عودة الأسطورة مايك تايسون.. ملاكم برتبة رجل حديدي

31 اغسطس 2020
شهدت مسيرة تايسون في الملاكمة العديد من المحطات الكبيرة (Getty)
+ الخط -

قرر مايك تايسون، الأسطورة السابقة لرياضة "الفن النبيل"، خوض مباراة استعراضية ضد روي جونز جونيور، بطل العالم السابق في أربعة أوزان مختلفة بالـ19 من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، في مدينة لوس أنجليس الأميركية، ليُعيد صاحب الـ"54 عاماً" الكثير من الذكريات حول مسيرته الحافلة بالإنجازات وخيبات الأمل.

وخاض مايك تايسون آخر مباراة احترافية في مسيرته بعالم الملاكمة في عام 2005، حين تعرّض للهزيمة أمام الأيرلندي كيفين ماكبرايد، ليتجرع خسارته السادسة في 58 نزالاً لعبها، ويُعلن بعدها اعتزال اللعبة نهائياً.

لكن تايسون استغل فترة الإغلاق العام  في الولايات المتحدة الأميركية بسبب تفشي فيروس كورونا، من أجل الاستعداد للعودة مرة أخرى إلى حلبات النزال في رياضة الملاكمة، ما جعل الجماهير الرياضية ووسائل الإعلام العالمية تتابع باهتمام بالغ جميع تفاصيل ما يقوم به وينشره على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى بحثها عن تاريخ حياته التي شهدت الكثير من الأحداث المثيرة، وإعادة نشرها لتذكير الجميع بتاريخه.

ويُعَدّ مايك تايسون إحدى أهم علامات رياضة الملاكمة في القرن العشرين، بعدما استطاع الملقب بـ"الرجل الحديدي" تحقيق لقب بطل العالم في الوزن الثقيل وهو بسن العشرين من العمر فقط، لينتقل من حياة الفقر المدقع إلى الثراء والنجومية العالمية، وتعتبره وسائل الإعلام العالمية مصدر إلهام لكل من يرغب في التغلب على الظروف الصعبة والارتقاء إلى المجد.

ولد تايسون في الثلاثين من شهر يوليو/ حزيران عام 1966 في حيّ بروكلين بمدينة نيويورك الأميركية، وتأثر خلال نشأته بمحيطه الذي يكثر فيه رجال العصابات، لينضم إلى إحداها عند بلوغه سن الـ13، ويتورط في الكثير من أعمال العنف، وليُلقي القبض عليه رجال الشرطة في 38 مناسبة، ويرسل بشكل متواصل إلى أحد مراكز الأحداث.

وفي مركز الأحداث الذي كان مُحتجزاً به في مدينة نيويورك، لفت أنظار الملاكم السابق بوبي ستيوارت، الذي قرر الإشراف على تدريبه قبل أن يقدمه إلى كوز داماتو، الخبير في رياضة الفن النبيل، لتتغير بعدها حياة مايك تايسون كثيراً، لأنها كانت البداية للانطلاق صوب الشهرة في عالم الملاكمة.

وبعد بلوغ مايك تايسون سنّ الـ16 في عام 1982، شارك في الألعاب الأولمبية للصغار، وحصل على الميدالية الفضية، وبات الملاكم الأميركي يمتلك رقماً قياسياً في تاريخ الألعاب، بعدما سجل أسرع ضربة قاضية تقدَّر بثماني ثوانٍ فقط، ليسلك عقبها طريق الاحتراف في الملاكمة.

وفي عام 1985 هزم مايك تايسون منافسه هيكتور مرسيدس في الدور الأول بالضربة القاضية بالنزال الذي جرى بينهما في مدينة نيويورك، ليحقق بعدها الانتصار في 26 مواجهة خاضها، ما جعله محطّ اهتمام وسائل الإعلام المحلية، التي رأت فيه البطل القادم في الوزن الثقيل.

وانطلق تايسون منذ عام 1987 بحصد الإنجازات، بعدما حصل على لقب رابطة الملاكمة العالمية، عندما فاز على جيمس سميت بقرار أُجمِع عليه، وأضاف عقبها لقب الاتحاد الدولي للملاكمة، بانتصاره على منافسه توني تاكر بالضربة القاضية في الجولة السادسة، لكنه مُني بهزيمته الأولى في حياته المهنية في عام 1990 ضد باستر دوغلاس.

وعاد تايسون مرة أخرى بعد هزيمته لخوض مواجهة ضد إيفاندر هوليفيلد في 1991، لكنه وجد نفسه في السجن لمدة ثلاث سنوات كاملة قضاها خلف القضبان، إلا أنه استعد جيداً للعودة مُجدداً بقوة، وحقق الانتصار على منافسه بيتر ماكنيلي في عام 1996، ليحصل على لقب "دبليو بي سي"، ليصبح أول ملاكم في تاريخ الوزن الثقيل يجمع الألقاب الرئيسية الثلاثة.

وفي العام نفسه، واجه تايسون منافسه التاريخي إيفاندر هوليفيلد، وتعرض للهزيمة، ليعود مرة أخرى إلى نزاله في عام 1997، لكن المباراة توقفت بسبب قضم تايسون لأذن خصمه، ما جعله يتعرض لعقوبات شديدة تمثلت في سحب رخصته الرياضية مع تغريمه ثلاثة ملايين دولار، في النزال الذي حقق إيرادت مالية ضخمة حينها وصلت إلى 200 مليون دولار.

واشتهر تايسون خلال مسيرته الاحترافية بقوته وشراسته، حتى وصفه خصومه بأنه مخيف للغاية، بسبب قوة اللكمات التيكان يوجهها بيده اليمنى، نظراً إلى دقتها وتوقيتها، حيث يسدّد ضربات متلاحقة سريعة إلى جسم الخصم، ثم يتبعها بضربة قوية من أسفل إلى أعلى ذقن الخصم، بالإضافة إلى أسلوبه الدفاعي المميز، الذي سهّل هروبه من ضربات منافسيه بشكل رائع.

 

 

وخلال سنوات العطاء، بلغت ثروة مايك تايسون 400 مليون دولار، لكنه تعرض لانتكاسة كبيرة بعدما أضاع أمواله، بسبب سوء إدارته لها وغرقه في ملذاته الشخصية وبذخه الفاحش، ليصدم العالم في عام 2003 عندما أعلن إفلاسه رسمياً، ليجد نفسه مرة أخرى في عالم الفقر، على الرغم من أن مستشاره المالي حينها هو الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، بحسب تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" عام 1988.

وبدأ مايك تايسون يراجع نفسه جدياً، بعدما أعلن إفلاسه، وقرر إيجاد نسخة معدلة من نفسه، ليضع خطة جديدة لحياته المقبلة، التي شهدت تطوراً جيداً، عقب مشاركته في العديد من الأفلام العالمية، وشارك ألكي ديفيد أحد رجال الأعمال الكبار، لينجح بطل العالم السابق بتسوية جميع ديونه، وجمع ثروة جديدة مرة أخرى.

ولعل أبرز أسباب قوة تايسون وعدم استسلامه، يعود إلى القاعدة الجماهيرية العريضة التي تحبه، وجعلت منه رمزاً وطنياً وأحد أهم أعلام الرياضية في التاريخ، لذلك وجد الدعم الكبير عندما قرر العودة مجدداً إلى عالم "الفن النبيل"، حتى من باب المواجهات الاستعراضية، لأنها ستمنح الجميع فرصة استثنائية برؤية إحدى أهم أساطير الملاكمة، ممّن أعلنوا اعتزالهم لها.