فاتن حمامة: رحلت أجمل طفلة...رحلت سيدة القصر

19 يناير 2015
الفنانة الراحلة فاتن حمامة وعمر الشريف
+ الخط -


رحلت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة مساء السبت 17 يناير/كانون الثاني عن عمر ناهز 83 عاماً. كأنما تستعين ببعض مشاهد من فيلمها مع عمر الشريف، والنجمين عبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي "موعد مع الحياة".

كعادة الأفلام العربية القديمة منها والكثير من الحديث، كانت النهاية سعيدة، لكنها في الواقع لم تكن كذلك، فرحلت فاتن حمامة. 

ذكرت بعض التقارير الصحافية أنّها توفيت في منزلها عصر يوم السبت، واتصل أحد أفراد أسرتها بمستشفى دار الفؤاد، بعد مرورها بأزمة صحية، إلاّ أنّهم بمجرد وصول الأطباء إليها وجدوها قد فارقت الحياة.

نشر البعض خبر وفاة فاتن حمامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فارتفعت الأيادي لتدعو أن يكون الخبر شائعة مثل آلاف الشائعات التي تطلق، وتكراراً للشائعة التي انطلقت وتفيد بوفاتها أيضاً قبل أعوام.

لكن مع دعوات الجميع كان قضاء الله قد نُفذ وذهبت إلى رحابه. صاحبة الوجه الهادئ، الذي تربع على عرش الجميع سواء في مصر أو الوطن العربي، فمن الذي لا يعرف فاتن حمامة ومن الذي لا يحب سيدة الشاشة؟!



صحة الخبر تأكدت منها "العربي الجديد" من صديقتها المقربة الفنانة المصرية سميرة عبد العزيز، إذ قالت وهي تبكي: "تونة ماتت حبيبة عمري وصديقتي ورفيقة مشواري، كنت أنا كاتمة أسرارها مثلها أيضاً، فلم أكن أئتمن أحداً على أسراري سواها. كانت مأمني وقريبة النفس إليّ، ولكن لا شيء يغلو على الله، فاسترد وديعته وكلنا ودائع اليوم أو غد أو بعد غد سنعود إلى مالكنا ولكن يصعب عليّ فراقها".

نشأت فاتن حمامة في أسرة متوسطة، فربّ المنزل موظف في الحكومة، سبق وقرأ عن مسابقة لأجمل طفلة، ولأنّه يرى بابنته جمال الشكل وخفة الظلّ، فتقدم بصورتها وكانت المفاجأة أنّها فازت بلقب أجمل طفلة. ولكن فاتن وقتها لم تكن ناضجة أو حتى بالغة بشكل جيد، فلا جديد، الجميع يقول لها إنّها جميلة، فما الذي أضافه اللقب إليها! هكذا كانت تتساءل، ولكن الإجابة جاءت بعد مرور حوالي شهر، إذ تفاجأ والدها بأنّ المخرج الشهير وقتها محمد كريم يطلب منه زيارته، ولكن لم يكن يعرف والدها أبداً أنّ المخرج كريم سيطلب من ابنته أن تمثل معه، فكانت المفاجأة التي لم يتوقعها أحد أن محمد كريم يطلب من فاتن نفسها بعدما شاهدها في منزل والدها أن تمثل، فقال لها بصوت هادئ: "تحبي تمثلي"؟ فضحكت فاتن وهرولت بعيداً عنه وهي تضحك، ولم تعرف قصده وماهيّة التمثيل. وبعد مشاورات مع والدها الذي رفض في البداية لكونهم من عائلة محافظة والتمثيل كان يعد وصمة عار في هذا العصر، وافق بشرط أن يكون مصاحباً لابنته أثناء التصوير. وكان "يوم سعيد" هو العمل الأوّل لفاتن، والمصادفة أنّ هذا الفيلم كان مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب. وبعد الأصداء الجماهيرية التي حقّقتها فاتن بهذا الفيلم، وانتشار صورها على أغلفة المجلات الفنية تحت اسم انطلاق موهبة جديدة في عالم الفن والطفلة المعجزة، واكتشاف محمد كريم، وما إلى ذلك من عناوين، خاف كريم أن تبهر عيونها وعيون والدها العروض الأخرى التي كان يتوقعها لفاتن بحس المنتج والمخرج أيضاً، فقام على الفور بتوقيع عقد احتكار معها، وبالفعل قدّمها في عملين بعد ذلك هما "رصاصة في القلب" وبعده بعامين فقط قدّمت فاتن فيلمها "دنيا". وفي هذا الفيلم شاهدها النجم الراحل يوسف وهبي، فلفتت نظره وسأل عنها حتى استطاع الوصول إلى والدها، وكانت فاتن قد بدأت ملامحها تصبح أكثر جمالاً ونضجاً، عندما بلغت عمر 16 عاماً.
توالت أعمالها إلى أن تقلدت البطولة المطلقة للمرة الأولى في حياتها مع المخرج صلاح أبو سيف، من خلال فيلمه "لك يوم يا ظالم" ثم قدمت فيلم "بابا أمين".

