غش في الثانوية العامة باليمن

09 يوليو 2018
مشهد من الامتحانات (العربي الجديد)
+ الخط -
يزداد استياء اليمنيين من تزايد الغش خلال امتحانات  الشهادة العامة الأخيرة، لا سيّما في مراكز الامتحانات الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ويصف مدرّسون في اليمن الغش هذا العام بـ"غير المسبوق"، إذ يمارسه التلاميذ بأساليب مبتكرة وفجّة وأحياناً بإشراف من قبل القائمين على إدارة لجان الامتحانات.

أبو أيمن مدرّس حكومي في صنعاء، يشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ رئيس مركز الامتحانات حيث نقطة عمله، يشارك في تسهيل عمليات غش التلاميذ. يضيف أنّ "الغش هذا العام واسع النطاق ويتم على مرأى ومسمع المدرسين وكذلك رؤساء لجان الامتحانات، والتلاميذ يستخدمون كل الوسائل التي يمكن أن يتخيّلها الشخص بهدف الغش". ويتابع أبو أيمن أنّ "الغش كان يجري خفية في السابق. وعند كشف حالة غش، يحرَّر محضر مع إثبات لحالة الغش وتُرفع الحادثة إلى الكونترول (هيئة مراقبة) التابع لوزارة التربية والتعليم لينال المخالف جزاءه. أمّا اليوم، فالغش على المكشوف وبلا رادع".

مُنع من المراقبة

ويخبر أبو أيمن أنّه كان مراقباً في إحدى لجان الامتحانات بصنعاء، إذ إنّه يعمل مدرّساً في وزارة التربية والتعليم، إلا أنّ إدارة مركز الامتحانات استبعدته قبل أيام بعدما رفض السماح للتلاميذ بالغش. ويقول إنّ "تلميذاً جمع مبلغاً مالياً وقدّمه لي حتى أسمح له ولزملائه بالغش. وعندما رفضت، افتعلوا فوضى في قاعة الامتحانات. وبدلاً من أن يعاقبهم المعنيون، مُنِعت أنا من مراقبة الامتحانات".



وعن أساليب الغش، يقول أبو أيمن إنّ "الطرق التقليدية انقرضت من قبيل الكتابة على أوراق صغيرة أو على أنحاء مختلفة من الجسم، أو حتى عبر تلقين التلاميذ الإجابات عبر نوافذ الفصول. فالغش اليوم يكون عبر إدخال الكتب إلى قاعات الامتحان، أو قيام مدرّس المادة بتقديم الحلول النموذجية للتلاميذ، أو إنشاء مجموعات على تطبيق واتساب لتبادل الإجابات النموذجية. كذلك تُترك أوراق الامتحان مع التلاميذ ليسلّموها في اليوم التالي إلى لجنة الامتحانات بعد حلّها في المنزل". ويؤكد أبو أيمن أنّ "أيّ مدرس يرفض هذا الوضع يتعرّض إلى الاعتداء، إمّا من قبل التلاميذ أنفسهم أو من أصدقائهم"، محمّلاً "أولياء الأمور مسؤولية هذا الانفلات التعليمي". يكمل: "لو كان أولياء الأمور يحرصون على مستقبل أبنائهم، ما كانوا ليسمحوا بمثل هذا الوضع. لكنّ كثيرين منهم يشجّعون أبناءهم على الغش ويجدون مبررات كثيرة لذلك".

خارج باحة المدرسة (العربي الجديد) 


من جهتها، تخبر ابتهال محمد، وهي تلميذة كانت تخضع لامتحانات الثانوية العامة، أنّ "عمليات غش كثيرة حدثت خلال الأيام الماضية"، موضحة أنّ "القاعة تكون هادئة حتى توزيع أوراق الأسئلة. بعدها، يبدأ الضجيج ويشارك الجميع تقريباً في عملية الغش أمام أعين المراقبين". تضيف أنّ "التلاميذ المجتهدين هم المتضررون من هذا الوضع. وقد بكيت في اليوم الأوّل وأنا أشاهد الغشّ. فأنا تعبت طوال العام والتزمت بالحضور إلى المدرسة يومياً والمذاكرة والاجتهاد، لكنّ غيري يغش في الامتحانات ويحصل على درجات مرتفعة من دون أن يبذل أدنى جهد أو يحضر صفاً".

التعليم في خطر

في السياق، يؤكد ناشط في صنعاء تحفّظ عن ذكر هويته، أنّ "التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين يتراجع بشكل مخيف"، مضيفاً أنّ "انقطاع الرواتب وغياب الكوادر التعليمية وانتشار السلاح في المؤسسات التعليمية، كل ذلك يساهم في القضاء على التعليم". ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "انتشار الغش هو أحد مظاهر تردّي العملية التعليمية"، شارحاً أنّه "في بعض الحالات، وبعد دقائق على توزيع الأسئلة على التلاميذ، يفرض مشرف القاعة (مراقب) مبلغ خمسين ريالاً على كل تلميذ، ليتيح المجال أمامهم حتى يلجؤوا إلى وسائل الغش التي في حوزتهم من كتب وإنترنت داخل قاعة الامتحانات نفسها".



وكانت امتحانات الثانوية العامة قد انطلقت في مناطق سيطرة الحوثيين يوم السبت الماضي في 30 يونيو/ حزيران المنصرم. يُذكر أنّ عدد التلاميذ المتقدّمين إلى امتحانات الشهادة العامة في تلك المناطق، بحسب وزارة التربية والتعليم الخاضعة للحوثيين، 198 ألفاً و136 طالباً وطالبة موزّعين على 1085 مركزاً للامتحانات. أمّا الامتحانات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، فقد انطلقت في اليوم التالي، أي يوم الأحد في الأوّل من يوليو/ تموز الجاري. ويبلغ عدد التلاميذ المتقدّمين إلى امتحانات الشهادة العامة في المناطق سيطرة الحكومة الشرعية 83 ألفاً و534 تلميذاً موزّعين على 739 مركزاً للامتحانات.
المساهمون