عيد تغلبه آلام النزوح في المخيمات العراقية

21 اغسطس 2018
ولدوا وكبروا في المخيمات ولا يعرفون معنى العيد(العربي الجديد)
+ الخط -


اختلطت الأيام على النازحين في العراق القابعين في مخيماتهم منذ عدّة سنوات، فلا يميزون أيام العيد من غيرها، بعدما فقدوا الشعور بمتعة هذه المناسبة التي يحتفي بها المسلمون وغيرهم في كافة بقاع الأرض. فعيد الأضحى هذا العام يمر كسابقيه على النازحين اليائسين من الوعود الحكومية وفاقدي الأمل بالعودة إلى مناطقهم من جديد.

نحو خمس سنوات من النزوح والقهر، أفقدت النازحين شعورهم بالانتماء للوطن، والذي يضيق عليهم، وتختصر فضاءاته ومساحاته ومناطقه بخيم لا تتسع لهم ولأطفالهم الذين كبروا فيها.

وقال أحد نازحي مخيمات محافظة صلاح الدين، واسمه عامر العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأوضاع في المخيمات هي ذاتها، لا يوجد دعم حكومي، ومعاناتنا مستمرة، فهذا العيد يمر علينا ونحن لا نشعر به. اختلطت علينا الأيام حتى كدنا لا نميز بين العيد وغيره"، مبينا أنّ "أطفالنا الذين كبروا وولد بعضهم في المخيمات، لم يعرفوا ما هو العيد، فهم لم يعيشوا أجواءه خارج مخيمات النزوح والقهر".

وأشار إلى أنّ "هذا العيد العاشر بين عيد فطر وأضحى يمر علينا منذ عام 2014، وأصبحنا لا نميزه عن الأيام الأخرى، فلا طعم للعيد في مخيماتنا التي فقدت أبسط مقومات الحياة".

ولا يختلف الحال في مخيمات النزوح بمحافظة كركوك، حيث آلاف العوائل النازحة من محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وبابل وديالى لا تحتفي بمناسبة العيد.
لا يدرون متى يعودون إلى بيتهم(العربي الجديد) 

وقال أحد نازحي مخيم ناحية ليلان، جنوب شرقي كركوك، واسمه أحمد العفري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأوضاع في المخيم صعبة جدا، فالخدمات قليلة، ونعاني من عدم وجود الرعاية الصحية"، مؤكدا أنّ "هذا العيد يمر علينا ونحن لا نعلم هل سيأتي يوم نعود فيه إلى ديارنا في قضاء تلعفر في نينوى".

وتابع "لا يبدو هناك أي أحساس بالعيد داخل مخيماتنا، فأنت ترى أطفالك وعائلتك أمام عينيك لا تستطيع تلبية حاجاتهم من ملابس أو طعام أو غيرها"، مبينا أنّ "هذا الإحساس بالعجز أمام متطلبات الأطفال ضيّق علينا حياتنا".

ولا تجد العوائل النازحة فرصة لإكمال مسيرة حياتها، فالآلاف منها فضلت البقاء بمخيمات لا تصلح للسكن على العودة إلى منازلها التي لم تبق منها سوى الأنقاض.

وقال عضو مجلس محافظة نينوى حسام الدين العبار، إنّ "أكثر من 15 ألف شخص من أهالي المحافظة ما زالوا في المخيمات، لعدم قدرة الإدارة المحلية على إيجاد حل لإعمار مناطقهم المدمرة، خصوصاً في الساحل الأيمن الذي دمر دماراً كبيراً".

وأضاف، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ "الكثير من العوائل فضّلت البقاء في المخيمات رغم انعدام مقومات الحياة فيها، بعدما يئست من العودة إلى منازلها المدمرة بالكامل، في ظل عجز حكومي عن تقديم أي شيء لها".

وتؤكد المؤسسات الحكومية وجود عجز كبير في الخدمات ومقومات الحياة بمخيمات النزوح. وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، في بيان صحافي، إنّ "وفد المفوضية الذي زار مخيمات النازحين في محافظة كركوك، أشار إلى نقص حاد في الخدمات الصحية والإنسانية والخدمية المقدمة من المفاصل الحكومية للمواطنين في مخيمات النازحين".

وأضافت أنّ "مخيمات النازحين ما زالت تفتقر للجزء الأعظم من الاحتياجات الإنسانية الضرورية، والتي يعتمد معظم سكان مخيمات النازحين فيها على المنظمات الإنسانية الدولية، بسبب غياب وتقاعس الأجهزة الحكومية المعنية"، مؤكدة "وجود تلكؤ في تنفيذ برامج العودة الطوعية، لعدم توفر متطلباتها، فضلا عن تقاعس الأجهزة الحكومية عن تلبيتها".

ومع إهمال الحكومة لملف النازحين، فإنّ مليشيات "الحشد الشعبي" تمنع الآلاف منهم من العودة إلى مناطقهم التي فرضت سيطرتها عليها منذ عدّة سنوات وسط صمت حكومي.