فاطمة الزهراء المعموري.. العمل التطوعي في مواجهة السلطة ثم كورونا

15 مايو 2020
تركت عملها لتساعد المحتجّين في بغداد (فيسبوك)
+ الخط -
تركت فاطمة الزهراء المعموري عملها في شمال العراق لتعود أدراجها إلى بيت العائلة في بغداد، للمشاركة في احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

استغرقت رحلة المعموري يوماً ونصف اليوم تقريباً، لأنّ كلّ الطرق المؤدّية إلى بغداد كانت شبه مغلقة جراء فرض حظر التجوّل. 

ما أن استقرّت في بيتها، حتى بدأت بممارسة نشاطها على صفحتها على موقع فيسبوك، لجمع تبرّعات للمحتجّين، فتلقّت اتصالات من زملاء لها أخبروها بأنّ هناك قتلى في صفوف المحتجين.

تقول الناشطة المعموري في حديث لـ"العربي الجديد": "حين اشتدّت وتيرة الاحتجاجات، وسقط عدد من الشهداء، قررت المشاركة عن طريق العمل التطوعي، الذي أمارسه منذ 5 سنوات".

نشرت المعموري العديد من المنشورات على موقع فيسبوك، تطلب فيها جمع التبرّعات للمحتجّين.. وتوالت التبرّعات من بعدها.

تضيف المعموري: "الدعم المجتمعي الذي لاقته ثورة أكتوبر منقطع النظير.. الكلّ يريد المشاركة. أذكر أنّ امرأة فقيرة اتصلت بي وطلبت أن تتبرّع بما تملكه، وكان عبارة عن علبة زيت عباد الشمس وكيس رز صغير وعلبة معجون طماطم ومبلغ مالي قدره 25 ألف دينار (21 دولارا أميركيا)".

واظبت المعموري على التواجد في ساحة التحرير (مركز احتجاجات العراق)، رغم سوء الأوضاع هناك، بعدما كثّفت الجهات الأمنية من استخدام القنابل المسيّلة للدموع، التي تسبّبت بمقتل أكثر من متظاهر جرّاء استقرارها في رؤوسهم.

لم يقتصر عمل المعموري على ذلك، بل راحت تجمع التبرّعات لتوفير بعض الأدوية التي يحتاجها المتظاهرون، فوصلتها لهذه الغاية تبرّعات كثيرة من أصدقاء، من داخل العراق وخارجه.

تقول فاطمة الزهراء إنّ "أصحاب مذاخر الأدوية تعاونوا معي ومع كل من كان يشتري دواء للمحتجّين.. إنسانيتهم تفوق الوصف".


غرفة عمليات سرية
وتكشف فاطمة الزهراء أنّه "في ساحة التحرير كانت هناك غرفة عمليات صغيرة سرية، ساهمت في إنقاذ حياة العديد من المصابين الذين تعذّر نقلهم إلى المستشفيات المكتظّة بمصابي التظاهرات".

وعند سؤالها عن سبب دخولها مضمار العمل التطوعي رغم أنّه عمل محفوف بالمخاطر في العراق، أجابت المعموري: "إنه شعور داخلي وليس له تبرير. فأنت عندما تسأل شخصاً عن حبه لآخر هو لا يستطيع الإجابة. كذلك العمل التطوعي هو حب نابع من عاطفة، تشعر بالراحة حين تقوم به". نسألها عن الخوف بعد عودتها من ساحة التحرير، فتجيب: "لم أكن خائفة، لأنني مسالمة مع الجميع. لكنني كنت قلقة من خوف أهلي عليّ". الكثير من المشاهد علقت في ذهن فاطمة الزهراء، أبرزها انعدام التحرش بالنساء (بحسب ما تقول)، إذ هي تعتبرها "ثورة أخلاق" قبل أن تكون ثورة وطن.

وتشير إلى أنّ ساحات الاحتجاج، في عموم العراق، ساهمت بولادة "ثقافة التعامل مع الجنس الآخر" بعدما كانت غائبة عن المجتمع.

مستقبل الاحتجاجات
تقول المعموري إنّه "من الصعب تحديد مصير الاحتجاجات في ظلّ الضبابية التي ولّدها فيروس كورونا على أجواء العالم"، لكنها تأمل من الطبقة السياسية أن "تستجيب لمطالب الشعب إكراماً لدماء الشهداء".

تكمل المعموري حديثها لتسرد بداية عملها التطوعي في مواجهة وباء كورونا، وتقول: "مع بداية فرض حظر التجوّل جرّاء تفشي كورونا، بدأت بالتفكير بالعوائل ذات الدخل المحدود التي تقطّعت بها السبل. لجأت إلى الفيسبوك، مرّة جديدة، لجمع التبرّعات ووصلني العديد منها. فقمت خلال أيام الحظر بتجهيز سلال غذائية توزّع على العائلات المحتاجة".

عملت فاطمة الزهراء المعموري على إنشاء مجموعة على فيسبوك تضمّ عدداً من النشطاء لتنظيم نشاطهم في ما يتعلّق بإيصال السلال الغذائية للعائلات المحتاجة. وتضيف أخيراً أنّهم استخدموا برنامج "الاكسل" لجمع بيانات العائلات المستفيدة.

المساهمون