تؤدي النساء العُمانيات الرّيفيّات أدواراً مختلفة في نطاق مجتمعهنَّ المحلّي، ولا يقتصر هذا الدّور على تكوين الأسرة والمشاركة في التعليم، بل يتجاوزنه إلى ما هو أبعد بالمشاركة في توفير الدخل لأُسرهن، وتحسين المعيشة من خلال عملهن في المشاريع المنزلية والبيئية.
وتتشارك نساء السلطنة، ريفاً وحضراً، في محدودية فرص التوظيف، وتُشير البيانات الرسمية، إلى أن عدد النساء العاملات المقيدات في سجل الخدمة المدنية العُماني لا يتجاوز 106 آلاف امرأة، بما يعادل نحو 49% من إجمالي النساء القادرات على العمل خلال العام الجاري 2015.
وفي مقابل هذه النّسب، تسجل المرأة العُمانية في المناطق الرّيفية، حضوراً في أعمال كالزراعة وتربية الثروة الحيوانية وإعادة إنتاج المواد الغذائية، كصناعة الأجبان والألبان وإنتاج البيض وتربية المناحل. فالمرأة في هذه الأعمال سجلت حضوراً أعلى من الرجل في العديد من المجالات الزراعية.
65.6% من إجمالي النساء الريفيات يعملن في الزراعة والتربية الحيوانية، كما أن جُلّهنَّ ينتمين إلى الفئة ذات الإمكانات المتواضعة من حيث مساحة المزرعة والمعدات والموارد، إضافةً إلى الاعتماد الكلي على إنتاج المزرعة، كمصدر أساسي ووحيد لدخل الأسرة، بحسب إحصاءات دائرة المرأة الريفية في وزارة الزراعة والثروة السمكية.
"هل تفكرين في مشروع ناجح؟ هل تبحثين عن دخل إضافي؟".
كانت هذه أسئلة "العربي الجديد"، التي توجهت بها إلى النساء الريفيات في المجتمع العُماني، ومن المفارقة أن أغلب النساء، كُنَّ، على دراية بنوعية المشاريع المناسبة لطبيعة الحياة في الأماكن الرّيفية، والتي تقل فيها فرص حصولهن على وظائف حكومية أو في القطاع الخاص.
سعيدة المشرفي، في العقد الرابع من العمر، أرملة، وتعيل أسرة من ستة أفراد. قالت لـ "العربي الجديد": "أعمل على مشروعي الذي بدأته قبل خمس سنوات في تربية الدواجن في ولاية قريات. كانت البداية بعد وفاة زوجي المُعيل الوحيد للأسرة، وعدم كفاية مبلغ الضمان الاجتماعي، لذا، قررت أن أنزل للسوق واستفدت من مشاريع المرأة الريفية".
وتضيف أنها تلقت الدعم والمساندة، وزودتها دائرة التنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة بالدجاج البيّاض وكان عددها وقتئذِ 50 دجاجة، وها هي الآن تتجاوز 800 فرخة بياضة وتنتج ما لا يقل عن 300 بيضة يومياً، تدر دخلاً يكفيها وعائلتها.
وعن التدريب الذي استفادت منه من مندوبات دائرة المرأة الريفية، تقول سعيدة: "خضعت لعدة دورات تدريبية، وتعلمت الطرق الحديثة والسليمة في الاعتناء بتربية الدواجن من حيث طريقة التغذية والإيواء والرعاية الصحية، وتعلمت كيف يمكن أن أوفر البيئة الصحية للدجاج كي لا تصاب بالأمراض ومتى أعطيها عقاقير الوقاية، إضافة إلى دورات أخرى عن كيفية تجهيز العنابر وجمع وحفظ البيض وطريقة التسويق". وتابعت "أنا اليوم ممتنة لقدرتي على إعالة أسرتي من خلال استثماري المنزلي في تربية الدواجن البياضة".
مريم السّراي، نموذج أخر للنجاح، تعيش مع عائلتها في المنطقة الشرقية وبدأت في مشروعها العائلي منذ ثلاث سنوات.
تحكي مريم لـ "العربي الجديد" عن تجربتها قائلة: "بدأت مشروعي الزراعي، رغم اعتراض الأهل المتكررة على اعتبار أن الزراعة من المهن الشاقة على النساء".
وتضيف بأنها تقدمت إلى عدة جهات تدعم المشاريع الصغيرة، إلى أن حظيت بالموافقة من إحداها فتم تمويلها بمبالغ بسيطة شريطة أن تستثمر قطعة الأرض التي مُنحت لها.
