بهدف تفعيل طاقات الشباب، خاصة صغار السن الذين يبرزون طاقاتهم في مراحلهم التعليمية المتوسطة، انبثقت فرقة أردنية تعنى بالبحث في التراث الأردني الغني، ضمن رؤية فنية بإحساس عميق بالمكان، بتاريخه وإنسانه، وعلى هذا الأساس تصدّت الدكتورة سهير التل لتأسيس فرقة هيل للثقافة والفنون، في عام 2003، والتي صاغت مشروعها الجمالي والفني من إبداع المكان، متخذة من اللوحات الاستعراضية سبيلاً لتعريف العالم بالتراث الأردني.
وتقدم الفرقة أعمالها الاستعراضية على المسرح بطريقتين وأسلوبين مختلفين، فمرة على نظام (play back) باستخدام أغانٍ أردنية فلكلورية مطورة ومعاد توزيعها موسيقياً، ومرة أخرى عبر تقديم اللوحات الاستعراضية على أنغام الموسيقى الحية، باستخدام آلات كالمجوز والقربة والطبل وبإيقاعات توظف الفلكلور الأردني.
وضمن هذا السياق، شاركت الفرقة في مهرجانات عربية ودولية متعددة، ناثرة الفلكلور الأردني على مشاهديها، كمهرجانات ربيع الفنون في قطر، وشعوب البحر المتوسط في إيطاليا، فضلاً عن مشاركات محلية أردنية في مهرجانات عدة كـمهرجان جرش للثقافة والفنون، فضلاً عن المشاركة في الاحتفالات الوطنية الأردنية.
والتصق اسم الفرقة "هيل" بنبات الهيل الذي ينمو في الصحراء، ويعد نكهةً مميزة للقهوة، والذي يشتهر في مناطق البوادي الأردنية على وجه التحديد، ليكون شعاراً متمازجاً مع اللوحات الاستعراضية التي تقدمها الفرقة في حفلاتها على إيقاع الأغنيات الفلكلورية الأردنية المحدثة موسيقياً.
وتشرح التل الخصوصية التي تتمتع بها "فرقة هيل"، قائلة: "نهتم بتفاصيل العمل الفني بدءاً من الكلمة واللحن ومروراً بالملابس ووصولاً إلى الحركة"، وتصف التل حركات الجسد لأعضاء الفرقة: "كل الفرق تركز على القدمين في الحركة الاستعراضية، بينما "هيل" تركز على كل أعضاء الجسد كالرأس واليدين والقدمين"، ومن يحضر العرض يشعر بوجود تأزر سمعي حركي بصري، في مشهديات مؤثرة للمتلقي والمؤدي، وتتميز بالإحساس العالي أثناء تأدية الرقص، بحيث يندمج الراقصون في اللوحات، اندماجاً كاملاً مع الأغنية.
وتعمل الفرقة على نشر الموروث الأردني عربياً، في محاولة لتقديم الأردن كبلد، بأفضل صورة للعالم، لذلك ينصب تركيز التل على سلوكيات وثقافة أعضاء الفرقة في تقديم بلدهم بالصورة اللائقة، معللة ذلك: "كفرقة نعد سفراء لبلدنا في الخارج، ونحن معرضون لإجراء مقابلات تلفزيونية وصحافية، لذا نولي تنمية الثقافة الوطنية لدى أعضاء الفرقة اهتماماً كبيراً ليمثلوا الأردن بأحسن صورة".
وتبين التل الأهمية التي ينضوي عليها الفلكلور، واصفة إياه بأنه يلامس وجدان ومشاعر الفرد، مؤكدة: "حتى الجمهور الغربي يتفاعل مع الفلكلور"، وتشير التل إلى أن أي فنان عادة يكون خلفه "جيش من الداعمين"، مضيفة: "أنا معي جيش مكون من 26 شاباً وفتاة هم أعضاء الفرقة"، فالفرقة تعمل بدعم ذاتي من أفرادها ومشاركاتها الخارجية.
وعن كيفية تصميمها للوحات الراقصة، تشير: "قبل أن أصمم أية لوحة، أستغرق في الأغنية سماعياً لمدة أسبوع تقريباً، لدرجة أني أشعر وكأني أراها بعيوني، لأن الفن الذي لا تتحرك له كافة حواس الإنسان لا يكون فناً حقيقياً". مضيفة: "نحن نهتم بالكلمة أولاً ثم يأتي دور الإيقاع"، كما تتبع التل في تصميمها للوحات على الحركات، والتي تقسمها إلى نوعين، "الأولى هي حركة الفرد المركزية، والتي تعتمد على التآزر الحركي لدى الفرد"، والثانية الحركة الانتقالية أو الجماعية فتؤكد مفهوم حركة المجموعة ككل.
وتستخدم مصممة الاستعراضات عادة القلم والورقة لرسم الحركة والشكل وتوزيع الأعضاء على المسرح، ولا تقرر الشكل النهائي للرقصة، بل يبقى هذا الشكل عرضة للتجديد إلى أن تصل للشكل النهائي الذي تريده.
وتختار التل أعضاء الفرقة، من أصحاب الأجسام المتناسقة، والذين لديهم حس إيقاعي داخلي، موضحة: "من أول حركة أعرف قدرة الشخص على الأداء"، كما تولي اهتماماً بقدرتهم على العمل ضمن روح الفريق الواحد، والتزامهم بالوقت وتقديرهم للمسرح واحترامه، مضيفة: "العمل الراقي المفعم بالإحساس والذي يحترم الجمهور سيصل لا محالة وبسهوله".
اقرأ أيضا:
أول فرقة موسيقية عربية لا تضم ذكوراً
"بلدنا" الفلسطينية تجمع أرشيف ثلاثة عقود من الغناء