عن اليمن الطاردة

07 سبتمبر 2014
تطلعات اليمنيين في ثورة 2011 لم تتحقق(ارشيف/ getty)
+ الخط -


تعد مشكلات اليمن الاقتصادية والاجتماعية المتعددة، سبباً رئيساً في تزايد أعداد المهاجرين من البلاد، وتطور الأمر خلال الثلاث سنوات الأخيرة، ليصبح "اليمن السعيد" بلداً طارداً لأبنائه، بفعل السياسات الاقتصادية والسياسية الخاطئة التي تنتهجها الحكومة، وإهمالها التجديد في العقلية الاقتصادية والترويج للسياحة والفرص الاستثمارية.

وبسبب تلك السياسات، يخسر اليمن نحو 24 مليون دولار سنوياً؛ نتيجة هجرة الكفاءات وذوي الاختصاصات العلمية النادرة، وبحسب جامعة صنعاء فإن 140 أكاديمياً غادروا البلاد خلال 2013، إلى دول الخليج، هرباً من الوضع العام في البلاد، ويعمل نحو ثلاثين ألف يمني من حملة المؤهلات الجامعية وحملة الشهادات العليا والمعاهد المتوسطة، في دول الجوار وبعض الدول الأخرى لتحسين مستوى دخلهم.

وفي كلّ منعطف سياسي كانت تمر به اليمن منذ ثمانينيات القرن الماضي، كان نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح يقوم على حل الأمر على حساب الاقتصاد وتنمية البلاد ومواردها، فقام ببيع النفط في صفقات مشبوهة، وبيع الأرض تحت مسمى "ترسيم الحدود" ولم يهتم بالإنسان وتأهيله، فزادت معدلات الجوع بين اليمنيين لتبلغ خمسين في المائة، في بلدٍ يصل عدد سكانه قرابة 25 مليون نسمة.

وخرج الشعب يثور ضد نظام صالح عام 2011، ونادى بالتغيير والحرية والعيش الكريم، واستطاعت الروح الثورية إزاحة نظام "الرقص على رؤوس الثعابين" الذي امتد حكمه قرابة 33 عاماً، مستبشرين خيراً بدولة مدنية تحترم الإنسان وتعمل على توفير العيش الرغيد لهم، لكن الأمر لم يكن كما توقعوه، فزادت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءاً في نظام ما بعد الثورة، واستشرى الفساد في مؤسسات الدولة بشكل أعمق في ظل نظام "المحاصصة".

وبفعل السياسات التي انتهجتها حكومة ما بعد الثورة، ارتفع منسوب الفقر ليبلغ معدلات قياسية، بسبب زيادة العاطلين عن العمل وخصوصاً في فئة الشباب الذين بلغوا بحسب تقديرات رسمية نحو 60 في المائة، مما أعطى الفرصة لجماعات دينية متطرفة استقطابهم والزج بهم في أعمال عنف، ساهمت في تفاقم الوضع وتأجيجه على مختلف الأصعدة.

ومن سلم من أنياب الجماعات المتطرفة والمجاميع المسلّحة، لم يسلم من أنياب الهجرة والهروب من بلدٍ تتقاذفه أحزاب سياسية وجماعات دينية، وتغيب عنه الدولة بمفهومها العميق.

الدولة التي تعمل من أجل المواطن لا ضده، وتحمي الشعب ولا تقتله، وتخلق الأمن والاستقرار، ولا تحكم بالأزمات وافتعال المشكلات من أجل الاستمرار في الحكم.

المساهمون