ولجأ الحداد مؤخراً إلى الاستغناء عن 30 عاملاً من مصنعه الذي أسسه عام 1996 وإغلاقه كلياً بعد أن خفض الطاقة الإنتاجية له خلال العام الأخير لأقل من 20 في المائة نتيجة لضعف القدرة الشرائية وحالة الركود التجارية التي تعصف بالقطاع.
وتحمّل التاجر الفلسطيني خسائر مالية كبيرة كان أبرزها الاستمرار في دفع رواتب العاملين في المصنع لعدة أشهر إلى جانب الضرائب وغيرها من النفقات التشغيلية الخاصة بالمصنع طيلة الفترة الماضية التي خفّض فيها الإنتاج.
ويقول الحداد لـ "العربي الجديد" إن الواقع الاقتصادي المتدهور دفعته لإغلاق مصنعه ووقف تراكم الخسائر التي يتكبدها مع استمرار حالة الشلل التي تعيشها الأسواق بصورةٍ غير معهودة.
وسبق وأن تعرض مصنع الحداد للدمار الكلي على يد الاحتلال الإسرائيلي عام 2001 وتكبد خسارة مالية تزيد عن مليوني دولار أميركي قبل أن يعيد بناءه من جديد بجهود ذاتية إلا أن ظروف الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006 حرمته من التصدير لأسواق الضفة الغربية وساهمت فيما بعد في إصابة المصنع بالشلل نتيجة لما يمر به القطاع من فقر وبطالة هي الأعلى على مستوى العالم.
بدوره، يرجع الخبير الاقتصادي، سمير الدقران، تسريح العاملين في المصانع وإغلاقها للوضع الاقتصادي السيء وحالة التدهور الذي يعيشه القطاع الصناعي؛ الأمر الذي سيكون له نتائج سلبية ستسهم في زيادة معدلات الفقر والبطالة.
ويقول الدقران لـ "العربي الجديد" إن انعكاسات نقص المواد الأولية اللازمة للصناعة وضعف الدورة المالية وأزمة السيولة النقدية جعلت الكثير من أصحاب المصانع يتجهون لإغلاقها تفادياً لتكبدهم خسائر مالية باهظة تفوق قدرتهم.
ووفقاً للخبير الاقتصادي فإن الإجراءات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على القطاع عبر تقليص رواتب الموظفين وقطع رواتب آخرين وإحالة فئة كبيرة للتقاعد المالي ساهمت في حرمان القطاع من السيولة النقدية التي كانت تتراوح ما بين 60 إلى 70 مليون دولار شهرياً.
وفئة الموظفين هي التي كانت توفر السيولة النقدية وتساهم في إنعاش الأسواق المحلية بغزة وتخلق دورة مالية، وانخفاض هذه السيولة عبر الإجراءات المفروضة منذ عام 2017 خنق القطاع اقتصادياً إلى جانب ما يعانيه من تداعيات الحصار الإسرائيلية، وفقاً للدقران>
ولا يستبعد الخبير الاقتصادي أن يصل القطاع الصناعي إلى مرحلة من الشلل التام والإغلاق الكامل في ضوء عدم وجود رؤية واستراتيجية واضحة الملامح من قبل السلطة والجهات الحكومية لإنعاش الصناعة بغزة.
وحسب تقديرات الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية بغزة فإن القطاع الصناعي لا تزيد طاقته الإنتاجية عن 15 إلى 20 في المائة، إلى جانب انخفاض أعداد العاملين من 40 ألف عامل خلال السنوات الماضية إلى بضعة آلاف فقط نتيجة حالة التدهور الاقتصادي.
ويقدر عدد العاطلين عن العمل في غزة بنحو 300 ألف مواطن في حين يبلغ أعداد الخريجين غير العاملين 260 ألفاً، في الوقت الذي لا يزيد متوسط دخل الفرد اليومي عن دولارين وتعتمد 80 في المائة من الأسر على المساعدات الإغاثية، فيما ارتفع معدل انعدام الأمن الغذائي ليصل إلى 69 في المائة، وذلك وفقاً للأرقام الرسمية والدولية.
في الأثناء، يؤكد رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار جمال الخضري لـ " العربي الجديد" أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية التي يعيشها أكثر من مليوني مواطن غزي يعيشون في القطاع لم يسبق لها مثيل منذ عام 1967.
ووفقاً للخضري فإنه لا يكاد يمر يوم إلا ويشهد القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام الثالث عشر على التوالي إغلاقاً لمنشأة اقتصادية أو محال تجارية وتسريح العاملين منها نتيجة حالة التدهور الحاصلة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
ويشير رئيس اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة إلى أن معدلات الفقر تجاوزت 85 في المائة في صفوف سكان القطاع الذين تجاوز تعدادهم مليوني نسمة في ظل أن متوسط دخل الفرد اليومي لا يتجاوز دولارين أميركيين، عدا عن وصول معدل البطالة في صفوف الشباب لأكثر من 65 في المائة.
ويلفت الخضري إلى أن أكثر من 95 في المائة من المصانع في غزة إما توقفت أو تعمل بطاقة إنتاجية محدودة، في ضوء الكارثة الإنسانية والمعيشية التي يعيشها الغزيون، والتي تتطلب حراكاً دولياً لرفع الحصار الإسرائيلي وتوفير مشاريع تنموية عاجلة.