يحذر نائب رئيس الوزراء الصومالي، مهدي محمد جوليد من مخاطر استمرار عمليات إنتاج الفحم النباتي لتلبية الطلب الخارجي، لما لها من مخاطر على البيئة الصومالية، مطالباً في الوقت نفسه الإدارات المحلية لأقاليم الجمهورية الفيدرالية والشعب الصومالي بالتصدي للقطع الجائر للأشجار المستغلة في تلك العملية، التي تُعدّ مصدراً هاماً لتمويل حركة الشباب والتي تستخدم العائدات الضريبية الناتجة عنها لتمويل التفجيرات والعمليات الإرهابية.
ويصدّرُ الصومال 260 ألف طن من الفحم سنوياً، في الوقت الذي يتراوح فيه حجم الاستهلاك المحلي بين خمسين ألف طن وحتى ستين ألف طن، ما يعني أن خمسة أضعاف حاجة السوق المحلي من الفحم تذهب إلى خارج البلاد لتدر العملة الصعبة على من يعملون في تلك التجارة كما يؤكد جوليد، والذي كرر في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر "إيقاف تجارة الفحم الخشبي غير القانونية" في 7 مايو/أيار الماضي، مطالبة الحكومة الصومالية للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتعاون لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2036 لعام 2012 والذي يشدد على الحظر التام لتصدير الفحم واستيراده من الصومال إذ تشكل تلك التجارة مصدراً مهماً لإيرادات حركة الشباب، كما تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وفق القرار.
ولا تزال الإمارات، لا سيما ميناء الحمرية، هي واجهة التصدير الرئيسية، وفق ما يؤكده تقرير فريق الرصد المعني بالصومال وإريتريا الموجه إلى رئيس لجنة مجلس الأمن العاملة بموجب القرارين 751 و1907 الصادر في 2 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2017، وبلغ عدد مواقع إنتاج الفحم في الصومال 26 ألف موقع، بحسب التقرير الذي لفت إلى أن العام 2017 شهد إضافة أربعة آلاف موقع في محافظتي جوبا السفلى وجوبا الوسطى الخاضعتين لسيطرة مقاتلي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتقدر عائدات حركة الشباب بـ 10 ملايين دولار سنوياً، من جباية الضرائب على الشاحنات التي تنقل الفحم إلى منافذ تصديرها إذ أقامت نقاط تفتيش على الطرق الممتدة من مناطق الإنتاج حتى الموانئ، ومنها ميناء كيسمايو المنفذ الرئيسي الواقع جنوبي غرب مقديشو الذي تغادر منه 15 سفينة شهرياً محملة بالفحم الصومالي المهرب ويبلغ المعدل الضريبي 2.5 دولار لكل كيس من الفحم أو 750 دولاراً للشاحنة المحملة بالفحم، وفقاً للتقرير ذاته.
اقــرأ أيضاً
كيف تتم عملية التحايل على القرارات الأممية؟
تنتشر إعلانات بيع الفحم الصومالي في الإمارات على مواقع إلكترونية تجارية، وتتبَّع مُعدّ التحقيق ثلاثة تجار تواصل معهم هاتفياً عبر تطبيق "واتساب"، خلال الفترة من 15 إبريل/نيسان حتى 30 إبريل/نسيان الماضي، وهم علي عبد السلام، وعبدالله دلمر، وراغب بن سنان، ويؤكد التجار الثلاثة أن الفحم الصومالي ما زال يصل إلى الإمارات العربية المتحدة، ولكن بكميات أقل في الشحنة الواحدة، حتى لا يكشف الأمر بسبب الحظر المفروض على تصدير الفحم الصومالي.