وتقول مريم، إنها ومنذ اللّحظة الأولى أخذت تفكر في تطوير مشروعها الزراعي، ما دفعها لإدخال مزروعات جديدة مطلوبة في السوق، تلك المزروعات اضطرتها لتطوير نظام الرّي، من النظام اليدوي إلى الآلي؛ ما وفّر الكثير من الوقت والجهد. ولم تكتف مريم بما حصلته من معرفة خلال دراسة مشروعها الزراعي، حيث أثقلت معرفتها من خلال برامج الإرشاد الزراعي، والاطلاع على تجارب النساء الرّيفيات في الخليج والوطن العربي، ما أفضى في نهاية المطاف إلى تطوير مشروعها الزراعي ودعمه بالمزيد من الأفكار لتنويع مصادر الدخل؛ كتخصيص مساحة من الأرض لإقامة حظائر للأبقار والأغنام.
اقرأ أيضا: التمور العُمانية..هوية في مهب الإنتاج والتسويق
وتؤكد أنه بعد مرور السنوات الثلاث الأولى من عمر المشروع، ها هي تحصد إعجاب الأهل والمجتمع المحلي، لقدرتها على إدارة مشروعها الزراعي بنجاح، ومشاركتها الفاعلة في ميزانية العائلة.
وأوضحت مريم أن المشروع جعلها أكثر ثقةً بقدراتها وبنفسها، وبأنها باتت متأكدة من قدرتها على الاعتماد على نفسها. وعلى أن ما يجعلها تفخر بإنجازها ينبع من رغبة أكيدة في تغير الصورة النمطية عن النساء الرّيفيات، فما يُشاع عن أنهن غير قادرات على العمل ومجارات النساء الحضريات في الإنتاجية وتحسين ظروف الحياة، يزعجها كثيراً.
وتؤكد مريم، على المطالبات المتكررة من قبل النساء إلى الجهات الداعمة، بضرورة التركيز على الاستفادة من برامج تحسين الدخل للأسر، وتطوير الأفكار الحكومية تجاه مشاريع موارد الرزق، وتسهيل شروط الاستفادة من صناديق دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة.
نماذج كثيرة ناجحة، أثبتت فيها المرأة الريفية العُمانية، قدرتها على العمل ضمن نطاقها المجتمعي والعائلي، بما لا يتعارض مع العادات والتقاليد في البيئات الريفية، والتي كانت لوقت قريب ترفض فكرة عمل المرأة بخاصة في الأعمال التي امتهنها الرجال عبر التاريخ.
وتحكي نايفة المحروقي، إحدى المستفيدات من مشاريع تنمية المرأة الريفية، وصاحبة مشغل أجبان عن مشروعها الرّيادي قائلة: "أعيش في منطقة ريفية وبجواري مناطق صحراوية شاسعة، فكرت في مشروع يدر عليَّ الدخل فلم أجد أفضل من تأسيس مشغل للأجبان، حيث أن الحليب متوفر بكثرة بحكم توفر الماشية وكثافة الرّعي".
وتضيف "في السابق، كانت النساء الريفيات والبدويات يكتفين بتصنيع الحليب إلى سمن أو صناعة الجبن التقليدي، وقد وجدت أنه من الأفضل العمل على جمع الحليب من قبل النساء اللواتي يربين الماشية، وبعد جَمعه أقوم بمعالجته بالطرق الصحيّة الحديثة، وبواسطة الآلات الحديثة أيضاً، والتي حصلت عليها من قبل صندوق "موارد الرّزق" المتخصص في دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة". وفي معملها البسيط، تقوم المحروقي، بمعالجة الحليب وتحويله إلى جبنٍ أبيض، ثم تغليفه وتسويقه إلى منافذ البيع في المحلات الكبيرة.
وتشير كثير من الدراسات الميدانية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، إلى أن المرأة الرّيفية العُمانية، كانت الأكثر نجاحاً في تطوير المشاريع الإنتاجية، سيما تلك المنزلية والحقلية.
ولم تحظ المشاريع البيئية المنزلية والتي تقدمها الكثير من الصناديق الخليجية الاقتصادية، بنسب المشاركة الفاعلة من قبل النساء الريفيات، قياساً بما تحقق في سلطنة عُمان، حيث عرفت نساؤها التنوع في أفكار المشاريع، كنشر وتوزيع السلالات المحسنة من الماعز والضأن، ومشاريع تربية وإكثار نحل العسل، وتطوير الحاصلات الحقلية العمانية. كل تلك المشروعات كان لها الأثر الكبير في تحسين مستوى الدخل للنساء في المناطق الرّيفية البعيدة عن الحواضر العُمانية.