لكن ماذا يقول أهل الفن الشباب ممن عملوا مع سيدة الشاشة العربية:

في البداية يقول الممثل الشاب أحمد الفيشاوي الذي كانت بدايته الفنية من خلال سيدة الشاشة في مسلسلها "وجه القمر"، إنّه أوّل ما قابل فاتن حمامة بعد فوزه في اختبار الكاميرا الذي تم إعداده لاختيار وجوه جديدة، فوجئت أنّه نجل الفنان فاروق الفيشاوي، إذ أصرّ أحمد، طبقاً لكلامه، على إخفاء هوية والده حتى لا يتأثر أحد، ويختاره لأنّه فقط ابن فاروق الفيشاوي. وأوضح أنّه كان مرعوباً من اللقاء الأوّل معها، لكنّها نصحته بعدم الخوف من أي فنان مهما علا شأنه، لأنّه يوماً ما سيكون أيضا فناناً كبيراً، وأوضح أنّها استطاعت برقتها في التعامل معه، أن تجعله يطمئن ولا يخاف أي شيء.




من ناحيتها قات الفنانة الشابة نيللي كريم التي ظهرت في مسلسل "وجه القمر" أيضاً، أنّ الفنانة فاتن حمامة شاهدتها بعد أن قدمت الفوازير، موضّحة أنّها أي نيللي، لم تكن تفكر على الإطلاق أن تكون ممثلة، لكن بعد عرض الفوازير جاءها اتصال هاتفي يطلب منها أن تكون ابنة فاتن حمامة في مسلسل وجه القمر.





وأضافت نيللي: "اندهشت جداً من اختيار فاتن لي، خصوصاً وأني تعرضت لهجوم شديد بعد الفوازير. فسألتها، وقالت لي فاتن معنى ما قدمته في الفوازير، وأنّ لديّ مخزوناً فنياً هائلا من التمثيل، كما أنّ في مصر لا يوجد فيها فن إعداد الممثل". وأشارت نيللي إلى أنّها كانت تقدم في المسلسل شخصية ابنة السيدة فاتن وشعرت بالفعل أنّها ابنتها. وأوضحت نيللي أن مصر والعالم العربي كله فقد كنزاً فنياً كبيراً، فهي على الرغم من أنّها غابت عن الفن لسنوات، إلاّ أنّ الجمهور من كثرة حبه لها لم يفكر يوماً في غيابها.

أما الممثلة المصرية نشوى مصطفى التي سبق وقدمتها فاتن حمامة في مسلسل "ضمير ابلة حكمت"، فحاولنا الاتصال بها إلاّ إنها لم ترد واكتفت عبر فيسبوك بنعي الراحلة قائلة: "بعد خبر وفاة الأستاذة، لقيتنى مسكت القلم في يوم قريب.. أو .. بعيد. مش حتفرق... أكيد حاموت. بس الرخامة أن قلبي فيه حته منه لساها بتحب الوجود. أهم حاجة أنّي أول ما بقى فوق... حاخد نَفَس. تترد روحي بعد توهه سنين كنيرة عشتها... جوه العبث".
المساهمون