فجيعة الرجل الفلسطيني كبيرة، ويعجز عن السيطرة على انفعالاته. وهل ضبط النفس أمر لا بدّ منه؟ لو كانت امرأة تنتحب في ظرف مماثل، هل كان أحد ليلوم انتحابها وعدم تماسكها وانفعالها؟ هل كان أحد ليشجب "هشاشة" أو "ضعف" ما؟
المزارع الفلسطيني منكوب. هو لم يخسر محصوله الأخير، ولم تضع قوات الاحتلال الإسرائيلي يدها على حقله، ولم تجرف بيته. هو ابن غزة وكان يشارك في جنازة أحد أبناء أرضه بعدما أرداه الاحتلال قتيلاً.
أمس الأحد، شيّع عشرات الفلسطينيين في مدينة خان يونس، جنوبيّ قطاع غزة، محمد عطا أبو جامع الذي استشهد بعد ساعات قليلة من إصابته برصاص أطلقته صوبه قوات الاحتلال الإسرائيلي، في أثناء عمله في حقله الزراعي. الرجل الذي كان يبلغ من العمر تسعة وخمسين عاماً، كان يحاول الاهتمام بتلك الأرض التي ورثها، لعلّها تؤمّن قوت عائلته. هي لم تخذله في يوم.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، قد أعلنت مساء السبت عن استشهاد أبو جامع، وأوضح المتحدث الرسمي باسمها، أشرف القدرة، أنّه "استشهد متأثراً بجراح في ظهره، بعد تعرّضه لطلق ناري من قبل جنود إسرائيليين على الحدود الشرقية لخان يونس". حتى كتابة هذه الأسطر، لم يصدر أيّ تعقيب من قبل الاحتلال حول عملية إطلاق النار تلك. لكن يبدو أنّ مطلقي النار لم يتجرّؤوا على مواجهة ذلك الصامد في أرضه رغم الحصار، فأتت الجراح "في ظهره".
(العربي الجديد)