اقرأ أيضا: عُمان لم تعد جنة المستأجرين في الخليج
وتتشارك نساء السلطنة، ريفاً وحضراً، في محدودية فرص التوظيف، وتُشير البيانات الرسمية، إلى أن عدد النساء العاملات المقيدات في سجل الخدمة المدنية العُماني لا يتجاوز 106 آلاف امرأة، بما يعادل نحو 49% من إجمالي النساء القادرات على العمل خلال العام الجاري 2015.
وفي مقابل هذه النّسب، تسجل المرأة العُمانية في المناطق الرّيفية، حضوراً في أعمال كالزراعة وتربية الثروة الحيوانية وإعادة إنتاج المواد الغذائية، كصناعة الأجبان والألبان وإنتاج البيض وتربية المناحل. فالمرأة في هذه الأعمال سجلت حضوراً أعلى من الرجل في العديد من المجالات الزراعية.
65.6% من إجمالي النساء الريفيات يعملن في الزراعة والتربية الحيوانية، كما أن جُلّهنَّ ينتمين إلى الفئة ذات الإمكانات المتواضعة من حيث مساحة المزرعة والمعدات والموارد، إضافةً إلى الاعتماد الكلي على إنتاج المزرعة، كمصدر أساسي ووحيد لدخل الأسرة، بحسب إحصاءات دائرة المرأة الريفية في وزارة الزراعة والثروة السمكية.
"هل تفكرين في مشروع ناجح؟ هل تبحثين عن دخل إضافي؟".
كانت هذه أسئلة "العربي الجديد"، التي توجهت بها إلى النساء الريفيات في المجتمع العُماني، ومن المفارقة أن أغلب النساء، كُنَّ، على دراية بنوعية المشاريع المناسبة لطبيعة الحياة في الأماكن الرّيفية، والتي تقل فيها فرص حصولهن على وظائف حكومية أو في القطاع الخاص.
سعيدة المشرفي، في العقد الرابع من العمر، أرملة، وتعيل أسرة من ستة أفراد. قالت لـ "العربي الجديد": "أعمل على مشروعي الذي بدأته قبل خمس سنوات في تربية الدواجن في ولاية قريات. كانت البداية بعد وفاة زوجي المُعيل الوحيد للأسرة، وعدم كفاية مبلغ الضمان الاجتماعي، لذا، قررت أن أنزل للسوق واستفدت من مشاريع المرأة الريفية".
وتضيف أنها تلقت الدعم والمساندة، وزودتها دائرة التنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة بالدجاج البيّاض وكان عددها وقتئذِ 50 دجاجة، وها هي الآن تتجاوز 800 فرخة بياضة وتنتج ما لا يقل عن 300 بيضة يومياً، تدر دخلاً يكفيها وعائلتها.
وعن التدريب الذي استفادت منه من مندوبات دائرة المرأة الريفية، تقول سعيدة: "خضعت لعدة دورات تدريبية، وتعلمت الطرق الحديثة والسليمة في الاعتناء بتربية الدواجن من حيث طريقة التغذية والإيواء والرعاية الصحية، وتعلمت كيف يمكن أن أوفر البيئة الصحية للدجاج كي لا تصاب بالأمراض ومتى أعطيها عقاقير الوقاية، إضافة إلى دورات أخرى عن كيفية تجهيز العنابر وجمع وحفظ البيض وطريقة التسويق". وتابعت "أنا اليوم ممتنة لقدرتي على إعالة أسرتي من خلال استثماري المنزلي في تربية الدواجن البياضة".
مريم السّراي، نموذج أخر للنجاح، تعيش مع عائلتها في المنطقة الشرقية وبدأت في مشروعها العائلي منذ ثلاث سنوات.
تحكي مريم لـ "العربي الجديد" عن تجربتها قائلة: "بدأت مشروعي الزراعي، رغم اعتراض الأهل المتكررة على اعتبار أن الزراعة من المهن الشاقة على النساء".
وتضيف بأنها تقدمت إلى عدة جهات تدعم المشاريع الصغيرة، إلى أن حظيت بالموافقة من إحداها فتم تمويلها بمبالغ بسيطة شريطة أن تستثمر قطعة الأرض التي مُنحت لها.
