غالياني وبيرلوسكوني.. أسرار وخفايا وراء العلاقة الغامضة

26 أكتوبر 2015
أسرار وخبايا من السنوات الماضية (العربي الجديد)
+ الخط -

بالنسبة لجمهور ميلان، هو المسؤول الأول عن إخفاقات الفريق، وعن تدهور حاله ومستواه. هو رجل الساعة بل كل الساعات، للمدرجات والإلتراس واللاعبين. إنه السيد أدريانو غالياني، والذي ولد في مونزا عام 1944.

هو رجل أعمالٍ بارع وابن عائلة غنية، لديها من الأملاك الكثير، ومن دون شك هو رفيق العمر لسيلفيو بيرلوسكوني، منذ أكثر من 27 سنة، يشغل موقع إداري مسؤول في نادي ميلان، وفي آخر 5 مواسم، يصنف المتهم رقم واحد في الفشل، وطرده من القلعة الحمراء والسوداء، يأتي على رأس قائمة أحلام كل من يعشق ألوان الروسونيري.

ولكن لماذا الرئيس سيلفيو الحساس جداً تجاه تقلب مزاج الشارع والجماهير لأسباب تخرج عن النطاق الرياضي البحت، لم يحقق هذه الأمنية؟ هل السبب هو فقط مكافأة نهاية الخدمة (حوالي 33 مليون صافية من الضرائب)؟ أم هناك أمر آخر؟

برلسكوني والتعرف إلى غالياني
لمعرفة الخبايا والسر، علينا العودة إلى العام 1979، بيرلوسكوني كان يعيش بدايته كرجل أعمال، ووقع في مأزق كبير بسبب قرض مالي ضخم، تحصّل عليه عبر علاقات، قد يصفها البعض بالمشبوهة أو ربما غير الواضحة إذا صحّ القول، (هذه العملية فقط تحتاج لمجلد)، لبناء حي سكني وقناة تلفزيونية داخلية، تبث فقط لسكان هذا الحي (تيلي ميلانو 85).

الفكرة كان جديدة ولكن التكلفة كانت ضخمة، ومبيعات الشقق لم تغط المصاريف ولم تضمن أي ربح للعقاري الشاب سيلفيو، الذي وقع في حيرة من أمره وأصبح يبحث عن شريك ينقذه من الرمال المتحركة، ويضمن له على الأقل تغطية التكاليف. وعلى هامش مؤتمر لدار موندادوري للنشر (بدورها ستصبح ملك سيلفيو لاحقاً بعملية لولبية أخرى بتوقيع غالياني)، تعرف سيلفيو إلى أدريانو غالياني، الذي كان يرأس شركة إيليترونيكا أندوستريالي، لتصنيع تجهيزات للبث المرئي والمسموع، والذي كان الممول الأول لقناة تيلي مونتي كارلو.

غالياني وعملية الإنقاذ السريع
الصداقة سرعان ما تحولت لشراكة، وعرض غالياني على بيرلوسكوني حلاً للخروج من تلك الأزمة، أي تحويل القناة الداخلية إلى قناة محلية، تبث في إقليم لومبارديا أولاً ومن ثم بجميع أقاليم إيطاليا، وذلك يؤدي إلى كسب الأموال عبر الإعلانات المرئية. لكن تحقيق هذا الهدف، كان يشترط الحصول على تراخيص (أمر شبه مستحيل حينها في إيطاليا)، وثانياً تمويل شراء محطات البث، وثالثاً الدعم اللازم لترويج الفكرة والمنتوج.

