه، بطلب من وزارة النقل، المدير العام السابق للخطوط الفرنسية، جان سيريل سبينيتا، إصلاحا لهذه الشركة، التي يتجاوز عجزها ملياري ونصف مليار يورو.
كما يتضمن هذا التقرير، الذي رأت فيه نقابة "سي. جي. تي" رغبةً في تحطيم المَرافق العامة، فتح النقل السككي أمام المنافسة، انسجاما مع القوانين الأوروبية، وتحويل المؤسستين العموميتين اللتين تتكون منهما الشركة، أي قطاع النقل وقطاع البنى التحتية، إلى شركتين مجهولتين، وأيضا إغلاق العديد من الخطوط غير المُربِحة، ثم الإلغاء التدريجي لامتيازات موظفي الشركة الحديدية. وهو ما تعتبره معظم النقابات "سبباً للحرب".
ويعترف الإليزيه، وهو ما فعله الرئيس الفرنسي نفسه في لقائه الأخير مع الصحافيين، بأن تأخر نتائج الإصلاحات، التي يجب انتظار فعاليتها سنة 2020، يدفع الفرنسيين إلى فقدان الصبر بل والاستياء.
ولكن الحكومة، وهي مقبلة على هذا الصدام الجديد، تراهن من جهتها على أن يتخلّى الفرنسيون، بسرعة، عن دعم موظفي السكك الحديدية، خصوصاً إذا أثّر الإضراب، الذي يبدو محتمَلا، على عملهم وتحركاتهم. وهو أملٌ غير مستحيل، نظرا للموقف الشعبي البارد، الذي لم يستطع فعل شيء لوقف إصلاح قانون الشغل المثير للجدل، التي أقرّته الأغلبية البرلمانية المُريحة، على الرغم من أغلبية الفرنسيين، كانت ولا تزال تعارضه.