لا تتمكن أسرة المواطنة بهية درابيه (50 عاماً)، وهي من متضرري أبراج الندى السكنية شمال قطاع غزة التي دمرتها الحرب الإسرائيلية عام 2014، من ممارسة تفاصيل حياتها بشكل طبيعي، بعد مضي نحو 51 يوماً في اعتصامهم المفتوح.
وتشارك عائلة درابيه عدداً من العائلات التي اتخذت من مقر عيادة الصفطاوي، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مقراً لها، احتجاجاً على عدم صرف بدل إيجار لهم منذ عدة أشهر، وهو الالتزام الذي قطعته وكالة الغوث على نفسها، حتى تتمكن الأسر المتضررة من السكن في بيوتها عام 2020، لكنها لم تلتزم به.
وتقول بهية درابيه لـ "العربي الجديد"، إن بناتها لا يتمكنّ من الدخول للمطبخ أو الحمام بشكل طبيعي، وذلك لاكتظاظ المكان بالسكان والمراجعين، وأن حياتهم التي أجبروا عليها لا توفر أدنى شروط العيش الآدمي، مضيفة: "نحن لا نرغب بمواصلة الاعتصام داخل مقر العيادة، وفّروا لنا بدل إيجار حتى نتمكن من دفع الديون المتراكمة علينا".
وتشابه حالة بهية أحوال زميلتها أم حسن حمّاد، التي شاركت في الاعتصام الذي نظمه أصحاب البيوت المدمرة عام 2014 اليوم الإثنين أمام مقر عيادة الصفطاوي التابعة لـ"أونروا"، موضحة أنها سكنت في مقر العيادة لعدم قدرتها على دفع مستحقات الإيجار، التي تراكمت عليها منذ ما يزيد عن 6 أشهر.
وتفصل حمّاد في حديثها لـ "العربي الجديد" قائلة: "زوجي موظف متقاعد، ولا يمكننا سداد الديون التي تراكمت علينا بفعل توقف وكالة الغوث عن صرف بدل الإيجار، نحن لا نطالب سوى بحق من حقوقنا حتى نتمكن من العودة إلى منازلنا".
وتوافقها في الرأي أم محمد الحملاوي (34 عاماً)، ولديها أسرة مكونة من 7 أشخاص من بينهم ابن متزوج، قائلة: "حجز المؤجر عفش البيت لعدم قدرتنا على سداد الديون المتراكمة ودفع بدل الإيجار، وكل هذا بفعل تنصل وكالة الغوث من مواصلة دفع الإيجار منذ النصف الثاني من عام 2018".
أما أبو عدلي أحمد، وهو رب أسرة متضررة وعددها 8 أفراد، وكانت تسكن في أبراج الندى قبل تدميرها في حرب 2014، فيقول بأن المشكلة الأساسية بدأت عام 2014، إلا أنها تدرجت بعدد من الأزمات الأخرى حتى نصف عام 2018، الذي توقفت فيه وكالة الغوث عن دفع بدل الإيجار.
ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن المتضررين نظموا اعتصاماً في شهر يوليو/ تموز 2018، وهو الشهر الأول الذي تلى عدم التزام أونروا بالدفع، واستمرت الاعتصامات حتى هذه اللحظة، في ظل عدم وجود أي وعود أو أفق للحل، وسط تصريحات للوكالة بوجود أزمة مالية تحول بينها وبين السداد.
ويضيف: "صوتنا وصل لكل المسؤولين في أونروا، وباتت قضيتنا معروفة للقاصي والداني، إلا أنها لا تجد آذاناً صاغية للحل، على الرغم من أن العائلات وعددها نحو 350 عائلة، أصبحت بلا مأوى، وملاحقة من أقسام الشرطة والمحاكم بفعل عدم الالتزام بالسداد".
ويطالب محمد الغرباوي، المتحدث باسم أصحاب البيوت المدمرة عام 2014، في كلمة له خلال الاعتصام، وكالة "أونروا" بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية تجاه العائلات بدفع بدل الإيجار، محملاً إياها المسؤولية الكاملة عن أي ضرر قد يمسّ تلك العائلات والأسر.
وأكد رفض أصحاب البيوت المدمرة للتهديد بإغلاق مقر العيادة، في حال مواصلة استمرار الاعتصام، مضيفاً: "يجب على مدير عمليات أونروا في غزة ماتياس شمالي إيجاد الحلول بدلاً من التهديد والوعيد"، وشدد على أن العائلات لن توقف اعتصامها حتى انتهاء أزمتها المتواصلة.