والتقى سلامة، مساء أمس الأحد، باللواء المتقاعد خليفة حفتر بمقره العسكري في الرجمة، لـ"تباحث الأوضاع الراهنة في ليبيا، وكيفية العودة إلى حالة من السلم والحوار"، بحسب ما ذكرت البعثة على موقعها الرسمي.
وأشارت البعثة إلى أن سلامة "نبه إلى مخاطر تصعيد الاقتتال وتزايد التدخلات الخارجية".
وجاء لقاء سلامة بحفتر بعد يوم واحد من لقائه برئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، فائز السراج، على هامش مراسم عزاء الرئيس التونسي الراحل، الباجي قايد السبسي، في العاصمة التونسية، "تناول آخر التطورات في ليبيا والسبل الآيلة إلى وقف التصعيد العسكري وإعادة إحياء العملية السياسية" بحسب الموقع الرسمي للبعثة.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن، اليوم الإثنين، جلسة خاصة لبحث الأوضاع في ليبيا، ستشهد إحاطة يقدمها سلامة إلى أعضاء المجلس.
وكثف سلامة من لقاءاته في الآونة الأخيرة بقادة طرابلس، فإلى جانب السراج التقى برئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ووزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة، وأعضاء من مجلس النواب المنعقد في طرابلس وآخرين عن طبرق، من بينهم عبد السلام نصية رئيس لجنة الحوار السياسي.
ومن المتوقع أن يصدر عن مجلس الأمن بيان للمطالبة بوقف القتال وحث الأطراف على العودة إلى العملية السياسية، بحسب الباحث في الشؤون السياسية الليبي عبد الرحيم بشير.
ولاحظ بشير في جولات سلامة تركيزها على الدعوة إلى وقف القتال، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "من الواضح أن العودة إلى التفاوض السياسي أمر مؤجل، كما هو واضح في تصريحات السراج الرافضة للحديث عن مسار سياسي قبل عودة قوات حفتر إلى مواقعها"، لافتا إلى أن البعثة ومن ورائها عواصم ثقل دولي ستؤسس لمبدأ وقف إطلاق النار كخطوة أولى.
وأوضح بشير أن "المجموعة الدولية ستتجه لفرض وقف القتال قبل بدء خطوة ثانية تتجه للضغط على الأطراف للذهاب إلى المفاوضات السياسية".
وهو تحليل يتوافق مع ما كشفه مصدر حكومي من طرابلس أكد لـ"العربي الجديد" أن السراج أبلغ بقبول حفتر الانسحاب من الأجزاء الجنوبية للعاصمة مع بقائه في قواعده التي يسيطر عليها في غرب البلاد قريبا من العاصمة، ما يشير إلى قبول جزئي لشرط السراج للعودة إلى طاولة المفاوضات.
لكن ظروفا أخرى، بحسب المصدر، اعترضت جهود العودة إلى طاولة المفاوضات مثل الممثلين الشرعيين للأطراف الليبية، واعتراض حفتر على وجود السراج على طاولة المفاوضات، على خلفية عدم توفر أساس قانوني من الاتفاق السياسي للحكومة ورئيسها السراج يمنحه الشرعية كمفاوض أساسي، كل تلك الظروف حدت بأطراف دولية على رأسها البعثة الأممية إلى تأجيل الحديث عن عودة المسار السياسي بشكل فعلي.
الصحافية الليبية نجاح الترهوني ترى من جانبها أن "البعثة ومن ورائها أطراف دولية تراخت مواقفها السابقة من عملية حفتر على طرابلس كفرنسا وروسيا تسعى لإيجاد مخرج له بعد فشل عمليته العسكرية في طرابلس".
وعن المعلومات حول تأجيل الحديث عن عودة العملية السياسية، قالت متحدثة "العربي الجديد" إن "الأطراف الدولية والإقليمية تعلم أن السراج لو قبل بحفتر ستخرج من تحت سيطرته عشرات المجموعات المسلحة في طرابلس وغرب البلاد، وعندها يمكن أن ينفلت الأمر ولا يمكن السيطرة عليه مجددا".
ولفتت إلى أن شكل وقف القتال المطروح حاليا باشتراط إخلاء حفتر مواقعه العسكرية غرب البلاد يمكن أن يشكل عامل توتر أيضا بسبب إصرار مقاتلي مناطق غرب ليبيا التي تقاتل تحت شرعية حكومة الوفاق على طرد حفتر ورفض شراكته في أي تسوية للوضع.
وفيما أكدت الترهوني أن نتائج معركة طرابلس وفشل حفتر أربكا حسابات عواصم فاعلة في الملف الليبي، رجحت من جانب آخر أن تبدأ الأطراف الدولية قريبا في البحث عن خيار آخر لوقف نزيف القتال والحرب قبل اتساع رقعته لتصل إلى أسوار مواقع عسكرية مهمة كقاعدة الرجمة التي تعتبرها عديد الدول، كفرنسا، بوابة الأمان الأولى لمصالحها في الجنوب الليبي.