اثنان من التجار الثلاثة الذين يعلنون عن الفحم الصومالي في موقعي "أكافي الصناعي، وعالم التجارة" مع إرفاق أرقام هواتفهم في تلك الإعلانات، ما زالوا يستوردون الفحم الصومالي إلى الإمارات، أكّدا لمعد التحقيق الذي عرض عليهم شراء كمية من الفحم الصومالي أن لديهما الاستعداد بتزويده بالفحم أين ما كان، المهم أن يصل عبر دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويقول التاجر عبدالله دلمر أن السفينة الواحدة التي تنطلق من الصومال تحمل 30 ألف كيس من الفحم، مضيفاً أن السفن التي تحمل البضائع إلى الصومال هي ذاتها التي تحمل الفحم الصومالي عند العودة إلى الإمارات، فيما يؤكد راغب الذي توقف عن تجارة الفحم الصومالي أن بعض السفن التي تحمل الفحم الصومالي المهرب تمر عبر موانئ جيبوتي، ثم الإمارات باعتبار بلد منشأ الفحم هي جيبوتي، وليس من الصومال، وهو ما أكده تقرير فريق الرصد الأممي، والذي جاء فيه أن تجار الفحم يقومون باستصدار مستندات الجمارك وشهادات المنشأ المزورة لتيسير الاستيراد غير المشروع للفحم الصومالي المهرب، ووجد فريق الرصد أن النوع الأكثر شيوعاً هو مستندات المنشأ الجيبوتية المزيفة إذ جرى تداول هذه الوثائق بميناء الحمرية الإماراتي، وتتبع فريق الرصد هذه الوثائق المزورة وحصل على نفي من السلطات الجيبوتية بتصدير الفحم إلى الإمارات، وأخيراً تمكن خبراء الفريق من فك طلاسم هذه الوثائق، إذ تبين أن مواطناً جيبوتياً يُدعى "بشير خليف موسى" مقيم في دبي هو مصدر هذه الوثائق المزورة، وعندما عرضت المجموعة هذه الوثائق المزورة على السفير الجيبوتي في أبوظبي عثمان م. درار، للتعليق عليها طلب منهم متابعة ذلك مع السلطات المختصة.
وبينت أنماط تجارة الفحم الصومالي غير المشروع وجود شبكات إجرامية عابرة للحدود تعمل في الإمارات والصومال، اتخذت هيكلاً أكثر رسمية عبر شركة كل النجوم التجارية العامة التي تشمل موردي ومتاجري ومستثمري الفحم الرئيسيين في دبي وكيسمايو، وفقاً للتقرير الذي تحدث عن علاقات لم يتسن التأكد منها بين كل النجوم وحركة الشباب.
وتؤكد مصادر صومالية أن ميناء كيسمايو بإقليم جوبا السفلى عاود عملية تصدير الفحم ليلاً رغم الحظر الأممي والحكومي لتصدير الفحم من الموانئ الصومالية، إذ يتم التصدير عبر سفن كبيرة قادمة من المحيط الهندي، بعد ما تفرغ السيارات حمولتها عند مدخل الميناء قبل أن يتم نقلها إلى السفن، الأمر الذي يراه خبير المشاريع البيئية في الأمم المتحدة عبدالقادر رفيق يأتي ضمن وتيرة ارتفاع تصدير الفحم الصومالي إلى الخارج خلال السنوات الأخيرة، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن "عدم الاستقرار الأمني في الصومال أدى إلى هذا الارتفاع"، مضيفاً أن "الأمم المتحدة تسعى للتعاون مع الدول التي تستقبل واردات الفحم من الصومال، ودفع هذه الدول لاستصدار قرارات وسياسات تمنع استيراد الفحم".
التصحّر في الصومال
يؤكد نائب رئيس الوزراء الصومالي، مهدي محمد جوليد أن نحو 8.3 ملايين شجرة قُطعت خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي سيحول البلد إلى صحارى قاحلة تستحيل فيها الحياة، وهو ما يتفق معه مصدر حكومي صومالي (فضل عدم الكشف عن اسمه) قائلاً "تجارة وتصدير الفحم ستستمر طالما أن الحكومة المركزية ضعيفة، وهناك إدارات إقليمية مبنية على أسس عشائرية، ولا تتماشى مع التوجهات السياسية للحكومة المركزية، ومن هذه الأقاليم، إقليم جوبالاند في أقصى جنوب الصومال الذي يدير ميناء كيسمايو المصدر عبره أكثر من 90% من الفحم المهرب"، غير أن الخبير في مكافحة التصحر عبدالغني أحمد فارح يقول لـ"العربي الجديد" إن "على الحكومة التحرك على المستوى السياسي والدبلوماسي للطلب من الحكومات المستوردة للفحم، التعاون معها لوقف النزيف البيئي الذي يتعرض له الصومال".
ويؤكد فارح أن الخلل في استمرار تصدير الفحم يعود إلى سببين، الأول أن الصومال خرج من مرحلة الحرب الأهلية إلى مرحلة تدخل قوى أمنية خارجية في الشؤون الأمنية الصومالية، والثاني هو أن الحكومات السابقة لم يكن بمقدورها الوصول إلى عمق المناطق التي تشهد قطع الأشجار، لكن حالياً الوضع الأمني تحسن نسبياً والحكومة الحالية تملك هامشاً من الحرية، تستطيع أن تتحرك لتصل إلى 50% من المناطق التي يحدث فيها قطع الأشجار، والموانئ كلها تحت السيطرة، إما من قبل الحكومة المركزية أو من قبل الأقاليم الإدارية، مما يعني إمكانية وسهولة التحكم بالمنافذ البحرية.
