غضب وصلوات بقرية المصريين المقتولين في ليبيا

16 فبراير 2015
أهالي القرية مصدومين من إعدام أبنائها (Kate Benyon-Tinker)
+ الخط -


اختلطت الدموع بصلاة الجنازة في قرية "العور" بمحافظة المنيا، حيث أقيم قداس بعد ظهر الإثنين، في كنيسة البلدة الفقيرة التي أعدم تنظيم الدولة الإسلامية 13 من شبابها ورجالها في ليبيا.

وطوال عقود، اعتاد مئات من شباب ورجال هذه القرية السفر إلى ليبيا بحثاً عن لقمة عيش تؤمن لأسرهم حياة أفضل، لكن يوم الأحد شكل لهم صدمة مفجعة بفقدان أبنائهم ذبحاً بيد تنظيم الدولة الإسلامية، بدلاً من عودتهم محملين بالمال.

وعلى مقعد داخل كنيسة القرية، جلس بشري، الموظف بوزارة التربية والتعليم، مستسلماً لقدره يتأوه بصوت مسموع حزناً على ابنه كيرلس (22 عاماً) الذي قتل نحراً مع 20 قبطياً آخرين معظمهم من أبناء قريته.

وقال الرجل الخمسيني بحزن: "سافر ابني إلى ليبيا منذ 40 يوماً فقط بعد إنهاء خدمته العسكرية. أخبرني أنه ذاهب للعمل وجني مال يمكنه من الزواج"، قبل أن يضيف والدموع تملأ عينيه "لقد سافر ليتزوج السماء".

وانهار عدد من ذوي الضحايا الرجال الذين تجمعوا داخل وحول كنيسة القرية غير المسقوفة ذات المذبح المغطى بالخوص، وسقط شقيق أحد الضحايا منهاراً بعد نوبة بكاء شديدة، بحسب فرانس برس.

أما النساء، فقد افترشن بملابسهن السوداء أرض غرفة كبيرة في منزل إحداهن، حيث تعالت صرخاتهن العالية ونحيبهنّ المتواصل في القرية المنكوبة.

ويروي أهالي القرية بحزن بالغ أن أولادهم الـ13 كانوا يقيمون جميعاً في منزل واحد قبل أن يقدم مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية على دهم المكان فجراً، وأمر مالك المنزل بتسليمه "المصريين المسيحيين".

ولا يعرف الأهالي التفاصيل الدقيقة للمأساة التي ألمت بأبنائهم، لكن أملهم الوحيد الآن هو استلام جثثهم لدفنها.

ووسط نحيب الرجال المختلط بعويل النساء المتعالي، صاح أحدهم "لو أن السيسي يعيد لنا جثامينهم لندفنها ستبرد نارنا".

إقرأ أيضاً:
"داعش" ليبيا يذبح الرهائن الأقباط والرئاسة المصرية تعلن الحداد

وعلى غرار 12 آخرين من أولاد عمومته الذين قتلوا معه، ومثل مئات من شباب العور والقرى المجاورة، كان كيرلس يعمل في مدينة سرت الليبية، حيث كان يكسب قرابة 26 دولاراً (نحوة 200 جنيهاً) في اليوم، وهو مبلغ يفوق بكثير الدولارات الخمسة التي يمكن أن يكسبها في مصر يومياً.

وأمام الكنيسة الواقعة في شارع طيني ضيق، على جانبيه منازل من دور أو دورين من الطين أو الطوب الأحمر، شكا أهالي القرية من أن المسيحيين في ليبيا كانوا مستهدفين.

لا يعرفون من الجهة التي تستهدفهم تحديداً، لكن العديد من رجال القرية العائدين من ليبيا يروون أنه قبل عودتهم كان يتم إيقاف المصريين والتدقيق في رسغهم للتأكد من ديانتهم.

ويتذكر عماد خلف (35 عاماً) الذي عاد من بنغازي قبل ثمانية أشهر ذلك قائلاً "كان بعض الليبيين ينزلوننا من السيارات في الشارع بحجة التحقق من جواز السفر، وعندما يرون الصليب على رسغي يضربونني ويسرقون أموالي".

وبذبح الأقباط الـ21، أصبح كثيرون من أهالي المنيا يعيشون في قلق بالغ على أقاربهم الذين ما يزالون في ليبيا، ويريدون تدخلاً من الدولة للمساعدة في عودتهم.

ولا يزال هناك مئات آلاف المصريين في ليبيا، يعمل معظمهم في مجال البناء أو الخدمات.

ووسط قلق وتوتر، يقول داوود عزيز، من قرية حمصوم المجاورة للعور، "أخي يعمل سباكاً في مصراتة منذ عام ونصف ومعه زوجته وأولاده. اتصل بي اليوم ويريد العودة فوراً إلا أنه لم يجد إلا طائرة بعد أسبوعين عن طريق عمان".

ويهيمن إحساس القهر والرغبة في الثأر على أهالي العور، ومثل غيره، يقول بشري فوزي "ليت السيسي يستدعينا للتجنيد ويرسلنا إلى هناك لننتقم لقتل أولادنا".

وأعلن الجيش المصري أن طائرات حربية قصفت الإثنين، مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا في إجراء وصفته مصر بأنه حقها في "الدفاع الشرعي عن النفس".

لكن الأم الثكلى والمصدومة إيزيس، التي فقدت ابنيها صموئيل ( 26 عاماً) وبيشوي (23 عاماً)، تردد "لا شيء يعوض عن الأبناء".