ناخشبان في أذربيجان، وليبرفيل في الغابون، والمُحرّق في البحرين، هي المدن الثلاث التي ستكون عواصم الثقافة الإسلامية لهذا العام. غير أنه لا معلومات بعد عن برامج التظاهرات فيها، خلال العام الحالي، مثلما كان قد حدث مع عمّان وسنار ومشهد وكمبالا عواصم السنة الماضية، حيث تأخّر الإعلان عن فعالياتها عدّة أشهر ثم لم يتمكّن المنظّمون من تنفيذ معظم أجندتهم المقرّرة من ندوات وإصدارات وأفلام وثائقية ومسوحات ودراسات.
في ليبرفيل؛ العاصمة الغابونية، انتشر الإسلام مثل معظم بلدان غرب أفريقيا في القرن الثاني عشر ميلادي مع قيام دولة المرابطين في المغرب التي وصل نفوذها إلى جنوب الصحراء، وقد أطلق عليها الفرنسيون اسمها الحالي "المدينة-الحرة" حين احتلوها عام 1839، ورغم الحضور الفرانكفوني الطاغي في البلاد، وعدم تشكيل المسلمين لأغلبية سكانية هناك، إلا أن التأثيرات الإسلامية موجودة في الثقافة العامة والتعليم وعمارة المساجد، والأبنية التراثية التي شيّدت خلال القرون الماضية.
أما ناخشبان فيبدو الوجود الإسلامي فيها طاغياً؛ تشهدُ عليه آثار ومعالم تاريخية عثمانية/ تُركية بنيت خلال العصور القديمة والوسطى مثل القلاع والحصون والأضرحة والمتاحف، والعديد من المعالم التي تبرز تطوّر العمارة والفنون في البلد التي سيكون له الأولوية في البحث والنقاش ضمن عدد من الندوات التي ترصدها الجهات المنظمة هناك.
التنوّع الثقافي في المكان نتيجة اختلاط حضارات تركية وفارسية وأرمنية وروسية، يفرض حضوره في دراسة تاريخ المدينة، سواء في تأثير هذه الحضارات على اللغة الأذرية، أو تقاطعاتها مع المطبخ والأزياء والفنون الشعبية والعادات والتقاليد في البلاد.
بالنسبة إلى المحرّق، فيضم برنامج التظاهرة فعاليات كانت مقرّرة سلفاً ضمن برامج "هيئة الثقافة" مثل "معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية" في دورته الرابعة والأربعين، و"سمبوزيوم البحرين الدولي للنحت السادس"، وأنشطة تنظّم خصيصاً مثل حفل الموسيقي السوري عابد عازريه، وإطلاق مشروع "طريق اللؤلؤ: شاهد على اقتصاد جزيرة".
وكان قد قرّر المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء الثقافة الذي انعقد في الدوحة عام 2001، اعتماد مشروع عواصم الثقافة الإسلامية، باختيار مدن عريقة تشهد على زمن امتداد الحضارة الإسلامية ودولها المختلفة شرقاً وغرباً.
وقد أُدخل المشروع حيّز التنفيذ في نسخته الرابعة التي عقدت في الجزائر عام 2004، بحيث تقرّر اعتماد برنامج للعواصم الإسلامية يمتّد لعشرين سنة لاحقة (2005 - 2025)، كانت مدينة مكّة أولاها سنة 2005، ثم لحقتها ثلاث أو أربع عواصم في كل سنة، على أن تمثّل كل واحدة منها منطقة جغرافية (المنطقة العربية، والمنطقة الآسيوية، والمنطقة الأفريقية).
ومن المرتقب أن تكون كل من: القدس المحتلة وتونس ممثلتين عن المنطقة العربية في العام المقبل 2019، وبندر سيريبيغاوان في سلطنة بروناي عن آسيا، وبيساو عاصمة غينيا-بيساو عن أفريقيا. ويبقى السؤال عن تجاوز الشكليات في هذه البرامج، وعن كيفية الاحتفاء بالقدس، العام القادم، وهي منتهكة بالاحتلال؟