لكن الداهية غالياني، كان لديه الحلّ الأمثل لكل هذه المشاكل، ولذلك سنبدأ بالترتيب اللازم لتوضيح الأمر. في سبتمبر 1979 أصبح بيرلوسكوني شريك غالياني في شركة إيليترونيكا أندوستريالي، بطريقة سحرية، وبذلك حلت مشكلة شراء معدات البث (هنا لم يفهم أحد كيف أصبح شريكاً، وهو الذي كان غارقاً في الديون). وفي عام 1980 تم دفن قناة (تيلي ميلانو 85)، وحلّت مكانها قناة (كانالي تشينكوي) للشريكين غالياني وبيرلوسكوني، وفي يونيو 1980 صدر حكم عاجل من المحكمة الدستورية يسمح لأي شخص بفتح وتأسيس وتسيير قنوات خاصة إقليمية، بعد أن قدم السياسي بيتينو كراكسي طلبا ومقترحا خاصا بذلك (صديق قديم العهد لغالياني). وفي عام 1981 نفس المحكمة سمحت لقناة بيرلوسكوني بالبث في كل إيطاليا.

هل اكتملت الرؤية والصورة الآن؟ ربما، ولكن هناك أجزاء أخرى يجب تسليط الضوء عليها، ففي عام 1982، وعبر علاقات خاصة استطاع غالياني أن يشتري حقوق مسلسل دالاس الأميركي الشهير، من قناة راي التي لم تؤمن بنجاح المسلسل حيث اعتبرته لا يتماشى مع القيم الأخلاقية والثقافية في إيطاليا. وبالطبع بدأ بيرلوسكوني في بث حلقات المسلسل على قناته، وبسرعة البرق أصبح مسلسل دالالس، الأكثر شعبية في إيطاليا وباتت الشركات تتسابق لبث إعلاناتها قبل وأثناء وبعد الحلقة المسائية بالمئات.

شراء ميلان بطرق مذهلة
وهنا نصل إلى صلب الموضوع، في عام 1982 نصح رئيس الطائفة الماسونية (بي 2) لوتشو جيلي بيرلوسكوني بشراء نادي كرة قدم لتلميع صورته أمام الشارع الإيطالي بعد أن انتشرت الأقاويل عن علاقاته المشبوهة، وقضية القناة، سيما قضية استيلائه على فيلا أركوري على حساب يتيمة مضطربة عقلياً، كانت تعالج في أميركا، فاستغل سيلفيو غيابها لخطف العقار منها بمبلغ رمزي، بعد إيهامها بأن الفيلا ثمنها بخس، وقد تتعرض للهدم.

بيرلوسكوني كان قد فكّر في شراء نادي إنتر أولاً في عام 1978، ولكن رئيس إنتر فريتسولي، رفض العرض لأسباب عاطفية، وبعد الحديث مع جيلي قرر هذه المرة شراء ميلان لأسباب ترويجية، لأن اسم الحي السكني الذي شيده كان ميلانو 2، واسم المجموعة المصرفية التي أسسها بيرلوسكوني مع السيد إينيو دوري (صديق آخر لغالياني) كان ميديولانوم (أي الاسم القديم لميلانو).

وبالطبع لانشغاله المستمر، كان بيرلوسكوني في حاجة لشخص يثق به كلياً لتسيير المفاوضات من أجل شراء ميلان، وهنا لعب غالياني دوراً محورياً، وهو الذي كان يشغل منصب إداري في نادي مونزا، واستطاع قيادة سيلفيو في عالم كان بعيداً عنه كلياً، أي لعبة الساحرة المستديرة كرة القدم، وبفضل علاقاته، ونوعاً ما صداقاته (الرئيس السابق فارينا تحدث علناً عن ضغوطات سياسية وتهديدات أجبرته على البيع) استطاع غالياني أن يحسم الصفقة وفي أكتوبر 1985، صرّح رئيس ميلان إلدو فارينا: "أترك ميلان لسبب خطير لا أستطع قوله الآن".

وعلى ضوء ما تطرقنا إليه أعلاه، من الممكن التكهن بخروج سهل للسيد أدريانو غالياني من قلعة ميلان؟ على القارئ أن يحكم بنفسه….

المساهمون