عودة الزخم الإماراتي بليبيا يصطدم بقمة أفريقية "محرجة" لأبوظبي

28 يناير 2020
باحث: الانخراط الأفريقي في ليبيا "سيكون محرجاً للإمارات"(فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت القوات التابعة لحكومة الوفاق الليبية، اليوم الثلاثاء، عن إسقاط طائرة إماراتية مسيرة، شرق مصراتة، شرقي طرابلس، متهمة أبوظبي بفتح خط مستمر لنقل الدعم العسكري لقوات اللواء خليفة حفتر، في ما يبدو عودة الزخم للدور الإماراتي في الملف الليبي.

ويعتبر الأكاديمي الليبي خليفة الحداد، خلال تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "عودة النشاط الإماراتي لدعم حفتر عسكريا بموازاة حراك سياسي قد يشير إلى خلافات بين الدول العربية الداعمة لحفتر".

وكانت صحف دولية على رأسها "لوموند" الفرنسية قد كشفت عن تولي الرياض تمويل عمليات قتالية نفذها مقاتلو شركة "فاغنر" الروسية في ليبيا لصالح حفتر، وهو ما يدلل به الأكاديمي خليفة الحداد على وجود خلافات بين أبوظبي والقاهرة دفع الأولى إلى الرجوع للسعودية للاستعانة بها في دعم حفتر.

ويرجح الحداد أن القاهرة بعد دخول تركيا على خط الأزمة الليبية، وتحديداً بعد تحالفها مع حكومة الوفاق "لم تعد راغبة في وضع بيضها كله في سلة حفتر والرهان عليه بالجملة، وسعت للتواصل مع دول الجوار الليبي المختلفة بشأن الملف الليبي، كالجزائر، لتقريب وجهات النظر، كما أن انخراطها في برلين لم يشكل ثقلا داعما لحفتر".

وأوروبياً، لا يزال الملف الليبي محل جدل وخلافات رغم مشاركة أغلب الدول البارزة في الاتحاد الأوروبي في لقاء برلين يوم 19 من الشهر الجاري، فما زال الاتحاد عاجزاً عن تأليف لجنة لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، كان قد أعلن عنها في السابق.

من جهته، يكشف دبلوماسي ليبي رفيع في الوقت ذاته عن "عودة الخلافات بين الدول الفاعلة في الملف الليبي"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "فرنسا تستعد لعرقلة مشروع قرار لوقف إطلاق النار بشكل نهائي تستعد بريطانيا لتقديمه لمجلس الأمن وسط غضب ألماني".

ويشير الدبلوماسي إلى أن الخلافات لم تستطع ألمانيا حلها، "فقد عادت فرنسا بثقلها مجددا لدعم حفتر بعد التراجع الروسي الملحوظ بدعم معسكر حفتر، كما أن إيطاليا لا تزال تنتظر فشلا نهائيا لبرلين، فلم تكن راضية عن تولي ألمانيا لقيادة الملف الليبي"، موضحا أن بريطانيا أعدت مسودة قرار لوقف نهائي للقتال في ليبيا تستعد لتقديمه لمجلس الأمن مقابل استعداد فرنسي لإحباط صدوره.

وفي ما يشبه الاستعداد للعرقلة الفرنسية، أكد وزير الخارجية الألماني، أمس الاثنين، بعد لقائه مع مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، "وجود تطورات تجري بما يتناقض مع مخرجات برلين بشأن وقف القتال في ليبيا وفرض قرار توريد الأسلحة إليها"، دون أن يدلي بتفاصيل أكثر للصحافيين.

وحتى الآن لم تتمكن اللجنة العسكرية المؤلفة من ضباط ممثلين لطرفي الصراع في ليبيا من الاجتماع، فيما قالت وكالة "رويترز"، نقلا عن مصادرها، إن أول اجتماعاتها سيكون خلال الأسبوع الجاري في جنيف.

وفي هذا الصدد، تساءل الأكاديمي الليبي خليفة الحداد "إذا لم يجتمع المجتمع الدولي على رأي واحد في مجلس الأمن لفرض وقف القتال، فكيف سيفرضه ضباط ممثلون لطرفين عدوين لا يزالان يتقاتلان؟"، مؤكدا أن تلك الاجتماعات "لن تسفر عن شيء في وقت عادت فيه الأطراف الخارجية لدعم أطراف القتال، ما يعني أن برلين فشلت فعليا".

ولا يعتبر الحداد فرنسا ودولا أوروبية أخرى، كاليونان، هي المسؤولة فقط عن تفتيت اتفاق برلين والسعي لإفشاله، بل يؤكد أن "تبعثر الجهود الدولية بين موسكو وبرلين ثم الآن تحول الجهود باتجاه أفريقيا، كل ذلك أضعف من نتائج قمة برلين".


القمة الأفريقية والصراع الدولي المستمر

وتجري التحضيرات حالية لعقد قمة أفريقية حول ليبيا في العاصمة الكونغولية، برازافيل، بحضور روسيا يوم 9 فبراير/ شباط المقبل.

وعن أهداف القمة، قال وزير الخارجية الكونغولي جان كلود جاكوسو، في تصريحات له، إن القمة "ستعنى بصياغة مقترحات تضع حدًّا للأزمة بين الإخوة الليبيين على ضوء مؤتمر برلين"، لافتا إلى أن الوضع في ليبيا دخل "مرحلة تحول مثيرة للقلق للغاية".

لكن الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق يرى أن "الصراع الدولي بشأن ليبيا مستمر ولم ينته في برلين، بل كانت برلين إحدى واجهاته، وسيزيد التحرك الأفريقي من التدافع الدولي بشأن ليبيا"، معتبرا أن الحراك الروسي والتركي الجديد في أفريقيا هدفه العودة للاستحواذ على مفاتيح الحل للأزمة الليبية.

وبينما بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جولة أفريقية بدأها بالجزائر وتشمل لقاء قادة غامبيا والسنغال، اعلنت الخارجية الروسية، في بيان لها صباح اليوم الثلاثاء، عن توقعها زيارة حفتر لموسكو قريبا، مؤكدة أنه "بالرغم من الخروقات، لكن هناك التزاما بشكل عام بالهدنة في ليبيا".

ويرى البرق أن المجال الأفريقي "سيكون مجال التنافس المقبل للمتدخلين في الملف الليبي"، مؤكدا أن "الزيارات التي أجراها وزير الخارجية الإماراتي للجزائر وتونس تهدف لتعقب الخطوات التركية".

ولفت إلى أن الانخراط الأفريقي في الأزمة الليبية "سيكون محرجا للغاية بالنسبة لدولة كالإمارات التي تؤجر مرتزقة أفارقه للقتال في صفوف حفتر"، مستشهدا بالمظاهرات التي نظمها في الخرطوم في الأيام الماضي أهالي شباب سودانيين نقلتهم شركة توظيف إماراتية للعمل قبل أن يجدوا أنفسهم في ساحات القتال في ليبيا دون رغبتهم. وبالإضافة لملف التجنيد القسري، قد تواجه الإمارات ملفات ضاغطة أخرى في المجال الأفريقي، منها تورطها في تنشيط شبكات الهجرة غير الشرعية، مؤكدا أن "سياسة التراجع المصري في الملف الليبي لها علاقة بسعي روسيا وتركيا لكسب الثقل الأفريقي".

المساهمون