في خطوة سبّاقة على مستوى قطاع التعليم الفلسطيني، أطلقت الجامعة الإسلامية في غزة أول برنامج أكاديمي للدبلوم الخاص بالأشخاص الصمّ. وبذلك، سيتلقى الأشخاص الصمّ تعليمهم في القسم المخصص لعمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر، بإشراف متخصصين أكاديميين ومختصين في لغة الإشارة، وبالتعاون مع جمعية "أطفالنا للصم".
وأعلنت الجامعة عن البرنامج مع بداية العام الجاري، وسط الحاجة الماسة لدى الأشخاص الصم إلى التعليم الأكاديمي، بعد تلقيهم الدراسة الثانوية. وبذلك، بات بإمكانهم التسجيل في البرنامج للحصول على شهادة جامعية معتمدة من وزارة التربية والتعليم، أسوة بغيرهم، بدل الاعتماد على برامج الجمعيات المختصة.
وسيقدم البرنامج الأكاديمي دراسة لمدة عام تقسم على أربعة فصول. وفيه اختصاصان، هما صيانة الأجهزة الخلوية والكومبيوتر، وتكنولوجيا الإبداع الخاص بالإناث، وفيه يتدربن على برامج الفوتوشوب والفلاش، والباوربوينت للرسم والتصميم والتحريك والإخراج.
من جهته، يؤكد منسق الطلبة الصمّ في الجامعة الإسلامية حسن أبو العمرين، على نية الجامعة مساعدتهم في "الانخراط في المجتمع أكثر، والحصول على أعمال مثل غيرهم، مع الحصول على مكانة علمية".
ويشير أبو العمرين لـ "العربي الجديد" إلى أنّ إدارة البرنامج الأكاديمي أجرت مقابلات مع الطلاب الصم. لتسجل من بعدها 120 طالباً وطالبة منهم حتى اليوم. كما اختارت مدرسين يتقنون لغة الإشارة، ويحملون شهادات جامعية وخبرات في مجالات مختلفة. كما سيرافق المدرسين مترجمو إشارة محترفون، بهدف تيسير وصول المعلومات إلى الطلاب.
ويقول إنّ المشروع درس طوال عام قبل إطلاقه. ولاقى اهتماماً واسعاً من جانب الكثير من الأشخاص الصم وإقبالاً غير متوقع منهم.
من جهتها، تعمل إسراء غزال (24 عاماً) في البرنامج. وكانت قد كسبت الخبرة في لغة الإشارة من خلال أهلها، فوالدها وإخوتها الستة هم من الأشخاص الصم. ورغم إجازتها الجامعية في علوم الأحياء، خصصت جهودها لدعم الأشخاص الصمّ. فعملت مترجمة في فضائية الأقصى وقناة الكتاب. وهو ما دفعها للالتحاق ببرنامج الجامعة الإسلامية كمترجمة إشارة ومساعدة في قاموس الإشارة.
تقول لـ "العربي الجديد": "عملي يقتصر على توضيح لغة الإشارة للطلاب، وكنت قد شرحت في السابق منهج الثانوية العامة للصمّ من خلال مشاريع عدة مع مؤسسات ترعى هؤلاء الأشخاص".
ومن خلال عملها، أيضاً، كمرشدة نفسية للأشخاص الصم، تقول غزال "إنّهم يعانون من مشاكل عديدة، منها الرغبة في الاستمرار في التعليم من أجل الدراسة الجامعية، ورفضهم عدم منحهم الفرصة في الوظائف الحكومية رغم اجتهادهم وطموحهم".
وجهزت الجامعة قاعات خاصة بالأشخاص الصمّ بالمعدات المطلوبة. كما تعمل إدارة البرنامج على ترتيب الشعب الدراسية، لتنظيم مواعيد الدراسة على مدار الأسبوع. وسيتلقى الطلاب جميع المواد الأساسية في الكومبيوتر والتكنولوجيا والصيانة والبرمجة وقواعد البيانات، بالإضافة إلى التدريب العملي داخل مختبرات الجامعة.
في المقابل، يطمح منسق مركز التقنيات المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة في الجامعة، بهاء الدين سرحان، إلى تطوير البرنامج، ليصبح برنامجاً أكاديميّاً كاملاً لمدة 4 سنوات دراسية، تمنح درجة البكالوريوس. ويقول لـ"العربي الجديد": "نعتبر هذه التجربة في الوقت الحاضر مشروعاً مهماً على طريق التحضير لمستقبل أكبر في هذا المجال".
وكانت الجامعة الإسلامية في غزة قد خصصت، منذ عام 2000، مركزاً لمساعدة الأشخاص المكفوفين في الدراسة الجامعية. ومن خلال البرنامج حظي الكثير بالبكالوريوس، فيما حصل البعض على الماجستير والدكتوراه.
شهادة وتهيئة لسوق العمل
في نهاية كلّ دورة دراسية، ينال الطالب الأصمّ شهادة دبلوم خبرة في صيانة الأجهزة الخلوية والكمبيوتر، أو في مجال التصميم والرسم، من خلال برامج الكمبيوتر. كما أعلنت الجامعة أنّ كلّ من سينجز دراسته سيلتحق بفترة تدريب ميداني في إحدى أكبر شركات الصيانة في قطاع غزة، التي أبرم معها البرنامج اتفاقاً بهذا الشأن. وهو تدريب أساسي من أجل تهيئة المتخرجين لسوق العمل.