الفخّار الأخضر صناعة تتميّز بها قرية تمكروت، جنوب شرق المغرب. هي صناعة تتوارثها عائلات القرية منذ أربعة قرون تقريباً، وما زالت ستّ منها تحافظ على ذلك بالجودة ذاتها وفي المواقع والأفران ذاتها.
يتحدّر جميع العاملين بهذه الصناعة من "آل الأخضر"، وقد أسسوا تعاونية للحفاظ على مهنتهم والاستفادة من الدعم المادي المقدّم من الجهات الرسمية، بالإضافة إلى حرصهم على تسويق منتجاتهم لتكون علامة سياحية بارزة خاصة بتمكروت.
نجم الأخضر أحد العاملين في التعاونية، يوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "عمليّة صنع الفخّار تمرّ بثلاث مراحل. أوّلها مرحلة البحث عن التراب، تليها مرحلة التشكيل، وآخرها مرحلة الشَّيّ. وعمليّة الشيّ تكون بلونَين مميّزَين، الأخضر والأصفر. وذلك نتيجة مادة الكحل المستخرج من حجر الكبريت، التي يُضاف إليها النحاس في 15 إلى 20 لتراً من المياه. تُطلى الأشكال بالخليط، وبعد 15 دقيقة يشوى لمدة 24 ساعة. حينها يتحوّل اللون الأسود إلى أخضر تحت تأثير حرارة تصل إلى ألف درجة مئوية".
من جهته، يخبر رضوان الأخضر أنّ "البداية تكون عبر جلب التراب أو الصلصال من الجنائن أو الحقول". يحفرون خمسة أمتار في الأرض لاستخراجه، ثم يتركونه تحت أشعة الشمس ليوم واحد، قبل أن يدقّوه ويخلطوه بالمياه ويصفّوه في حُفر منفصلة. بعدها يتركون الخليط ليلة واحدة، ثم يجمعونه ويعجنونه بأيديهم وأقدامهم، ويقطّعونه بحسب المطلوب. يضيف لـ "العربي الجديد": "أصنع الأشكال المتنوعة بحسب طلب السوق. هذا عمل موسميّ، وما من طلبات محدّدة على الدوام". ويتابع أنّ "الشاري يستطيع تمييز فخّار تمكروت، من خلال ضربات ثلاث في وسط الوعاء أو الآنية، بالإضافة إلى اللون الأخضر الذي توارثه الصنّاع منذ القدم والذي يُعدّ علامة دالّة على تمكروت".
اقــرأ أيضاً
بالقرب من رضوان، عامل آخر يضرب الطين المجبول بقدميه، بينما يدير رضوان آلة تشكيل أوانٍ متوسطة الحجم. لكنّه لا يتخلّص من النماذج غير المرغوب فيها، بل يقطعها ويضعها جانباً، ليُعاد استخدامها. ويفضّل استخدامها لصناعة الأواني الفخّارية الكبيرة، بحسب ما يشير رضوان.
بعد مرور ثلاثة أيام على صناعة الأواني بشكلها النهائي، توضع تحت الشمس لمدّة ثلاثة أيام قبل أن تدخل إلى فرن تقليدي. إذا لم تُشْوَ، فإنها سوف تبقى هشّة وتفتتها المياه. والأفران التقليدية التي تعمل على الحطب، موجودة بالقرب من الغرف الموزعة بين العائلات الستّ العاملة في صناعة الفخّار. وهي مبنيّة من الحجر والطين، مثل معظم بيوت القرية. فيها، تُرصف الأواني الفخّارية برفق فوق بعضها بعضاً، قبل أن تُغلق أبواب الأفران بالحجارة والطين وتشعل النار، لتمتدّ العمليّة على أربع ساعات. يقول نجم: "أجدادنا استخدموا هذه الأفران طيلة قرون، ونحن اليوم نفضلها في صناعتنا على الأفران الحديثة".
على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة في تمكروت خلال فصل الصيف، والتي تصل أحياناً إلى 45 درجة مئوية وأكثر، إلّا أنّها لم تمنع الأطفال من أن يركضوا ويمرحوا في ورش العمل ويبدأوا بتعلم المهنة. فتراهم يشكلون حيوانات مثل الجمل والفيل والزرافة من الطين المجبول، أو قد يجلسون وراء الآلة ويصنعون الأواني. هم يرافقون آباءهم. يقول نجم: "نحن لسنا مسؤولين عن جلب الأطفال إلى هنا، لكن عندما يرى الوالد طفله في الورشة، لا يستطيع أن يبقيه خارجاً". يضيف أنّ "هذه طريقة أيضاً يكتسب خلالها الأطفال أولى خطوات صناعة الفخّار".
اليوم، تُعد صناعة الفخّار التقليدية في تمكروت المهنة الوحيدة التي تعيل 128 شخصاً. ويؤكد نجم أنّ "هذه مهنتنا الوحيدة، ولا نفكر كثيراً في مستقبلنا. لكننا نحرص على كسب لقمة عيش كريمة". أمّا رضوان فيرى أنّها "خدمة السهل الممتنع". ويوضح: "يظنّ المرء في الظاهر أنّها سهلة، لكن كلّما غاص فيها اكتشف أنّها أكثر صعوبة".
بعد ورش العمل، تُنقل المنتجات إلى محلات بيع الفخّار بأشكاله الجميلة والجذابة. وأمام العمل الإبداعي لأهل المنطقة، يقف السائح حائراً. لا يعرف ماذا يختار من القطع المعروضة، خصوصاً إن كانت مزخرفة. وأمام محلات بيع الفخّار، يجلس "الزوّاقون"، هؤلاء الذي يزخرفون الأواني ويستخدمون الحناء والأصبغة في التزيين قبل عرضها للبيع. هؤلاء يحرصون على أن تظلّ الزخرفة مغربية أصيلة، من خلال الإشارات والرموز التي تدلل على المنطقة.
