وتنطوي عملية استهداف موكب النائب العام المساعد، في منطقة البنفسج بالتجمع الأول، على دلائل عدة، ما يؤكد استمرار المجموعات المسلحة التي تعمل على الساحة خارج سيناء في العمل بشكل طبيعي، ولكن الأخطر هو تطور مجموعات العنف الناشئة لحد القدرة على تصنيع سيارات مفخخة.
تلك المجموعة تطلق على نفسها اسم "سواعد مصر - حسم"، وهي من أعلنت مسؤوليتها عن استهداف موكب النائب العام المساعد. وذكرت الحركة، التي تعتبر من مجموعات العنف الناشئة على الساحة المصرية، أن "فرقة التفجيرات المركزية التابعة لها، تمكنت من استهداف موكب النائب العام المساعد بسيارة مفخخة بالقرب من منزله ووسط حراساته المشددة". ويعتبر استهداف موكب النائب العام المساعد أول عملية تنفذها جماعة مسلحة صغيرة باستخدام أسلوب السيارات المفخخة، الذي يعد أحد أساليب الجماعات الجهادية. وتنذر هذه العملية الأخيرة بمزيد من العمليات من نفس النوع لاستهداف شخصيات بارزة في الدولة باستخدام السيارات المفخخة، خاصة مع التطور الذي باتت عليه مجموعات العنف الناشئة.
ويعتبر مراقبون أن المجموعات المسلحة الصغيرة بدأت تتطور بشكل كبير؛ وهو ما يشكل خطراً على الأمن الداخلي وينذر بكارثة وتحويل مصر إلى ساحة من المواجهات، مع التأكيد على الفشل الأمني الكبير في عدم القدرة على الوصول إلى الأطراف الفاعلة، والاعتماد على اعتقال أبرياء للتغطية على هذا الفشل.
وتعتبر حركة "حسم"، إحدى مجموعات العنف الناشئة، إذ لم يسبق أن تواجدت إلا قبل فترة زمنية قصيرة، وأعلنت عن تنفيذ أولى عملياتها في 16 يوليو الماضي، أي قبل شهرين ونصف الشهر فقط. وخلال هذه الفترة نفذت الحركة خمس عمليات مسلحة، وتعدّ نسبة مرتفعة، مقارنة بنظيراتها من المجموعات الأخرى. وتتميز عمليات الحركة الوليدة على ساحة العنف في مصر، بأنها مؤثرة ويبدو منها، التحضير والتجهيز، من حيث اختيار الأهداف وعمليات التخطيط والرصد والمتابعة لاختيار أفضل وقت لتنفيذ العملية.
ولحداثة عهد الحركة الناشئة بالعمل المسلح، لم تتمكن من صناعة سيارة مفخخة وتنفيذ عملية استهداف موكب النائب العام المساعد بنفس دقة تنظيمات مسلحة، أو مجموعات تابعة لها لديها باع طول في العمل المسلح. ولكن هذا لا يمنع أن حركة "حسم" تضم عناصر شارك معظمهم في عمليات، ولكن تحت مظلة حركات أو مجموعات أخرى، فضلاً عن إمكانية انضمام عناصر خبرة من المحتمل أن تكون شاركت في عمليات خارج مصر.
كما لا يوحي خطاب الحركة في بياناتها بأنها تنتمي لما يسمى "التيار الجهادي". ولا يستبعد باحث في الحركات الإسلامية، أن تكون حركة حسم عبارة عن خليط من شباب شاركوا ضمن مجموعات كانت تعمل بالفعل على الساحة، وتفككت بفعل ضربات الأمن أو مقتل قادتها.
ويقول الباحث لـ "العربي الجديد" إن "الساحة المصرية مرجحة لاستقبال الجيل الثاني من جماعات العنف الناشئة، حيث التمتع بالخبرات وإثقال التكتيكات العسكرية وزيادة قدرة أفرادها، والتدريب على حمل السلاح وضم عناصر جديدة لديها خبرات، ربما من خارج مصر". ويضيف أن "حركة حسم هو نوع من التطور للجماعات الناشئة، ولكن لا يمكن الحكم بشكل دقيق على حجمه إلا بمعرفة على السيارة التي استهدفت موكب النائب العام المساعد كانت مفخخة على الطريقة الجهادية، أم فقط تم وضع فيها عبوة ناسفة". ويذهب إلى أنه "كلما تعرضت المجموعات الجديدة لضربات خرجت منها أقوى بدروس وخبرات كبيرة، ثم يتم تأسيس جماعة جديدة، ويكون تأثيرها أكبر".
وتكرس واقعة استهداف موكب عبد العزيز، الفشل اﻷمني الكبير الذي تواجهه أجهزة اﻷمن المصرية، على الرغم من التأكيد بين الحين واﻵخر على القضاء على المجموعات المسلحة في القاهرة الكبرى. وشنت قوات اﻷمن على مدار العامين الماضيين، حملات اعتقالات لشباب، قالت إنهم على علاقة بحوادث العنف من بينها حادث حلوان واغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات العام الماضي. ولم تقدم أجهزة الأمن المصرية منذ الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، أي تقدم ملموس في سبيل مواجهة المجموعات المسلحة سواء المتمرسة في حمل السلاح، أو تلك الناشئة كرد فعل للانقلاب.
وتكشف مصادر شبابية من التيار الإسلامي، عن اعتقال قوات الأمن للعشرات بل المئات من الشباب عقب فض اعتصامات أنصار مرسي. وتقول المصادر لـ "العربي الجديد"، إن "هذه المجموعات كانت مخترقة من الأمن وتم القبض على أغلب عناصرها، لعدم وجود خبرات لديهم في هذا الصدد، وبالتالي أوراقهم كلها كانت مكشوفة للأمن".
من جانبه، يجدد الخبير الأمني محمود قطري، تحذيره من استمرار الفشل الأمني في التعامل مع الجماعات المسلحة، بما ينذر بدخول مصر في حالة فوضى كبيرة. ويطالب بعدم التوسع في عمليات الاعتقالات على الاشتباه، وبحث إمكانية الإفراج عن الشباب من السجون حتى لا يتحولوا إلى مجرمين إرهابيين بالداخل.