03 نوفمبر 2024
غزة والحكومة الإسرائيلية
ترتبط الحروب الإسرائيلية على غزة بمواعيد انتخابية، أو نتائج واتجاهات لاستطلاعات الرأي، أكثر مما ترتبط بضرورات عسكرية أو أمنية إسرائيلية. هكذا توحي مراقبة الحالة الساخنة على حدود غزة، فخلال السنوات العشر الأخيرة، واجه قطاع غزة إسرائيل ثلاث مرات في حروبٍ استخدمت فيها إسرائيل صنوف الأسلحة كافة، وتوغلت وقتلت وهدمت.
في الحرب الأولى "الرصاص المسكوب" كان على رأس الحكومة الإسرائيلية شخص ذو سمعة سيئة، يقود حزباً ملفقاً يدعى كاديما، مع توليفة حكومية (يمين ويسار ووسط)، قاد هذا التجمع حرباً على غزة، قبل أن تنطلق الانتخابات المبكرة بشهرين، ثم أنهاها قبل موعد الانتخابات بثلاثة أسابيع، لتأتي النتائج بصعود اليمين الإسرائيلي القومي والديني، فعاد بنيامين نتنياهو إلى واجهة الحكم مرة أخرى، نتيجة صعود اليمين. وقبل أن يحل موعد الانتخابات التالية بثلاثة أشهر بدأت الحرب الثانية "عمود السحاب"، عاد بعدها الليكود إلى صدارة الأحزاب السياسية في الكنيست، مع وجودٍ معتبر لليمين ويمين اليمين والمتدينين.
لم ينتظر نتنياهو انقضاء السنوات الأربع التي يفرضها العرف الانتخابي الإسرائيلي، فخاض حرباً مبكرة في العام 2014 تحت عنوان "الجرف الصامد"، والحرب المبكرة تبعتها انتخاباتٌ مبكرة، مكّنت الليكود من تحقيق المركز الأول بالوجوه نفسها، المحيطة والمرافقة من اليمين ويمينه والمتدينين والمتطرفين. كانت الحروب الثلاث سيناريوهات متشابهة تحوي مواجهات عسكرية وتنمرا إسرائيليا، ثم غليانا انتخابيا وبقاء لليكود ومعاونيه على السطح السياسي للكنيست.
بحسب الأجندة السياسية، فالانتخابات الإسرائيلية على بعد بضعة أشهر، ويفضل اليمين الذي يسيطر على الحياة السياسية الإسرائيلية منذ عشر سنوات أن يقوم بأولى خطوات الحملة الترويجية له بالتحرّش بغزة، على الرغم من نقاطٍ كثيرة يحملها سلفاً في جيبه، أهمها نقل الولايات المتحدة عاصمتها إلى القدس، برعاية نتنياهو المحاط بفضائح فساد، قادته إلى أقسام شرطة التحقيق مرات. على الرغم من بعض بوادر التهدئة بدخول أموال رواتب متأخرة إلى غزة، وإدخال الوقود لاستمرار تدفق التيار الكهربائي، انفلت الأمر فجأة، وتوغلت قوة إسرائيلية في سيناريو حربٍ جديدةٍ مشابهة للحروب السابقة، وتعتبر مثل هذه الظروف مواسم قطاف سياسي للأحزاب، فاستغل أفيغدور ليبرمان وقف النار، واعتبره تنازلاً لحركة حماس، وقدّم استقالة فورية من الحكومة ومن وزارة الدفاع، وهو الذي تحوم حوله وحول حزبه قضايا فساد تدخلت فيها الشرطة. وأصبحت الفرصة سانحة لزعيم "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، الشريك في الائتلاف الحكومي، فاشترط لاستمرار هذا الائتلاف الحصول على منصب ليبرمان، وبينيت من تلاميذ نتنياهو القدماء، وطامح إلى كرسيه في رئاسة الوزراء. وقد يكون لدى نتنياهو أكثر من مانع لمنحه الكرسي. لم يكتمل سيناريو الحرب، فتوقفت عند الحدود الدنيا، وبقيت الانتخابات التي أثارت كل هذا الغبار العسكري، فالجمهور الإسرائيلي ما زال يفضّل التيار اليميني، وقد يكون نتنياهو الزعيم المفضل أيضاً، وعلى بينيت أن ينتظر وقتاً آخر، أو حرباً جديدة، لكن المشهد السياسي يعاني من فقدان الزعامات الراسخة، فقد ولّى الزمن الذي ينال فيه الحزب الفائز أكثر من أربعين مقعداً، وقد مضى أكثر من خمسة وعشرين عاماً على الانتخابات التي فاز فيها حزب العمل بأربعة وأربعين مقعداً، ويبدو أن زمن الأحزاب ذات الشعبية العريضة قد مضى أيضاً.
المنطقة التي تنتظر من دونالد ترامب أن "يبقّ البحصة" المتعلقة بصفقة القرن، وسط تلاطم إخباري عن إلغائها أو تأجليها وتقاطعها المربك مع جريمة اغتيال جمال خاشقجي، وتراجع التفاؤل بالقيادة السعودية الشابة، لا تحتمل حرباً جديدة على حدود غزة، ولا تبدو الأصابع الأميركية بعيدةً عن فرض وقف النار، فهي في حاجةٍ لمناخٍ مناسب لبسط خطتها الموعودة. وعلى الأحزاب الإسرائيلية التي دأبت على المتاجرة بالحروب لكسب النقاط والمقاعد الاكتفاء الآن بما حدث، وتوظيف ما لديها للدخول مرة أخرى في انتخاباتٍ قد تكون نتائجها مطابقةً للتي حدثت قبل أربع سنوات، مع ركود عام بانتظار الحرب القادمة.