وتقول مريم، إنها ومنذ اللّحظة الأولى أخذت تفكر في تطوير مشروعها الزراعي، ما دفعها لإدخال مزروعات جديدة مطلوبة في السوق، تلك المزروعات اضطرتها لتطوير نظام الرّي، من النظام اليدوي إلى الآلي؛ ما وفّر الكثير من الوقت والجهد. ولم تكتف مريم بما حصلته من معرفة خلال دراسة مشروعها الزراعي، حيث أثقلت معرفتها من خلال برامج الإرشاد الزراعي، والاطلاع على تجارب النساء الرّيفيات في الخليج والوطن العربي، ما أفضى في نهاية المطاف إلى تطوير مشروعها الزراعي ودعمه بالمزيد من الأفكار لتنويع مصادر الدخل؛ كتخصيص مساحة من الأرض لإقامة حظائر للأبقار والأغنام.
اقرأ أيضا: التمور العُمانية..هوية في مهب الإنتاج والتسويق
وتؤكد أنه بعد مرور السنوات الثلاث الأولى من عمر المشروع، ها هي تحصد إعجاب الأهل والمجتمع المحلي، لقدرتها على إدارة مشروعها الزراعي بنجاح، ومشاركتها الفاعلة في ميزانية العائلة.
وأوضحت مريم أن المشروع جعلها أكثر ثقةً بقدراتها وبنفسها، وبأنها باتت متأكدة من قدرتها على الاعتماد على نفسها. وعلى أن ما يجعلها تفخر بإنجازها ينبع من رغبة أكيدة في تغير الصورة النمطية عن النساء الرّيفيات، فما يُشاع عن أنهن غير قادرات على العمل ومجارات النساء الحضريات في الإنتاجية وتحسين ظروف الحياة، يزعجها كثيراً.
وتؤكد مريم، على المطالبات المتكررة من قبل النساء إلى الجهات الداعمة، بضرورة التركيز على الاستفادة من برامج تحسين الدخل للأسر، وتطوير الأفكار الحكومية تجاه مشاريع موارد الرزق، وتسهيل شروط الاستفادة من صناديق دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة.
نماذج كثيرة ناجحة، أثبتت فيها المرأة الريفية العُمانية، قدرتها على العمل ضمن نطاقها المجتمعي والعائلي، بما لا يتعارض مع العادات والتقاليد في البيئات الريفية، والتي كانت لوقت قريب ترفض فكرة عمل المرأة بخاصة في الأعمال التي امتهنها الرجال عبر التاريخ.
وتحكي نايفة المحروقي، إحدى المستفيدات من مشاريع تنمية المرأة الريفية، وصاحبة مشغل أجبان عن مشروعها الرّيادي قائلة: "أعيش في منطقة ريفية وبجواري مناطق صحراوية شاسعة، فكرت في مشروع يدر عليَّ الدخل فلم أجد أفضل من تأسيس مشغل للأجبان، حيث أن الحليب متوفر بكثرة بحكم توفر الماشية وكثافة الرّعي".
وتضيف "في السابق، كانت النساء الريفيات والبدويات يكتفين بتصنيع الحليب إلى سمن أو صناعة الجبن التقليدي، وقد وجدت أنه من الأفضل العمل على جمع الحليب من قبل النساء اللواتي يربين الماشية، وبعد جَمعه أقوم بمعالجته بالطرق الصحيّة الحديثة، وبواسطة الآلات الحديثة أيضاً، والتي حصلت عليها من قبل صندوق "موارد الرّزق" المتخصص في دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة". وفي معملها البسيط، تقوم المحروقي، بمعالجة الحليب وتحويله إلى جبنٍ أبيض، ثم تغليفه وتسويقه إلى منافذ البيع في المحلات الكبيرة.
وتشير كثير من الدراسات الميدانية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، إلى أن المرأة الرّيفية العُمانية، كانت الأكثر نجاحاً في تطوير المشاريع الإنتاجية، سيما تلك المنزلية والحقلية.
ولم تحظ المشاريع البيئية المنزلية والتي تقدمها الكثير من الصناديق الخليجية الاقتصادية، بنسب المشاركة الفاعلة من قبل النساء الريفيات، قياساً بما تحقق في سلطنة عُمان، حيث عرفت نساؤها التنوع في أفكار المشاريع، كنشر وتوزيع السلالات المحسنة من الماعز والضأن، ومشاريع تربية وإكثار نحل العسل، وتطوير الحاصلات الحقلية العمانية. كل تلك المشروعات كان لها الأثر الكبير في تحسين مستوى الدخل للنساء في المناطق الرّيفية البعيدة عن الحواضر العُمانية.
اقرأ أيضا: عُمان لم تعد جنة المستأجرين في الخليج