وتسبب تصدير الفحم بموجة تصحر تهدد حياة البدو الرحل ومواشيهم والذين يشكلون 70% من الصوماليين الذين يبلغ عددهم 14.32 مليوناً بحسب فارح، والذي تابع "التصحر سيؤدي إلى تغير مناخي سيؤثر بدوره على هطول الأمطار والتأخر عن مواسمها، وسيساهم في حدوث الكوارث الطبيعية، وإلى جانب العوامل الأخرى فإن إزالة الأشجار تدفع التراب في ضفاف النهر إلى عمق النهر، ما سيرفع منسوب مياه نهر شبيلي، ليفيض بمجرد هطول الأمطار، أو وصول سيول من المرتفعات".
إجراءات حكومية غير كافية
تعرضت البيئة الصومالية لهجمة شرسة بعد عام 1991، إذ تم قطع عدد كبير من الأشجار، وفق تأكيد نائب رئيس الوزراء الصومالي، مهدي محمد جوليد والذي قال أن الحكومة الصومالية تصدت لهذا الأمر بالتعاون مع الأمم المتحدة عبر دعم حظر تصدير الفحم الصومالي المهرب والاتجار به.
والخطوة الثانية التي قام بها مجلس الوزراء الصومالي، هي إصدار قرار يحظر تصدير الفحم الصومالي إلى دول الخليج وإيران نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي، كما يكمل جوليد قائلا : "علينا أن نتحد حكومة وشعباً، الحكومة المركزية والأقاليم الإدارية من أجل صدّ موجة التصحّر، وإلا ستتضرر المواشي ولن تحصل على علف تقتات به، بدون الأشجار لن يكون هناك مواسم للأمطار"، لكن الخبير فارح يرى أنه يجب الوصول ميدانياً إلى الريف والقرى التي تشهد قطع الأشجار، داعياً الحكومة إلى الانتقال من مرحلة المؤتمرات إلى مرحلة العمل الميداني لمعالجة المشكلة، قائلاً إن "معظم الأراضي الصومالية مستقرة أمنياً ويمكن القيام بزيارات ميدانية، لدينا جامعات وفيها من الكوادر ما يكفي للقيام بهذا العمل، لابد أن نحافظ على مستقبل أبنائنا ومواجهة مخاطر الجفاف والإضرار المتعمد ببيئة الصومال" .
ويصدّرُ الصومال 260 ألف طن من الفحم سنوياً، في الوقت الذي يتراوح فيه حجم الاستهلاك المحلي بين خمسين ألف طن وحتى ستين ألف طن، ما يعني أن خمسة أضعاف حاجة السوق المحلي من الفحم تذهب إلى خارج البلاد لتدر العملة الصعبة على من يعملون في تلك التجارة كما يؤكد جوليد، والذي كرر في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر "إيقاف تجارة الفحم الخشبي غير القانونية" في 7 مايو/أيار الماضي، مطالبة الحكومة الصومالية للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتعاون لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2036 لعام 2012 والذي يشدد على الحظر التام لتصدير الفحم واستيراده من الصومال إذ تشكل تلك التجارة مصدراً مهماً لإيرادات حركة الشباب، كما تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وفق القرار.
ولا تزال الإمارات، لا سيما ميناء الحمرية، هي واجهة التصدير الرئيسية، وفق ما يؤكده تقرير فريق الرصد المعني بالصومال وإريتريا الموجه إلى رئيس لجنة مجلس الأمن العاملة بموجب القرارين 751 و1907 الصادر في 2 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2017، وبلغ عدد مواقع إنتاج الفحم في الصومال 26 ألف موقع، بحسب التقرير الذي لفت إلى أن العام 2017 شهد إضافة أربعة آلاف موقع في محافظتي جوبا السفلى وجوبا الوسطى الخاضعتين لسيطرة مقاتلي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتقدر عائدات حركة الشباب بـ 10 ملايين دولار سنوياً، من جباية الضرائب على الشاحنات التي تنقل الفحم إلى منافذ تصديرها إذ أقامت نقاط تفتيش على الطرق الممتدة من مناطق الإنتاج حتى الموانئ، ومنها ميناء كيسمايو المنفذ الرئيسي الواقع جنوبي غرب مقديشو الذي تغادر منه 15 سفينة شهرياً محملة بالفحم الصومالي المهرب ويبلغ المعدل الضريبي 2.5 دولار لكل كيس من الفحم أو 750 دولاراً للشاحنة المحملة بالفحم، وفقاً للتقرير ذاته.
