فرق الأندرغراوند العربية: سبع سنوات دائرية

25 فبراير 2018
فريق "مشروع ليلى" اللبناني (فيسبوك)
+ الخط -
في عام 2011، قرر عز الدين باش شاوش، وزير الثقافة التونسي في الحكومة المؤقتة، أن يجري بعض التعديلات على سياسة مهرجان قرطاج الدولي ليطعمه بنكهة الثورة، تماشيًا مع الحدث السياسي الأبرز على المستوى المحلي والعربي حينذاك؛ إذ إن تنحي زين العابدين بن علي كان بمثابة الإعلان الرسمي عن بداية مرحلة جديدة، مرحلة الربيع العربي.

استعاض المهرجان عن الأغنية العربية الشعبية بالأغنية الملتزمة، ليغيب عن قائمة المشاركين في المهرجان صابر الرباعي وكاظم الساهر ونانسي عجرم، وآخرون ممن اعتادوا المشاركة بهذا المهرجان العريق، ليحل مكانهم أميمة خليل وآمال المثلوثي والعشرات من مغنيي الراب والفرق الموسيقية البديلة. أسس ذلك لظاهرة فنية عربية، حيث زاد عدد الفرق والفنانين الذين اتجهوا نحو الموسيقى البديلة بسبب زيادة الطلب على هذا النمط من الأغاني في تلك المرحلة.

استفادت من هذه الموجة العديد من فرق الموسيقى البديلة، التي كانت ناشطة قبيل الربيع العربي، وكان محتوى أغانيها يكاد يخلو من البعد السياسي، مثل فرقة "كايروكي" المصرية، التي تمكنت من تحقيق شعبية كبيرة بسبب ركوبها للموجة الدارجة، وتقديمها لعدد كبير من الأغاني السياسية بعد عام 2011، كأغنية "إحنا الشعب" و"مطلوب زعيم" وغيرها. وكذلك فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية، التي أنتجت في تلك المرحلة مجموعة من الأغاني التي تلائم ذائقة الجمهور السياسي لثورات الربيع العربي، مثل "إنني منيح" و"غداً يومٌ أفضل" و"للوطن".

زاد من شعبية هذه الفرق واتساع نطاق جمهورها، تخصيص بعض القنوات العربية مساحة خاصة من أوقات عرضها للموسيقى البديلة، مثل برنامج "شرقي غربي" الذي كانت تعرضه قناة "رؤيا" الأردنية، والذي كان يسلط الضوء على الفرق الموسيقية المحلية وبعض العربية، حيث يستضيف في كل حلقة فرقة فنية لتتحدث عن بداياتها، أعضائها، أعمالها الفنية والعديد من الامور الخاصة بها. وكذلك فعل برنامج "البرنامج" الذي كان يقدمه الإعلامي المصري باسم يوسف، وخصص الفقرة الأخيرة منه للإضاءة على نشاط فناني الموسيقى البديلة في العالم العربي.

أغلب هذه البرامج توقفت منذ أعوام، مع تراجع شعبية الأغنية السياسية الملتزمة؛ إلا أن بعض الفرق الموسيقية البديلة تمكنت من اكتساب شعبية كبيرة في تلك المرحلة، وحاولت أن تحافظ على وجودها على الشاشات العربية، فشاركت فرقتا "مشروع ليلى" "جدل" في برنامج "كوك استوديو" مثلًا. بعض الفرق الموسيقية البديلة تمكنت من الاستفادة بشكل كبير من طقوس التغيرات والتحولات التي رافقت ثورات الربيع العربي، وحاولت أن تمتد لما بعد تلك المرحلة، وعلى رأسها فرقة "مشروع ليلى"، التي أعلنت عن رغبتها باحتلال المركز، وتحولت من نمط "الأيندي روك" نحو نمط "البوب" الشعبي في 2014، مع أغنية "3 دقايق"، التي تضمنت إعلان لـ"أبسولوت"، وابتعدت عن الثيمة السياسية بشكل كلي في ألبوم "ابن الليل" (2015)، واكتفت بالتسويق لنفسها من خلال بعض القضايا الهامشية الدارجة، مثل قضية المثلية الجنسية.

إلا أن الحكومات العربية المركزية وقفت في وجه مشروع الفرقة، حين منعتها الحكومة الأردنية أولًا من إحياء الحفلات فيها، وتلا ذلك قرارات الحكومة المصرية التعسفية، التي لاحقت جماهير الفرقة لتحد من انتشارهم، ووجهت إليهم تهمة الفسق والفجور.

أخيرًا، بدأت الأمور تعود لنصابها، وتمكنت الأغنية الشعبية من استعادة مكانتها الطبيعية، فاستضاف مهرجان قرطاج في دورته الأخيرة كلًا من راغب علامة وشيرين، ولم يشارك من المغنين المحسوبين على الموسيقى العربية البديلة سوى أميمة خليل وآمال المثلوثي ومنير الطرودي وعبد الرحمن محمد.

المساهمون