عودة القيادات الجنوبية: محاولة لسحب البساط من هادي

07 ابريل 2015
البيض أطل بعد غياب مهاجماً الحوثيين (فرانس برس)
+ الخط -

عادت قيادات الحراك الجنوبي إلى الظهور من جديد، وسط تباينات حول الأهداف السياسية من وراء هذا الظهور، بعد ما يقارب نصف شهر من بدء الحرب والمواجهات التي تشهدها مناطق الجنوب، وفي مقدمتها عدن.

فالرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض، أطل مساء الأحد في كلمة لأنصاره والجنوبيين، ثمّن فيها الدور الذي تقوم به القيادة العسكرية لتحالف "عاصفة الحزم"، موجّهاً التحية لما أسماه "المقاومة الشعبية الجنوبية البطولية، لمواجهة الاحتلال الجديد" الذي يقوده الحوثيون والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

ويرى البعض عودة البيض لإبعاد الحرج الذي تعرض له في الشارع بعد صمت طويل، فيما يراها آخرون مسعى لإعادة الإمساك بزمام المبادرة في الشارع، ومحاولة سحب البساط من تحت أقدام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي بات يمسك بزمام الأمور جنوباً. لكن أنصار البيض يقولون إنه صادق في مواقفه، ولا يبحث عن مصالح شخصية، بقدر ما يهمه الشارع في الجنوب، لا سيما أنه فك تحالفه مع إيران، بعد أن تعارضت مصالح الجنوبيين مع مصالح طهران. لكن تبقى التحركات على الأرض خلال الأيام المقبلة وفق المتابعين كفيلة بإيضاح الأمور.

ويعتقد البعض أن احتمال عودة عدد من القيادات إلى الجنوب، يأتي وفق ترتيبات إقليمية، وقد تكون دولية، ومن ضمن ترتيبات "عاصفة الحزم"، أو معارضة لها.

اقرأ أيضاً: اليمن: قيادات الجنوب تهجره لمصلحة اللجان

ويقول القيادي في الحراك الجنوبي، المقرب من البيض، المحامي يحيى غالب الشعيبي، لـ "العربي الجديد"، إن "عودة ظهور الرئيس البيض هي عودة سياسية، وليس المهم العودة للوطن"، مؤكداً أن "هناك قنوات تواصل فُتحت مع قيادة تحالف عاصفة الحزم والأشقاء في مجلس التعاون، وهناك بوادر إيجابية".

ويشير إلى أن الموقف الذي أعلنه البيض، في بيانه الأول، "يأتي متوافقاً مع نهج شعب الجنوب، الذي أعلن مبكراً رفضه نقل الصراع من صنعاء إلى الجنوب"، مؤكداً أن "ما يجري اليوم في الجنوب حذر منه الحراك الجنوبي في وقت سابق، ولكن الشعب الجنوبي اضطر اليوم للدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه وكرامته، لأن الحرب فُرضت عليه، ولم يكن مستعداً لها".

ويعتبر الشعيبي أن "ما يجري من جرائم في الجنوب ضد الإنسانية، تجاوزت كل معايير الأخلاق والمواثيق الدولية والإنسانية"، مضيفاً "لا نعلم ماذا يريد الحوثيون من الجنوب، ولماذا ورطوا أنفسهم في هذه الحرب". ويتابع الشعيبي: "نحن في الجنوب نعيش حالة إنسانية متردية، خصوصاً في عدن والضالع وغيرها من المدن، وسقط مئات الشهداء من المدنيين من بينهم أطفال ونساء"، معلناً أن "من يقود الدفاع عن الجنوب، هو الشعب الجنوبي، وفي مقدمته الحراك الجنوبي"، ومشيراً إلى أنه "كان لدعوة البيض تأثير كبير في استنهاض الشارع الجنوبي".

وكان ناشطون في الحراك الجنوبي قد شنوا هجوماً على غياب القيادات الجنوبية وصمتها في أكثر مرحلة خطرة يمر فيها الجنوب، حتى إن الأمر وصل إلى القول إن تلك القيادات لا أمل فيها.

ويقول الناشط، عضو مؤتمر الحوار، مجدي النقيب لـ "العربي الجديد"، إن "القيادات الجنوبية التاريخية أو ما تُسمى بالقيادات الصنمية، رأت أن دورها تراجع خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة، وإعلان هادي عدن عاصمة مؤقتة، والتفاف الكثير من أبناء الجنوب وقواعد الحراك حوله ومساندته، مما جعل هذه القيادات تتراجع إلى الظل، واختفت تماماً عن المشهد أكثر من قبل، وفقدت الكثير من مؤيديها ومسانديها، الذين أدركوا أنها مجرد قيادات راكدة لا يمكن الوثوق بها، أو الاعتماد عليها في وقت الأزمات والظروف الصعبة والتاريخية الحاسمة، مما جعلها تحاول العودة للمشهد من جديد".

ويشير إلى أنه "بعد انطلاق عاصفة الحزم والتفاف دول الجوار والمجتمع الدولي حول هادي، ودعمهم لأبناء الجنوب في مواجهة العدوان الحوثي، المدعوم من أنصار صالح، أدرك أبناء الجنوب أكثر أن القيادات التي ظلوا يراهنون عليها كثيراً، لا وزن لها ولا قيمة، وأن تمسّكهم بها سيُفشل قضيتهم أكثر، بل ويُعرّض الجنوب لاحتلال همجي من مليشيات الحوثي وأنصار صالح، فكان لا بد من تأييد هادي"، معتبراً أن "ما يحظى به هادي من دعم والتفاف حوله، جاء لأن الجنوبيين وجدوا فيه ما لم يجدوه في قياداتهم المنتهية الصلاحية".

ويرى النقيب أنه "كان من الحكمة التخلّي عن هذه القيادات، بعد الفشل الذي ظل ملازماً لها، وهي حاولت العودة إلى المشهد من جديد، لكنها تستخدم الوسائل والآليات المستهلكة نفسها، والتي لن ينخدع أبناء الجنوب بها مرة أخرى"، متمنياً "أن تلعب هذه القيادات أدواراً حقيقية تخدم القضية الجنوبية، بعيداً عن أي شعارات وهمية أو عن أي استغلال لمطالب أبناء الجنوب، لأجل مصالح ذاتية وشخصية".

في المقابل، فإن القيادي الجنوبي ورئيس الوزراء السابق حيدر أبو بكر العطاس، قد يكون أحد أبرز العائدين للساحة السياسية، فهو الأكثر مناورة سياسية، وفق ما يرى بعض المراقبين، وهو يطل بشكل متواصل، وظهر كثيراً منذ انطلاق تحالف "عاصفة الحزم"، كما أنه يحظى بعلاقات جيدة مع هذا التحالف، وكان الأكثر إطلالاً خلال الأسبوعين الماضيين، فيما كانت قيادات الحراك الجنوبي الأخرى تلتزم الصمت.

ويقول مصدر قيادي في الحراك الجنوبي، إن الشارع بات يستغرب صمت أغلب قيادات الحراك الجنوبي، التي كانت بين الحين والآخر تطل بمقابلات وبيانات، ولكن حين كان يفترض بها أن تتواجد، في ظل الوضع الذي يمر فيه الجنوب والشارع الجنوبي، إلا أنها توارت خلف الكواليس، من دون أن تُحدث حتى ضجيجاً.

اقرأ أيضاً: هادي يربح جنوباً.... بانتظار الدعم البري

المساهمون