غزة: 50 يوماً من العدوان... والصمود

26 اغسطس 2014
معنويات أهالي القطاع مرتفعة(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

لا يزال سكان قطاع غزة الملتفين حول مقاومتهم، مستعدين لبذل المزيد من التضحية حتى نيل حقوقهم، التي يحملها الوفد الفلسطيني المفاوض الموحد، على الرغم من الكلفة البشرية والعمرانية التي قدموها حتى اليوم مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الخمسين.

مشاهد الدمار التي طالت أحياء بأكملها، والمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي وطائراتها الحربية ومدفعيتها، والتي أدت إلى إبادة ما يزيد عgn تسعين عائلة بنحو كامل، ومحوها من السجل المدني الفلسطيني، لم تثن الفلسطينيين عن دعم المقاومة والالتفاف حولها، أو تضعف من عزيمتهم.

ولم يسلم مرفق من مرافق الحياة في قطاع غزة من الضرر الناجم عن مواصلة الاحتلال لعدوانه على القطاع، وتأثرت جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، لكن تفكير الناس بالثمن الذي سيحققونه نتيجة صبرهم وتضحياتهم، بفتح المعابر ورفع الحصار وإنشاء ميناء بحري ومطار، دفعهم إلى الثبات والعض على الجرح.

وتبدو معنويات الغزيين مرتفعة كما كانت، لم يؤثر فيها طول أمد العدوان، ولا حجم الجراح النازفة التي ملأت شوارع القطاع. رسالة واحدة يحملها أهالي القطاع للمفاوضين وللمقاومة: "لا نريد منكم أن تتنازلوا عن المطالب مهما بلغت التضحيات، واثبتوا على مواقفكم".

على مدخل شارع الوحدة في مدينة غزة، جلس المواطن أبو السعيد درابيه إلى جوار أطفاله، رغم التحليق المكثف لطائرات الاحتلال، التي تقصف تجمعات المواطنين، يقول إن بيته تضرر بشكل كبير جراء قصف سيارة مدنية على بابه، ما أدى إلى إصابة زوجته إصابة خطيرة.

ويوضح أبو السعيد، أن المنطقة التي يقطن فيها تعرضت لعشرات الغارات الإسرائيلية، لكنه لم يترك منزله إيماناً بأن غزة لا يوجد فيها مكان آمن من صواريخ الطائرات الإسرائيلية التي لا تفرق بين مدني ومقاوم، ولا سيما في ظل إفلاس أهدافها الهامة.

ولم يختلف رأي المواطن سامح عبد الرؤوف عن رأي أبو السعيد، على الرغم من فقدان سامح منزله الذي تدمر مع عدد كبير من منازل شرقي حي الزيتون جنوبي مدينة غزة. يقول إنه "على الرغم من الألم الذي أشعر به وأنا أرى أطفالي ينامون داخل خيمة في مجمع الشفاء الطبي، إلا أن تضحياتنا يجب ألا تذهب أدراج الرياح".

ويشير سامح إلى أن الألم الفلسطيني خلال الخمسين يوماً الماضية، "يجب أن ينتهي بشكل يليق بآلاف الشهداء والجرحى، الذين قدموا أنفسهم من أجل كرامة الشعب الفلسطيني". ويلفت إلى أن الشعب الفلسطيني الذي تعرض على مدار خمسين يوماً للعدوان بشتى أشكاله لم يستسلم.

من جهته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، ناجي شراب، أن الصمود الذي يبديه السكان في غزة هو مكون من مكونات الشخصية الفلسطينية على مرّ السنوات السابقة، نتيجة المعاناة من الاحتلال منذ عشرات السنين، والمرور بالكثير من الحروب والأزمات.

ويوضح شراب لـ"العربي الجديد" أن الخمسين يوماً من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، والذي استخدم خلاله الاحتلال أشكال القوة كلها، أكدت على شخصية الصمود الفلسطينية، التي استطاعت التغلب على الأوضاع الصعبة. ويشدد على أن استمرار العدوان لمدة خمسين يوماً، يعتبر بمثابة فشل إسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب. كما أن صمود المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أدى إلى فشل إسرائيل من الناحية الاستراتيجية، وعدم تحقيق قائمة الأهداف التي وضعتها ومنها القضاء على المقاومة وعلى إطلاق الصواريخ، في حين استطاعت المقاومة تحقيق إنجازات على الأرض.