فتحية العسال... الموت يهزم قاهرة المستحيل

وكانت الكاتبة المصرية، المعروفة بنصرة المرأة، تؤمن بقوّة المرأة العربية، والمصرية على وجه الخصوص، وتجلّى ذلك في مسلسل "هي والمستحيل"، الذي أخرجته إنعام محمد علي عام 1979، وقامت ببطولته النجمة، صفاء أبو السعود، التي لم تعرف المستحيل، وتحدّت صعوبات المجتمع وتعلّمت بنفسها القراءة والكتابة إلى جانب مسؤولياتها كأمّ... لتكون نموذجاً لنساء فتحية العسال، اللواتي لا يعترفن بهذا المصطلح الخيالي الذي يدعى "المستحيل".

رصدت الراحلة من خلال عملها الأدبي، "حضن العمر"، الذي كتبته باللغة العامية وأصدرته منذ 12 عاماً، حياتها الشخصية ومعاناتها، وفجّرت وقتها مفاجأة بالإعلان عن سبب طلبها الطلاق من زوجها، الكاتب النضالي عبد الله الطوخي، حيث أشارت إلى أن السبب يعود إلى رغبتها في الاستقلالية، وضيقها بكافة أشكال التسلّط التي كان يمارسها عليها زوجها، مرجعة ذلك إلى تكوينها النفسي.

كما تكلّمت عن نشوئها في أسرة بسيطة، حرمتها من التعليم بسبب نظرتها الضيقة إلى المرأة، وتمّت ممارسة أشكال القهر كافة عليها ، ولم تنسَ طوال حياتها ما فعله شقيقها حسني بها، حينما لمحها ذات مرّة تطلّ من نافذة منزلهم، فقام بقصّ شعرها عقاباً لها على الجريمة المجتمعية، التي فعلتها، وأهانت بها شرف العائلة.

تعرّضت فتحية العسال للسجن والاعتقال لانضمامها إلى أحزاب سرّية، ولكنّها كثيراً ما كانت تؤكّد أنّها تعلّمت الكثير في السجن، واكتشفت أشياء لم تكن تعرف عنها شيئاً، وكتبت بعد تجربتها تلك: "لقد أثّرت حكايات السجينات فيّ، وعند إقدامي على كتابة نص "سجن النساء" وصلتُ إلى نتيجة أنّ المسجونات المجرمات كنّ نتيجة ولسن سبباً. أما السبب فهو الظرف الاجتماعي والاقتصادي، ومن هنا، زاد عندي اليقين بالنضال من أجل تغيير المجتمع. هذا هو الارتباط الذي حدث عندي نتيجة تجربة السجن".