غزة.. الكتاب أيضاً محاصر

24 نوفمبر 2014
محمد الحواجري / فلسطين
+ الخط -
لم يقتصر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، منذ صيف العام 2006، على إغلاق المعابر الحدودية وضرب المقومات الاقتصادية، بل انعكست تداعيات الحصار على الحياة الثقافية، وخاصة حركة إدخال الكتب إلى غزة أو تصديرها، وساهم إغلاق معبر رفح البري في فرض القيود على الحياة الثقافية أيضاً.

وبلغت القيود ذروتها في عامي 2013 و2014، عندما لم تتمكن وزارة الثقافة من تنظيم "معرض الكتاب الدولي" في موعده المعتاد، وهو الأمر الذي أرجعه مدير الإدارة العامة للمعارض بوزارة الثقافة في غزة، محمد الشريف، إلى الأوضاع الداخلية التي شهدتها مصر، وما تبعها من إغلاق معبر رفح، وعدم السماح لدور النشر العربية والأجنبية من الدخول إلى المدينة للمشاركة في المعرض.

وقال الشريف، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن المعوقات هذا العام أيضاً بقيت على حالها، بل تضاعفت بعد العدوان الصهيوني الأخير، ما أثّر على نسبة إقبال المواطنين على القراءة وشراء الكتب وأوجد لديهم أولويات أخرى في ظلّ تدهور الأوضاع الاقتصادية وتفاقم الأزمات المالية للمواطنين، إلى جانب التبعات النفسية للعدوان.

وأوضح الشريف أنّ الإغلاق المتكرر لمعبر رفح منع البعثات الثقافية المتبادلة بين الدول العربية وغزة، سيما الشبابية منها، من مشاركة المكتبات الغزية في المعارض الخارجية العربية والأجنبية، مبيناً أن أهمية تنظيم معرض الكتاب تكمن في تغذية أفراد المجتمع بأجود الكتب، ومواجهة التحديات الثقافية التي تسعى لتجهيل الشعب الفلسطيني.

ونبّه الشريف إلى أن الاحتلال يفرض منذ سنوات طويلة قيوداً مشدّدة على حركة إدخال الكتب إلى القطاع أو تصديرها، فيمنع الكتب التي تتحدث عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وكذلك التي تشيد بصمود أهالي القطاع في وجه الحصار وعدوان 2008 وإنجازات المقاومة في عدوان 2012 و2014.

ونجحت وزارة الثقافة عام 2011 في تنظيم أول معرض دولي للكتاب، رفع شعار "فلسطين تقرأ رغم الحصار" بعد تأخر دام تسع سنوات، نتيجة لعدة معوقات، واقتصر الحضور حينها على نحو 30 مشاركة عربية من أصل 100 دار نشر عربية، كان من المقرر أن تحضر المعرض، في حين لم يحظَ المعرض بأي مشاركة دولية نتيجة للحصار الإسرائيلي.

من جانبه، وصف مدير عام مكتبة اليازجي للنشر والتوزيع، حاتم اليازجي، حركة المكتبات في غزة ونسبة الطلب على شراء الكتب بـ"الضعيفة جداً"، الأمر الذي أثّر بشكل سلبي على معدلات استيراد الكتب من الخارج، في ظل ارتفاع أسعارها والإغلاق المتكرر لمعبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد مع العالم الخارجي.

وقال اليازجي، في حديث لـ "العربي الجديد"، إنه منذ تأسيس المكتبة قبل نحو 40 عاماً، لم تشهد غزة ومكتباتها المختلفة حصاراً ثقافياً، كما في السنوات السبعة الماضية، إذ واجهت حركة إدخال الكتب عدّة معوقات، أجبرت على جعل رفوف المكتبات شبه خالية، وعدم قدرة المكتبات على توفير آخر الإصدارات والمراجع العلمية الحديثة والكتب اللازمة لطلبة الدراسات العليا وطلبة الجامعات، إلا بصعوبات بالغة.

وناشد اليازجي المؤسسات العربية والدولية التي تعنى بالثقافة ونشر العلم والمعرفة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بالضغط على الاحتلال لرفع القيود المشددة على نشاط المكتبات في غزة، مبيناً أن الاحتلال يمنع بشكل مطلق تصدير أي كتاب من داخل غزة منذ العام 2007.

يشار إلى أن آخر معرض للكتاب نظم في غزة، كان بتاريخ 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 واستمر لعشرة أيام، واحتوى على نحو 400 ألف كتاب، وشارك فيه 70 دار نشر عربية من مصر ولبنان والكويت والسعودية، و15 مكتبة وداراً محلية في فلسطين، إضافة إلى حضور نخبة كبيرة من الأدباء والكتاب والمفكرين والمثقفين الفلسطينيين والعرب.

المساهمون