غزيّون يتحدّون العقبات لممارسة الصيد

11 ديسمبر 2015
محمد يحلم بالصيد في أماكن أرحب (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يجهّز الخمسيني فوزي شحيبر وابناه محمد وفوز عُدة الصيد البري الخاصة بهم، تحضيراً للانطلاق برفقة أصدقائهم نحو الأراضي الزراعية الحدودية من شمال قطاع غزة حتى جنوبه، دون الاكتراث للمخاطر والأحوال الجوية.
يوم الصيد الذي اعتاد عليه هؤلاء الصيادون منذ سنوات طويلة يبدأ منذ فجر يوم الإجازة أو العطلة، يحمل كل فرد منهم سلاح الصيد الخاص به، ويحددون الوجهة التي سيقصدونها. وفي بعض الأيام، يبدأ الصيد ليلاً باستخدام المنظار الليلي.
ويقول فوزي شحيبر (أبو محمد): كان والدي يعمل ناطوراً خلال فترة حكم الانجليز والمصريين لقطاع غزة، حينها قام بوضع شباك من أجل صيد الطيور، واصطاد عدداً منها، ومنذ ذلك الوقت، أصبحت لديه هواية الصيد التي انتقلت لي ولأولادي.
ويوضح فوزي لـ"العربي الجديد"، أن أوائل أيام الصيد في قطاع غزة كانت بدائية باستخدام الشبك والخراطيش المصرية، لكن الأمر في هذه الأيام تطور وأصبح أكثر سهولة ودقة، لافتاً إلى أن الصيد يهذّب الروح، ويعزز الصبر لدى الإنسان، ويكسبه العديد من الصفات الجميلة.
ويشير شحيبر إلى أن الصياد الحقيقي لا يكترث إلى الأوضاع الصعبة التي تمر بها مدينته، بل يتعالى على ذلك ويحاول الخروج من الأزمات عبر هوايته التي يمارسها عدد لا بأس به من الهواة حول العالم، مضيفاً: "لا بد أن نشارك العالم في كل شيء، لأننا شعب قادر على العطاء".
ويكمل الحديث ابنه العشريني محمد قائلاً: "هناك الكثير من أنواع الأسلحة الخاصة بالصيد في الوقت الحالي إلى جانب الشباك، مثل الخرطوش، بندقية ديانا 54، بندقية الدمدم وضغط الهواء، إضافة إلى أنواع كثيرة غير متوفرة في قطاع غزة".
وعن بداية هواية الصيد لديه، يقول محمد لـ"العربي الجديد": "كان أبي يصطحبني أنا وأخي كما عوّده جدي في السابق، وكنا نذهب إلى المناطق الحدودية والمساحات الواسعة، مثل منطقة جحر الديك، بيت لاهيا، بيت حانون، المصاطب، البريج، الزَنَة، وباقي مناطق الخلاء والمناطق البرية".
ويشير إلى أنّ الشغف بالصيد وبأجوائه رافقه منذ طفولته، ولم يشعر بنفسه عندما بدأ الصيد "فأنا وُلدت بالفطرة صياداً إلى جانب والدي وشقيقي وأصدقائي. لا أجد أوقاتاً أجمل من تلك الأوقات التي نقضيها في الأراضي البرية، ونحن نرقب الهدف، ونركض خلفه بعد اصطياده".
ويتابع محمد الذي بدا حُب الصيد واضحاً على ملامحه الشابة: "اصطدت مختلف أنواع الطيور، كالحمام، الوز، الفِر، البط، حمام الروقطي، الدايم، وغيرها من الطيور والحيوانات التي كنا نأكلها بعد الانتهاء من يوم الصيد".
ويشير محمد إلى أنه قام بتربية عدد من الطيور والحيوانات الصغيرة التي تم اصطيادها، مضيفاً: "داخل بيتي توجد مزرعة تحوي الطاووس وأصناف العصافير والفر والسمان والدجاج المُهجّن التي قمت بصيدها، وتربيتها والعناية بها".
ويفصّل العشريني شحيبر يوماً من أيام الصيد، قائلاً: "نذهب في أيام العطل والأعياد والإجازات منذ الصباح ونصطحب معنا إخوتي الصغار، فهم يحبون أيضا الصيد، ننصب الشباك، ونشرب الشاي ونتناول طعام الفطور، ومن ثم نبدأ بمراقبة الحيوانات والطيور وطردها نحو الشباك، وملاحقتها من مكان لآخر، حتى تقع فريسة بنادقنا أو شباكنا".
وعن مواقفه مع الصيد، يقول محمد الذي يعمل في إصلاح المحركات: "حدثت معنا الكثير من المواقف الجميلة والحزينة خلال الصيد، ففي إحدى المرات اصطدت أرنباً، وفوجئت بأنها أنثى حامل. حينها ندمت كثيراً بعد أن ماتت هي وصغارها، وقمت بالبحث عبر الإنترنت عن الأيام الخاصة بالولادة والتكاثر لتجنب تكرار الموقف".
واقع الصيد ليس ورديّاً إلى الحد الذي يطمح إليه العشريني محمد وعائلته، حيث تواجههم العديد من العقبات والصعوبات، مثل ندرة الأراضي الواسعة وقلّة الحيوانات والطيور، إضافة إلى ملاحقة جنود الاحتلال الإسرائيلي لأي شخص يتحرك على الحدود، أو يقترب منها.
"أتمنى الخروج من غزة، للصيد في المساحات الواسعة التي أشاهدها في التلفاز، لبلاد تنعم بمساحات برية خيالية، يركض فيها الصيادون الهواة لملاحقة الغزلان والضباع، هناك يصيدون كل شيء، من العصفور، وحتى العجل"، يقول محمد الذي يحلم بتطوير قدراته في الصيد.
لكن أحلام الشاب محمد تصطدم بالواقع الصعب الذي تمر به مدينة غزة المُغلقة على أهلها من كافة الاتجاهات. يستجمع قواه ويختتم حديثه لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "سنستمر في الصيد، ونعلّمه لصغارنا، فنحن شعب يحب الحياة، ويسعى لاقتناص فرص العيش بكل السبل".
المساهمون