في الحرب الأولى "الرصاص المسكوب" كان على رأس الحكومة الإسرائيلية شخص ذو سمعة سيئة، يقود حزباً ملفقاً يدعى كاديما، مع توليفة حكومية (يمين ويسار ووسط)، قاد هذا التجمع حرباً على غزة، قبل أن تنطلق الانتخابات المبكرة بشهرين، ثم أنهاها قبل موعد الانتخابات بثلاثة أسابيع، لتأتي النتائج بصعود اليمين الإسرائيلي القومي والديني، فعاد بنيامين نتنياهو إلى واجهة الحكم مرة أخرى، نتيجة صعود اليمين. وقبل أن يحل موعد الانتخابات التالية بثلاثة أشهر بدأت الحرب الثانية "عمود السحاب"، عاد بعدها الليكود إلى صدارة الأحزاب السياسية في الكنيست، مع وجودٍ معتبر لليمين ويمين اليمين والمتدينين.
لم ينتظر نتنياهو انقضاء السنوات الأربع التي يفرضها العرف الانتخابي الإسرائيلي، فخاض حرباً مبكرة في العام 2014 تحت عنوان "الجرف الصامد"، والحرب المبكرة تبعتها انتخاباتٌ مبكرة، مكّنت الليكود من تحقيق المركز الأول بالوجوه نفسها، المحيطة والمرافقة من اليمين ويمينه والمتدينين والمتطرفين. كانت الحروب الثلاث سيناريوهات متشابهة تحوي مواجهات عسكرية وتنمرا إسرائيليا، ثم غليانا انتخابيا وبقاء لليكود ومعاونيه على السطح السياسي للكنيست.
بحسب الأجندة السياسية، فالانتخابات الإسرائيلية على بعد بضعة أشهر، ويفضل اليمين الذي يسيطر على الحياة السياسية الإسرائيلية منذ عشر سنوات أن يقوم بأولى خطوات الحملة الترويجية له بالتحرّش بغزة، على الرغم من نقاطٍ كثيرة يحملها سلفاً في جيبه، أهمها نقل الولايات المتحدة عاصمتها إلى القدس، برعاية نتنياهو المحاط بفضائح فساد، قادته إلى أقسام شرطة التحقيق مرات. على الرغم من بعض بوادر التهدئة بدخول أموال رواتب متأخرة إلى غزة، وإدخال الوقود لاستمرار تدفق التيار الكهربائي، انفلت الأمر فجأة، وتوغلت قوة إسرائيلية في سيناريو حربٍ جديدةٍ مشابهة للحروب السابقة، وتعتبر مثل هذه الظروف مواسم قطاف سياسي للأحزاب، فاستغل أفيغدور ليبرمان وقف النار، واعتبره تنازلاً لحركة حماس، وقدّم استقالة فورية من الحكومة ومن وزارة الدفاع، وهو الذي تحوم حوله وحول حزبه قضايا فساد تدخلت فيها الشرطة. وأصبحت الفرصة سانحة لزعيم "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، الشريك في الائتلاف الحكومي، فاشترط لاستمرار هذا الائتلاف الحصول على منصب ليبرمان، وبينيت من تلاميذ نتنياهو القدماء، وطامح إلى كرسيه في رئاسة الوزراء. وقد يكون لدى نتنياهو أكثر من مانع لمنحه الكرسي. لم يكتمل سيناريو الحرب، فتوقفت عند الحدود الدنيا، وبقيت الانتخابات التي أثارت كل هذا الغبار العسكري، فالجمهور الإسرائيلي ما زال يفضّل التيار اليميني، وقد يكون نتنياهو الزعيم المفضل أيضاً، وعلى بينيت أن ينتظر وقتاً آخر، أو حرباً جديدة، لكن المشهد السياسي يعاني من فقدان الزعامات الراسخة، فقد ولّى الزمن الذي ينال فيه الحزب الفائز أكثر من أربعين مقعداً، وقد مضى أكثر من خمسة وعشرين عاماً على الانتخابات التي فاز فيها حزب العمل بأربعة وأربعين مقعداً، ويبدو أن زمن الأحزاب ذات الشعبية العريضة قد مضى أيضاً.
المنطقة التي تنتظر من دونالد ترامب أن "يبقّ البحصة" المتعلقة بصفقة القرن، وسط تلاطم إخباري عن إلغائها أو تأجليها وتقاطعها المربك مع جريمة اغتيال جمال خاشقجي، وتراجع التفاؤل بالقيادة السعودية الشابة، لا تحتمل حرباً جديدة على حدود غزة، ولا تبدو الأصابع الأميركية بعيدةً عن فرض وقف النار، فهي في حاجةٍ لمناخٍ مناسب لبسط خطتها الموعودة. وعلى الأحزاب الإسرائيلية التي دأبت على المتاجرة بالحروب لكسب النقاط والمقاعد الاكتفاء الآن بما حدث، وتوظيف ما لديها للدخول مرة أخرى في انتخاباتٍ قد تكون نتائجها مطابقةً للتي حدثت قبل أربع سنوات، مع ركود عام بانتظار الحرب القادمة.