عاد قرار بلدية الكرم ( سلطة محلية في ضاحية العاصمة تونس) بضرورة تقديم وثيقة اعتناق الدين الإسلامي لإبرام عقد زواج غير المسلم الذي يريد الزواج من مسلمة، إلى الواجهة من جديد بعد أن كان قد حسم فيه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بإلغاء هذا الشرط نهائياً عام 2017.
ونشرت بلدية الكرم قائمة الوثائق المطلوبة لإبرام عقود الزواج، من بينها وثيقة تثبت اعتناق الدين الإسلامي لغير المسلم يتم تسليمها من مفتي الديار التونسية.
وأثار قرار السلطة المحلية جدلاً بسبب ما وصفه نشطاء وحقوقيون تمرداً من البلدية على قوانين البلاد وارتداداً على قرارات تم الحسم فيها منذ نحو ثلاث سنوات، مطالبين السلطات المحلية بالالتزام بتطبيق القوانين التي تسري على كل البلديات في إطار مدني.
وعام 2017 أصدرت وزارة العدل بمبادرة من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي منشوراً يجيز للتونسية الزواج بغير المسلم دون تقديم وثيقة تثبت اعتناق الزوج الدين الإسلامي ،غير أن البلديات التي تبرم عقود الزواج ظلت مترددة في تطبيق المنشور، وفق ما أكده رئيس البلدية فتحي العيوني لـ"العربي الجديد".
وقال المسؤول التونسي إن المنشور مخالف للقوانين التي تنص على خلو الزوجين من أي موانع شرعية تحول دون عقد القران، معتبراً أن عدم توفر وثيقة إثبات اعتناق الزوج الإسلام يضع البلديات التي تبرم هذا الصنف من عقود الزواج أمام المساءلة القانونية.
وأضاف أن المنشور الذي أصدرته وزارة العدل لم يلغ القانون وأن القوانين أعلى درجة من منشور الوزارة، مؤكداً أن أكثر من 300 بلدية امتنعت عن إبرام عقود الزواج على خلاف الصيغ القانونية، بحسب قوله.
وشرح العيوني أن الموانع الشرعية مثبتة ومفصلة في القانون التونسي وأن غياب وثيقة إثبات اعتناق الدين يجعل من عقود الزواج التي أبرمت استناداً إلى المنشور الذي أصدره السبسي باطلة وقد تترتب عنها مشاكل اجتماعية متشعبة، وفق تقديره.
ونشرت بلدية الكرم، أمس الأربعاء، وثيقة تتضمن الوثائق المطلوبة لإبرام عقد زواج وتنص على تقديم وثائق تضبطها القوانين التونسية، لكنها تضمنت شرطاً يتعارض والقوانين التونسية المتعلقة بإبرام عقد زواج في نسختها المعدلة.
وأعربت الجمعية التونسية لمساندة الأقليات في بيان لها، اليوم الخميس، عن استيائها من "عدم التزام بعض السلطات المحلية بتشريعات وقرارات الدولة"، في إشارة إلى عدم تقيد بلدية الكرم بإلغاء المناشير الصادرة في سنة 1973 والتي كانت تمنع إبرام عقود زواج بين تونسية مسلمة ورجل غير مسلم قبل اعتناقه الإسلام.
وحمّلت هذه الجمعية السلطة التنفيذية والتشريعية مسؤولية العمل على "إعلاء القانون وضمان وحدة الدولة"، داعية منظمات المجتمع المدني والأحزاب إلى معارضة "هذا الاتجاه الخطير المكرّس لتعدد التشريعات والإجراءات".
وكانت تونس قد أنهت العمل بالمناشير الوزارية المتعلقة بزواج التونسية من أجنبي، وذلك لأنها مخالفة للدستور، وخاصة الفصلين 21 و 46 إضافة إلى تعارض المناشير مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من الدولة التونسية، لا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.