فرقة DMA’s... المزيد من المساحات الفارغة

19 يوليو 2020
هل يرى أحد العالم كما أراه؟ (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، أصدر ثلاثي الروك الأسترالي، DMA’s، ألبوماً جديداً حمل عنوان "The Glow"؛ وهو العمل الثالث في مسيرة الفرقة التي تشكلت في مدينة سيدني قبل ثمانية أعوام. يضم الألبوم إحدى عشرة أغنية. كان من المقرر أن يتم طرحه بتاريخ 23 مارس/ آذار، لكن الفرقة قرّرت تأجيل طرح الألبوم بسبب انتشار جائحة كورونا، التي كان لها أثر كبير على الإنتاج الموسيقي العالمي في الفترة الماضية.

يعتبر الألبوم الجديد بمثابة تحول في مسار DMA’s، ففيه تتخلّى الفرقة عن نمط الـ"إيندي روك" الذي لازمها منذ تأسيسها، لحساب أنماط موسيقية أخرى، كالروك والـ"ريتبوب ريفيفال"، وهو تحول يبدو منطقياً؛ إذ إن الفرقة التي كانت في أعوامها الأولى تتبنّى ثقافة الـ"إيندي روك"، المتمثلة بمبدأ "Less is more"، وترجمته بأغنيتها الفردية الأولى "Delete"، إذ اقتصر اللعب فيها على غناء توماس أوديل المرافق لعزف ماثيو ماسون على الغيتار الكهربائي، وجوني توك على غيتار الأكوستيك؛ سبق لها أن خطت العديد من الخطوات التي تشير إلى تحول محتمل بمسارها، وذلك بعد أن انتقل أعضاؤها إلى بريطانيا للعزف لجمهور نادي إيفرتون الذي يشجعونه.

وسبق أن قام أعضاء DMA’s بالتعبير عن سعيهم للاستفادة من الأنماط الموسيقية التي خالطوها في بريطانيا، مع التشديد على ضرورة دراسة هذه الخطوة بشكل جيد، كي لا يكون التحول سطحياً، يدمج بين موسيقى البوب السائدة في بريطانيا والموسيقى التي يعزفونها بشكل اعتباطي؛ ولا سيما أن الفرقة تمكنت من اكتساب شعبية كبيرة لدى الجمهور الإنكليزي بسبب انتمائها إلى نادٍ عريق في كرة القدم، وبسبب استخدام شركة "EA Sports" أغنيتهم المنفردة "Play it Out" في لعبة "فيفا 2017".

التغيير هو أمر مرتبط بطبيعة الحياة؛ هذه هي النتيجة التي تدفعنا DMA’s للموافقة عليها من خلال أغاني الألبوم ككل

 

في الألبوم الجديد، يتخلى أوديل عن نمط غنائه الكئيب، ويقدم مع فرقته أغاني مبهجة وراقصة. وعلى الإيقاعات السريعة التي يلعب الغيتار الكهربائي فيها دور البطولة، يردد أوديل كلمات مبهجة تحثّ على التغيير والتعاطي مع التحولات الطارئة على الحياة بشكل إيجابي. وهو ما يمكن أن نلتمسه بوضوح في أغنية "Learning Alive"، التي تبدو تبريراً سردياً للتحولات التي طرأت على مسار الفرقة، حيث يقول فيها: "لم أكن خائفاً من الانفتاح، هدمت الجدران للحصول على المزيد من المساحة الفارغة. يوم غد على قيد الحياة وإن بدا مكسوراً، كل ما علينا فعله هو أن ندفع أنفسنا إلى الأمام معاً"، ويضيف في النهاية: "كيف يمكنني أن أخبركم أن نتحسن في الحياة".

التغيير هو أمر مرتبط بطبيعة الحياة؛ هذه هي النتيجة التي تدفعنا DMA’s للموافقة عليها من خلال أغاني الألبوم ككل، التي يتردد في العديد منها جملة: "الحياة تدور" أو "العالم يدور"، بإشارة إلى أن فعل دوران الأرض الذي يتسبب بمرور الزمن، هو ذات الفعل الذي يؤدي للتغيير وتعاقب الليل والنهار والفصول.

لكن بعض الأغاني ترد فيها جمل معترضة، تعكس حالة أكثر انكساراً؛ كما هو الحال في الأغنية الرئيسية في الألبوم "The Glow"، التي يفتتحها أودين بأسئلة تشكك في الوجود والعالم من حوله: "هل يوجد أحد حقيقي؟ هل هنالك من يشعر بذات الشعور؟ هل يرى أحد العالم كما أراه؟"، ويضيف بعد ذلك: "لقد سئمت من متابعة التوهج"؛ لكنه ينهي هذه الجمل التشاؤمية بنتائج تفرض حتمية التغيير، حيث يقول: "لا شيء يتحرك أسرع من الأشياء التي سنعرفها، والوقت الذي يلزم لاستيقاظنا هو ذلك الجزء مني الذي أسمح بعبوره كل ليلة".

ورغم أن مفهوم الزمن والتغيير في أغاني الألبوم يتراوح ما بين القلق الوجودي والتشاؤم وما بين التفاؤل بغد أفضل؛ إلا أن الموسيقى الراقصة والمبهجة تحسم الأمر لصالح التفاؤل. 

المساهمون