عودة إيران إلى المجتمع الدولي

19 يناير 2016

شعار ضد أميركا على مبنى في طهران (18 يناير/2016/أ.ف.ب)

+ الخط -
تسارعت التطورات، بعد أن أعلن المفتشون الدوليون أن إيران التزمت ونفذت بنود الاتفاق الذي أبرم بينها وبين الولايات المتحدة مع باقي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا المعروف باسم "الخطة الشاملة المشتركة"، الموقع في فيينا في شهر يوليو/تموز الماضي، لتجريد إيران من قدرتها لصناعة قنبلة ذرية.
تنفيذ إيران كل بنود الاتفاق أدى إلى تسريع رفع العقوبات عنها، خصوصاً أن كلا من الولايات المتحدة وإيران قد أفرجتا عن المعتقلين الأميركيين في إيران والمعتقلين الإيرانيين في الولايات المتحدة.
هذا الانفراج النسبي للعلاقات بين إيران والولايات المتحدة والدول الأوروبية لاقى تجاوباً، أخذ يساهم في تسريع رفع العقوبات الاقتصادية، خصوصاً المائة مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة، فور إعلان وكالة الطاقة الذرية الدولية في فيينا تنفيذ إيران كل بنود المعاهدة، بما في ذلك شحن كميات اليورانيوم المخصب الإيرانية على متن باخرة روسية، وسكب الإسمنت في مرفق آراك، والسماح بتفتيش مرفق فوردو، وهو ما هيأ عودتها لاستعادة مكانتها الاقتصادية يوم 17 يناير/كانون ثاني الحالي.
صحيح أن عدداً من المرشحين الجمهوريين للرئاسة الأميركية أبدوا معارضتهم الشديدة، واعتبر معظمهم أن هذا دليل "ضعف" إدارة الرئيس باراك أوباما، كما أنهم يعترضون على الإفراج عن المائة مليار دولار من موجودات مجمدة، والتي تستعيدها إيران، وبالتالي نهاية القيود المفروضة عليها من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلا أن ذلك يعتبر انتصاراً للدبلوماسية الأميركية.
من شأن هذا الانفراج توفير التسهيلات لإعادة النشاط المصرفي، وكذلك تسريع العلاقات الاقتصادية والمالية، بما يعيد إيران إلى انفتاح متبادل بينها وبين عدد متزايد من دول العالم. وعلى الرغم من هبوط أسعار النفط سوف يوفر لإيران تسويق نفطها، ما يشكل إسهاماً إيجابياً في رفع مستوى المعيشة للشعب الإيراني. فالعودة إلى التبادل التجاري والاقتصادي بين إيران ودول العالم سيؤول حتماً، وإن كان تدريجياً، إلى تخفيف مواقف طهران التي ينظر إليها تصرفات استفزازية، أو رد فعل على عزلتها نسبياً، ما يشير إلى أن النفوذ والمصالح التي تتوخاها، سوف تقود تدريجياً إلى دبلوماسية الانفتاح والتعاون، مع تكثيف العلاقات الاقتصادية والثقافية التي يسعى إليها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف.
لا بد من الإشارة إلى أن موافقة المرشد الأعلى، علي خامنئي، على شرعية الاتفاق سرّعت الانفراج، ومكّنت الحكومة من تحمل مسؤولياتها المستجدة، بدون أي عرقلة من بعض العناصر المتشددة في إيران.
ماذا يعني هذا الانفراج الإيراني الذي أنجزته إيران، بتنفيذها بنود الاتفاق مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، بالنسبة للأقطار العربية؟
أولا: استعادة إيران التزامها الدائم حقوق الشعب الفلسطيني، وبالتالي، دعمها العملي لنضال المقاومة لاغتصاب إسرائيل أراضي التمدد الاستيطاني في فلسطين، في القدس والضفة الغربية، كما من شأن إيران أن تكون قوة رادعة للعدوان الإسرائيلي، وتعزيز مجابهتها دور إسرائيل في المنطقة، خصوصاً بعد فشلها (إسرائيل) في محاولاتها لإجهاض الاتفاق.
ثانياً: من شأن عودة إيران إلى المجتمع الدولي، سياسياً واقتصادياً، يعزز استعداد العالم تلقف مساهمتها في العلاقات الدولية وفي الأمم المتحدة.
ثالثاً: رفع العزلة التي تعاني منها إيران من المفترض أن يؤدي إلى تحسين العلاقات الإيرانية العربية، تخفيف التوتر في هذه العلاقات، والخطو نحو حل الأزمات الإقليمية، خصوصاً في سورية والعراق واليمن، ما يخفف التوتر الطائفي.
من شأن ذلك أن يعزّز حيوية المساندة للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي، وكل هذا يعيد إلى العرب فرص التكامل وتعزيز المد القومي المطلوب، لتأمين السلم الأهلي والتنمية المستدامة في المنطقة.