تجنباً للقذائف العشوائية التي قصفها الاحتلال عليهم داخل الحي، هربت عائلة نضال حجيلة (32 عاماً) من حي الشجاعية إلى مدرسة الشاطئ التابعة لوكالة "الأونروا".
لم يكن يعني العائلة غير الحفاظ على فاطمة، التي أشرفت على الولادة. قبل الموعد، عانت الزوجة فاطمة حجيلة (28 عاماً) من آلام المخاض داخل أروقة المدرسة، وطلبت من زوجها نضال التوجّه سريعاً إلى المستشفى.
ذهبا إلى "مستشفى الشفاء" وصدما لعدم توفّر سرير واحد داخل قسم النساء والولادة. تمّ تحويل فاطمة إلى "مجمع الصحابة الطبي"، لتلد هناك طفلة لم يتم اختيار اسمها في اليوم الأول.
احتار نضال في اختيار اسم المولودة في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها عائلته، حتى وقع اختياره على اسم "غزة تقاوم" بصورة مفاجئة. يقول لـ"العربي الجديد": "كنت أتابع محطات التلفزيون بعد ولادة الطفلة لمعرفة آخر الأخبار، وخلال النشرات تكرّر الاسم مراراً. كل القنوات الإخبارية كانت تنوّه بأن (غزة تقاوم) ويحيّون صمودها. فأصرّرت عندها، أنا وزوجتي، على إطلاق اسم "غزة تقاوم" على طفلتنا الوليدة".
يتابع "أريد أن تفتخر ابنتي حين تكبر بهذا الاسم كذكرى لمعارك المقاومة مع الاحتلال". تعرّضت الزوجة فاطمة لأسئلة كثيرة في المجمع الصحي، حول اسم الطفلة، رغم أن الجميع أبدوا إعجابهم بالاسم الملفت.
تقول فاطمة "كثير من الطواقم الطبّية سألوني عن سبب التسمية فأخبرتهم أنها لدعم معنويات الغزيين، وخصوصاً المقاومة التي تناضل ليل نهار. الكثير من الأمهات داخل المجمع قلن لي إن أزواجهن فكروا بأسماء مثل اسم طفلتي لدعم صمود الشعب الفلسطيني أمام العدو".
لم تكن الطفلة "غزة تقاوم" الوحيدة في عائلة حجيلة التي تحمل اسماً نضالياً، فهناك أخوة لوالدها لهم أسماء ليست بعيدة عن اسمها. أسماء الأعمام والعمّات هي مجاهدة، ومجاهد، وحرية، وتحرير.
وكان نضال، قبل ولادة طفلته الأخيرة، قد قام بتسمية ابنه على اسم القعقاع الذي قال عنه الخليفة أبو بكر الصديق "لن يهزم جيش فيه القعقاع. وصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل". ثم قام نضال بإضافة اسم جهاد على الاسم الأول نسبة لاسم أخيه الذي استشهد قبل عامين، ليصبح اسم ابنه البالغ عاماً ونصف العام "جهاد القعقاع ".
في السياق ذاته، أطلق المواطن محمد زنهو على ابنه، الذي ولد في أول أيام الحرب، اسم "براق" نسبة لاسم الصاروخ الذي تطلقه سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، على دولة الاحتلال. يقول زنهو لـ"العربي الجديد": "رغم أنني كنت مصمماً على اسم مصطفى إلا أنني أصرّيت على اسم براق لإعجابي الشديد بتطوير المقاومة لهذا الصاروخ".
يعتبر زنهو أن الاسم هدية للمقاومة التي ترسل رسالة صمود لهم ليبقوا في ساحة الميدان. كذلك أطلق محمد الحديدي اسم "قسّام" على اسم مولوده الذي ولد في العاشر من أغسطس/آب الحالي، مبدياً إعجابه الشديد بأداء كتائب القسام في ساحة المقاومة.
لكن الطفل قسّام ولد وبعد يومين أصبح يتيماً، بعدما توفيت والدته التي كانت تعاني ضيقا في التنفس ونزفت نزفاً شديداً بعد إجرائها عملية قيصرية لم يتحمّلها جسمها إطلاقاً.
من جهته، لاحظ المتحدث الإعلامي بالشق المدني في وزارة الداخلية بغزة، بلال أبو دقة، كثرة الأسماء التي وصفها بأنها "نضالية" في ظل أجواء العدوان الإسرائيلي. ولفت إلى أسماء جديدة تظهر مثل غزة وغزة تقاوم وصمود وقسّام ومقاومة وبراق، لكن لم يتم إحصاؤها في الوقت الحاضر لعدم وجود إحصائية كاملة لعدد المواليد.
وأشار أبو دقة إلى أن الضفة الغربية عرفت أيضاً اسم غزة ومقاومة، مؤكداً على إيمان كل الفلسطينيين بالمقاومة في غزة ومحيياً صمودها وإنجازاتها.