عيد "لوسار"... احتفال السنة الجديدة في إقليم التبت

01 يناير 2018
يتوافق العيد مع الثامن عشر من يناير 2018 (Getty)
+ الخط -
"لوسار" هو احتفال بالسنة الجديدة في إقليم التبت وفقاً للتقييم البوذي، وهو مكّون من مقطعين "لو" وتعني السنة ثم "سار" وتعني الجديدة، وفي هذا الاحتفال الذي يوافق الشتاء القاسي يتجمع حشد كبير من الرهبان في كاتماندو للرقص والغناء والمرح عبر رمي دقيق الشعير الذي يسمونه (تسامبا) في الهواء. 

هذا العام يتوافق العيد مع الثامن عشر من يناير/ كانون الثاني 2018، لكن الاستعدادات له بدأت منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول، فبعد أن يفي الناس بالمدينة بالتزاماتهم المعتادة للاحتفال بعيد الميلاد التقليدي المعروف، يتوافدون على أرض اللوسار للاحتفال بالعيد المحلي، الحجاج البوذيون والسكان يتحلقون في مواكب حول الرهبان بملابسهم الملونة الزاهية، في موكب من الحرير والمنسوجات الرائعة، كما يتزين المعبد والمدينة بأسرها بالحرير المزخرف والأكسسوارات الملونة، بما فيها السلاسل الكثيرة والرايات الدينية.

أهل المنطقة يستعدون بتنظيف منازلهم قبل العيد، فيجعلونها متألقة من الداخل والخارج بالألوان والزينة، استعدادا للسنة الجديدة وطرداً للشرور القديمة. وفي الاحتفال الكبير يتحدث الدلاي لاما إلى الحاضرين ويقود الرهبان الموجودين في إقامة الصلاة والطقوس ومناسك الاحتفال، وأيضاً في المواكب التي تدور حول ستوبا بودهاناث (المعبد المحلي والمزار). بينما فريق من الرهبان المحترفين يؤدون الرقصات الدينية ملثمين ممثلين معركة بين الخير والشر، حيث بالطبع ينتصر الخير دائماً.

لا يستطيع أحد تصوير الاحتفالات إلا بعد استئذان الرهبان والراهبات، فهم يعتبرون أنفسهم في صلاة وليسوا في حفل، ومن الوقاحة تصويرهم أو استخدام الفلاش وهم يصلون، لما في ذلك من خدش لرهبة الصلاة والتأمل.

يستغل السكان اللوسار لتقوية الروابط الاجتماعية داخل الأسرة ومع العائلة والجيران، ويفضلون قضاء اليوم الأول من السنة في ديارهم مع أسرهم، ويمتنعون عن الخروج ورؤية الأصدقاء في هذا اليوم. ثم في اليوم الثاني يخرجون مع الرهبان البوذيين لمشاركة الآخرين، حيث يحيون بعضهم بعضا بعبارة "تا شي ديليك" أي سنة جديدة سعيدة.

في الشوارع والبيوت يجري تبادل الهدايا احتفالاً بالعام الجديد، ومن الأساسيات توزيع الأرز الحلو مع الفواكه المجففة الشعبية، وإهداء الأقمشة والكوفيات الدافئة والـ"تشانغكول" وهو نبيذ مصنوع من الأرز، ويميل الناس إلى الإفراط في شرب الكحول طلبا للجرأة في العام الجديد. ويتبادل الأصدقاء كرات العجين التي تخفي بداخلها أشياء مثل الفحم والصوف، وهي ترمز إلى تمني أن ينال مستلم الهدية الثراء والغنى في العام الجديد. ومن كانت هديته بيضاء داخل كرة العجين، فسيقضي اثني عشر شهراً سعيدة، أما من وجد الأشياء السوداء، فعليه أن يكون أكثر حذراً في عامه المقبل.

ورغم ارتباط عيد اللوسار بالديانة البوذية؛ فإن المناسبة قديمة وتسبق في التبت وجود الديانة نفسها في المنطقة، لذلك يتمسَّك السكان بعاداتهم القديمة التي اختلطت بالعادات الوافدة مع الرهبان البوذيين، فالجميع في النهاية يسعى لإرضاء الآلهة سواء المحلية أو البوذية.
وعلى غرار الأعوام الصينية التي يسمى كل منها باسم مخلوق، مثل التنين والثعبان والديك وغيره، فإن التبتيين معروفون أيضا بتسمية أعوامهم بأسماء عناصر الطبيعة كالماء والنار والخشب، مضافة إلى أسماء المخلوقات مثل: أنثى الطائر الخشبي، أو ذكر كلب النار. وكل اسم لا يتكرر إلا بعد ستين عاماً، وكل مهرجان يأخذ طابعا من ذلك الاسم، لذلك لا يتكرر العيد غالبا في حياة الحاضرين البالغين.




دلالات
المساهمون