في أحد أيام الحرب المستشرية في البلاد، تركت فاطمة أديب العلي منزلها ومدرستها في منطقة الشيخ مسكين في محافظة درعا (جنوب سورية)، لتلجأ مع عائلتها إلى الأراضي الأردنية. استقروا في مخيّم الزعتري الصحراوي للاجئين السوريين، "وقد عانينا الأمرّين هناك.. الذل والقهر والجوع والفقر".
نحو ثمانية أشهر، بقيت العائلة في المخيّم، قبل أن تنتقل إلى منطقة حوارة في إربد وتبدأ رحلة البحث عن علاج للكلى لشقيق فاطمة. ومنذ ذلك الحين، تعيش العائلة في منزل يعرف بـ "التسوية"، وهو مسكن تحت الأرض ولا يحتوي على أي منافذ للتهوية أو الإضاءة.
على الرغم من كل ذلك، وجدت فاطمة (16 عاماً) في الانتقال فرصة لتبحث عن مدرسة تستطيع إكمال تعليمها بها. تقول إن "العقبة الأولى كانت في التسجيل في المدرسة، لكن جارتنا أردنية وساعدتني كثيراً". كذلك، لم تكن الفترة الأولى من الدوام سهلة على فاطمة، إذ "بالإضافة إلى اختلاف المناهج ومصاعب تأمين مصاريف الدراسة، كنت أتعرض لبعض المضايقات من بعض التلميذات أنني لاجئة. وترافق ذلك بنوع من الغيرة حين حصلت على المرتبة الأولى في الصف الحادي عشر". تضيف أن "المدرّسات كنّ يشجعنني كثيراً ويضربن بي المثل في الصف. وكان لهنّ فضل كبير في دفعي إلى الأمام".
في تلك الأثناء راحت ظروف العائلة تسوء أكثر فأكثر، "مع الضغوطات من قبيل تأمين المال لتسديد إيجار المنزل، وقطع المعونة الغذائية التي كنا نحصل عليها، بالإضافة إلى مرض أخي". وتشير إلى أن "أبي مسنّ ولم يعد قادراً على العمل، وأمي تعاني من السكري".
وفي حين ينتشر زواج القاصرات في أوساط اللاجئين السوريين في الأردن، خصوصاً هؤلاء الذين يعيشون ظروفاً قاسية، بقيت عائلة فاطمة داعمة لها لإكمال تعليمها. تقول: "علمني والداي أن الشهادة سلاح بيد الفتاة، تواجه به غدر الزمن وتتغلب على الظروف الصعبة. دعمهما جعلني مصرّة أكثر على التفوّق لأدخل كلية الحقوق". لذا، تقدمت فاطمة إلى امتحان الدورة الشتوية للثانوية العامة للفرع الأدبي في الأردن، وحصلت على معدل 91.8%، لتتفوق على آلاف من زملائها، وتحصد المرتبة الثانية على مستوى المملكة الأردنية. وقد أهدت فاطمة نجاحها لبلدها سورية.
معدل فاطمة يؤهلها اليوم للالتحاق بكل الفروع الجامعية المتاحة للتخصص الأدبي، إلا أن عقبتها الأساسية هي في تأمين تكاليف الدراسة الباهظة بالنسبة إلى عائلتها.
اقرأ أيضاً: مبادرة تعليمية لأطفال اللجوء من "تلفزيون ج" و"أونروا"