اقــرأ أيضاً
يتحدّر جميع العاملين بهذه الصناعة من "آل الأخضر"، وقد أسسوا تعاونية للحفاظ على مهنتهم والاستفادة من الدعم المادي المقدّم من الجهات الرسمية، بالإضافة إلى حرصهم على تسويق منتجاتهم لتكون علامة سياحية بارزة خاصة بتمكروت.
نجم الأخضر أحد العاملين في التعاونية، يوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "عمليّة صنع الفخّار تمرّ بثلاث مراحل. أوّلها مرحلة البحث عن التراب، تليها مرحلة التشكيل، وآخرها مرحلة الشَّيّ. وعمليّة الشيّ تكون بلونَين مميّزَين، الأخضر والأصفر. وذلك نتيجة مادة الكحل المستخرج من حجر الكبريت، التي يُضاف إليها النحاس في 15 إلى 20 لتراً من المياه. تُطلى الأشكال بالخليط، وبعد 15 دقيقة يشوى لمدة 24 ساعة. حينها يتحوّل اللون الأسود إلى أخضر تحت تأثير حرارة تصل إلى ألف درجة مئوية".
من جهته، يخبر رضوان الأخضر أنّ "البداية تكون عبر جلب التراب أو الصلصال من الجنائن أو الحقول". يحفرون خمسة أمتار في الأرض لاستخراجه، ثم يتركونه تحت أشعة الشمس ليوم واحد، قبل أن يدقّوه ويخلطوه بالمياه ويصفّوه في حُفر منفصلة. بعدها يتركون الخليط ليلة واحدة، ثم يجمعونه ويعجنونه بأيديهم وأقدامهم، ويقطّعونه بحسب المطلوب. يضيف لـ "العربي الجديد": "أصنع الأشكال المتنوعة بحسب طلب السوق. هذا عمل موسميّ، وما من طلبات محدّدة على الدوام". ويتابع أنّ "الشاري يستطيع تمييز فخّار تمكروت، من خلال ضربات ثلاث في وسط الوعاء أو الآنية، بالإضافة إلى اللون الأخضر الذي توارثه الصنّاع منذ القدم والذي يُعدّ علامة دالّة على تمكروت".
بالقرب من رضوان، عامل آخر يضرب الطين المجبول بقدميه، بينما يدير رضوان آلة تشكيل أوانٍ متوسطة الحجم. لكنّه لا يتخلّص من النماذج غير المرغوب فيها، بل يقطعها ويضعها جانباً، ليُعاد استخدامها. ويفضّل استخدامها لصناعة الأواني الفخّارية الكبيرة، بحسب ما يشير رضوان.
بعد مرور ثلاثة أيام على صناعة الأواني بشكلها النهائي، توضع تحت الشمس لمدّة ثلاثة أيام قبل أن تدخل إلى فرن تقليدي. إذا لم تُشْوَ، فإنها سوف تبقى هشّة وتفتتها المياه. والأفران التقليدية التي تعمل على الحطب، موجودة بالقرب من الغرف الموزعة بين العائلات الستّ العاملة في صناعة الفخّار. وهي مبنيّة من الحجر والطين، مثل معظم بيوت القرية. فيها، تُرصف الأواني الفخّارية برفق فوق بعضها بعضاً، قبل أن تُغلق أبواب الأفران بالحجارة والطين وتشعل النار، لتمتدّ العمليّة على أربع ساعات. يقول نجم: "أجدادنا استخدموا هذه الأفران طيلة قرون، ونحن اليوم نفضلها في صناعتنا على الأفران الحديثة".
على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة في تمكروت خلال فصل الصيف، والتي تصل أحياناً إلى 45 درجة مئوية وأكثر، إلّا أنّها لم تمنع الأطفال من أن يركضوا ويمرحوا في ورش العمل ويبدأوا بتعلم المهنة. فتراهم يشكلون حيوانات مثل الجمل والفيل والزرافة من الطين المجبول، أو قد يجلسون وراء الآلة ويصنعون الأواني. هم يرافقون آباءهم. يقول نجم: "نحن لسنا مسؤولين عن جلب الأطفال إلى هنا، لكن عندما يرى الوالد طفله في الورشة، لا يستطيع أن يبقيه خارجاً". يضيف أنّ "هذه طريقة أيضاً يكتسب خلالها الأطفال أولى خطوات صناعة الفخّار".
اليوم، تُعد صناعة الفخّار التقليدية في تمكروت المهنة الوحيدة التي تعيل 128 شخصاً. ويؤكد نجم أنّ "هذه مهنتنا الوحيدة، ولا نفكر كثيراً في مستقبلنا. لكننا نحرص على كسب لقمة عيش كريمة". أمّا رضوان فيرى أنّها "خدمة السهل الممتنع". ويوضح: "يظنّ المرء في الظاهر أنّها سهلة، لكن كلّما غاص فيها اكتشف أنّها أكثر صعوبة".
بعد ورش العمل، تُنقل المنتجات إلى محلات بيع الفخّار بأشكاله الجميلة والجذابة. وأمام العمل الإبداعي لأهل المنطقة، يقف السائح حائراً. لا يعرف ماذا يختار من القطع المعروضة، خصوصاً إن كانت مزخرفة. وأمام محلات بيع الفخّار، يجلس "الزوّاقون"، هؤلاء الذي يزخرفون الأواني ويستخدمون الحناء والأصبغة في التزيين قبل عرضها للبيع. هؤلاء يحرصون على أن تظلّ الزخرفة مغربية أصيلة، من خلال الإشارات والرموز التي تدلل على المنطقة.