كيف تتم عملية التحايل على القرارات الأممية؟
تنتشر إعلانات بيع الفحم الصومالي في الإمارات على مواقع إلكترونية تجارية، وتتبَّع مُعدّ التحقيق ثلاثة تجار تواصل معهم هاتفياً عبر تطبيق "واتساب"، خلال الفترة من 15 إبريل/نيسان حتى 30 إبريل/نسيان الماضي، وهم علي عبد السلام، وعبدالله دلمر، وراغب بن سنان، ويؤكد التجار الثلاثة أن الفحم الصومالي ما زال يصل إلى الإمارات العربية المتحدة، ولكن بكميات أقل في الشحنة الواحدة، حتى لا يكشف الأمر بسبب الحظر المفروض على تصدير الفحم الصومالي.
اثنان من التجار الثلاثة الذين يعلنون عن الفحم الصومالي في موقعي "أكافي الصناعي، وعالم التجارة" مع إرفاق أرقام هواتفهم في تلك الإعلانات، ما زالوا يستوردون الفحم الصومالي إلى الإمارات، أكّدا لمعد التحقيق الذي عرض عليهم شراء كمية من الفحم الصومالي أن لديهما الاستعداد بتزويده بالفحم أين ما كان، المهم أن يصل عبر دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويقول التاجر عبدالله دلمر أن السفينة الواحدة التي تنطلق من الصومال تحمل 30 ألف كيس من الفحم، مضيفاً أن السفن التي تحمل البضائع إلى الصومال هي ذاتها التي تحمل الفحم الصومالي عند العودة إلى الإمارات، فيما يؤكد راغب الذي توقف عن تجارة الفحم الصومالي أن بعض السفن التي تحمل الفحم الصومالي المهرب تمر عبر موانئ جيبوتي، ثم الإمارات باعتبار بلد منشأ الفحم هي جيبوتي، وليس من الصومال، وهو ما أكده تقرير فريق الرصد الأممي، والذي جاء فيه أن تجار الفحم يقومون باستصدار مستندات الجمارك وشهادات المنشأ المزورة لتيسير الاستيراد غير المشروع للفحم الصومالي المهرب، ووجد فريق الرصد أن النوع الأكثر شيوعاً هو مستندات المنشأ الجيبوتية المزيفة إذ جرى تداول هذه الوثائق بميناء الحمرية الإماراتي، وتتبع فريق الرصد هذه الوثائق المزورة وحصل على نفي من السلطات الجيبوتية بتصدير الفحم إلى الإمارات، وأخيراً تمكن خبراء الفريق من فك طلاسم هذه الوثائق، إذ تبين أن مواطناً جيبوتياً يُدعى "بشير خليف موسى" مقيم في دبي هو مصدر هذه الوثائق المزورة، وعندما عرضت المجموعة هذه الوثائق المزورة على السفير الجيبوتي في أبوظبي عثمان م. درار، للتعليق عليها طلب منهم متابعة ذلك مع السلطات المختصة.
وبينت أنماط تجارة الفحم الصومالي غير المشروع وجود شبكات إجرامية عابرة للحدود تعمل في الإمارات والصومال، اتخذت هيكلاً أكثر رسمية عبر شركة كل النجوم التجارية العامة التي تشمل موردي ومتاجري ومستثمري الفحم الرئيسيين في دبي وكيسمايو، وفقاً للتقرير الذي تحدث عن علاقات لم يتسن التأكد منها بين كل النجوم وحركة الشباب.
وتؤكد مصادر صومالية أن ميناء كيسمايو بإقليم جوبا السفلى عاود عملية تصدير الفحم ليلاً رغم الحظر الأممي والحكومي لتصدير الفحم من الموانئ الصومالية، إذ يتم التصدير عبر سفن كبيرة قادمة من المحيط الهندي، بعد ما تفرغ السيارات حمولتها عند مدخل الميناء قبل أن يتم نقلها إلى السفن، الأمر الذي يراه خبير المشاريع البيئية في الأمم المتحدة عبدالقادر رفيق يأتي ضمن وتيرة ارتفاع تصدير الفحم الصومالي إلى الخارج خلال السنوات الأخيرة، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن "عدم الاستقرار الأمني في الصومال أدى إلى هذا الارتفاع"، مضيفاً أن "الأمم المتحدة تسعى للتعاون مع الدول التي تستقبل واردات الفحم من الصومال، ودفع هذه الدول لاستصدار قرارات وسياسات تمنع استيراد الفحم".
