غزة الفاضحة للوظيفة

14 نوفمبر 2018
غزة كشفت مجدداً عمق القاع العربي (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

لا يكشف انسحاب وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، من منصبه، إفلاس الرهان على هزيمة الفلسطينيين فحسب، فهذا الأمر يضاف إلى قائمة طويلة فرضتها معادلة فلسطينية في الميدان. معادلة كشفت انحدار ارتباط الأنظمة الرسمية العربية إلى مستويات تبادلية وظيفية بحثاً عن البقاء.

فما تسرب عن أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بعد دفاع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وسفير الاحتلال في واشنطن، عنه، سعى لعدوان على قطاع غزة كمخرج لحالة مأزومة، يفضح القصة من ألفها إلى يائها، في حال صحت الرواية. وفي انفضاح السياسة الانتهازية والانبطاح لتحقيق مصالح أضيق، بعيداً حتى عن الوطنية، في طلب استمرار مشروعية الحكم، يتبين مقصد إعادة تدريس التربية، والتي مارستها، خلال السنوات الماضية، هذه الأنظمة في مسار الوعي الجمعي، عبر ثلة من أبواق التطبيع إلى حد "الدعاء" لانتصار "إسرائيل على حماس الإرهابية". وبين أسطر ما ساقه المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، مساء الثلاثاء الماضي، بلسان أقرب إلى رهط التطبيع، ينكشف التوتر الذي وضعتهم غزة في زاويته. فمخاطبة العقل التسطيحي عن "مدنيين" في المستوطنات المحيطة بغزة، والتبجح بقصف قناة "الأقصى"، ودغدغة شعبوية البعض "العربي"، في لهفة "انتصار إسرائيل"، يتضح أيضاً ما أرادت الأنظمة ومطبعي "النخب" من نتنياهو، كأن يقال للعربي: أنظر إلى الرخاء الاقتصادي في الضفة الغربية، لاستعادة شعار "بدنا نعيش" الانهزامي.

لا أسرار هنا في التقاء الدحلانية (القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان) الفلسطينية، التي أقسمت منذ 2006 على أن تجعل الناس، مع الانبطاحية العربية، يعتبرون أن قضية فلسطين "صداع لا شأن لنا به". فغزة كشفت مجدداً عمق القاع العربي الذي وصل إليه مأزوماً في معارك دونكيشوتية بحثاً عن "عاصمة القرار العربي". والنظام العربي المشغول بإبعاد الشبهة عن نفسه، بغياب شرعيته الوطنية، إن بصفقة قرن، أو بتبعية عمياء للوبيات الصهيونية، أو بجعل نفسه "مجرد وسيط"، في قضية لا يزال الشارع يراها أم قضاياه، لم يعد في الواقع أكثر من نظام وظيفي، وأبسط الشواهد عليه، شرقاً وغرباً، غزة مكررة منذ 2011.
المساهمون