التصحّر في الصومال
يؤكد نائب رئيس الوزراء الصومالي، مهدي محمد جوليد أن نحو 8.3 ملايين شجرة قُطعت خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي سيحول البلد إلى صحارى قاحلة تستحيل فيها الحياة، وهو ما يتفق معه مصدر حكومي صومالي (فضل عدم الكشف عن اسمه) قائلاً "تجارة وتصدير الفحم ستستمر طالما أن الحكومة المركزية ضعيفة، وهناك إدارات إقليمية مبنية على أسس عشائرية، ولا تتماشى مع التوجهات السياسية للحكومة المركزية، ومن هذه الأقاليم، إقليم جوبالاند في أقصى جنوب الصومال الذي يدير ميناء كيسمايو المصدر عبره أكثر من 90% من الفحم المهرب"، غير أن الخبير في مكافحة التصحر عبدالغني أحمد فارح يقول لـ"العربي الجديد" إن "على الحكومة التحرك على المستوى السياسي والدبلوماسي للطلب من الحكومات المستوردة للفحم، التعاون معها لوقف النزيف البيئي الذي يتعرض له الصومال".
ويؤكد فارح أن الخلل في استمرار تصدير الفحم يعود إلى سببين، الأول أن الصومال خرج من مرحلة الحرب الأهلية إلى مرحلة تدخل قوى أمنية خارجية في الشؤون الأمنية الصومالية، والثاني هو أن الحكومات السابقة لم يكن بمقدورها الوصول إلى عمق المناطق التي تشهد قطع الأشجار، لكن حالياً الوضع الأمني تحسن نسبياً والحكومة الحالية تملك هامشاً من الحرية، تستطيع أن تتحرك لتصل إلى 50% من المناطق التي يحدث فيها قطع الأشجار، والموانئ كلها تحت السيطرة، إما من قبل الحكومة المركزية أو من قبل الأقاليم الإدارية، مما يعني إمكانية وسهولة التحكم بالمنافذ البحرية.
وتسبب تصدير الفحم بموجة تصحر تهدد حياة البدو الرحل ومواشيهم والذين يشكلون 70% من الصوماليين الذين يبلغ عددهم 14.32 مليوناً بحسب فارح، والذي تابع "التصحر سيؤدي إلى تغير مناخي سيؤثر بدوره على هطول الأمطار والتأخر عن مواسمها، وسيساهم في حدوث الكوارث الطبيعية، وإلى جانب العوامل الأخرى فإن إزالة الأشجار تدفع التراب في ضفاف النهر إلى عمق النهر، ما سيرفع منسوب مياه نهر شبيلي، ليفيض بمجرد هطول الأمطار، أو وصول سيول من المرتفعات".
إجراءات حكومية غير كافية
تعرضت البيئة الصومالية لهجمة شرسة بعد عام 1991، إذ تم قطع عدد كبير من الأشجار، وفق تأكيد نائب رئيس الوزراء الصومالي، مهدي محمد جوليد والذي قال أن الحكومة الصومالية تصدت لهذا الأمر بالتعاون مع الأمم المتحدة عبر دعم حظر تصدير الفحم الصومالي المهرب والاتجار به.
والخطوة الثانية التي قام بها مجلس الوزراء الصومالي، هي إصدار قرار يحظر تصدير الفحم الصومالي إلى دول الخليج وإيران نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي، كما يكمل جوليد قائلا : "علينا أن نتحد حكومة وشعباً، الحكومة المركزية والأقاليم الإدارية من أجل صدّ موجة التصحّر، وإلا ستتضرر المواشي ولن تحصل على علف تقتات به، بدون الأشجار لن يكون هناك مواسم للأمطار"، لكن الخبير فارح يرى أنه يجب الوصول ميدانياً إلى الريف والقرى التي تشهد قطع الأشجار، داعياً الحكومة إلى الانتقال من مرحلة المؤتمرات إلى مرحلة العمل الميداني لمعالجة المشكلة، قائلاً إن "معظم الأراضي الصومالية مستقرة أمنياً ويمكن القيام بزيارات ميدانية، لدينا جامعات وفيها من الكوادر ما يكفي للقيام بهذا العمل، لابد أن نحافظ على مستقبل أبنائنا ومواجهة مخاطر الجفاف والإضرار المتعمد ببيئة الصومال" .