عن اللاجئين السوريين في مهد الربيع

11 مارس 2015
هناك 2000 إلى 3000 لاجئ سوري في تونس حالياً(Getty)
+ الخط -

كان يتنقّل من مقهى إلى آخر في "حي النصر" الراقي في العاصمة التونسية، يحمل في يديه الصغيرتين بعض المصاحف وبعض العقود الملونة، ويقترب من طاولات الزبائن آملا في بعض الدنانير. إنه "جهاد" لاجئ سوري لم يتجاوز سن الثامنة.

"سأعود إلى سورية ذات يوم"، قالها بابتسامة جمعت براءة الطفولة ومكر الزمن الذي أرهقه ونال من أمه المريضة كما يقول، أما حياة اللجوء فنالت منهم جميعا.

غير بعيد، تعيش "ديالا" في ضاحية أخرى من ضواحي العاصمة التونسية. و"ديالا" لاجئة سورية في تونس منذ سنة. تقول "جئت من سورية إلى تونس مرورا بالجزائر مع عائلة عمي، أما أبي وأمي وإخوتي ففي المخيمات في لبنان. أحمد الله فالوضع في المخيمات أصعب بكثير".

"جهاد" و"ديالا" وغيرهم الكثير قادتهم حياة الفرار من الحرب في سورية إلى تونس، لكن الأمور لم تسر دائما كما تمنوا وقصتهما ليست إلا جزءا من قصص كثيرة تعج بها تونس ما بعد الثورة.

بعد الثورة السورية، توافد عديد السوريين على تونس عبر الحدود الجزائرية أساسا، رغم البعد الجغرافي، وذلك هربا من قمع خلف مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين واللاجئين. ولتونس تجربة مهمة في استقبال اللاجئين فقد احتضنت آلاف اللاجئين الليبيين والأفارقة في مخيم "الشوشة" جنوب البلاد إبان الثورة الليبية.

يقول الطاهر الشنيتي، كاتب عام الهلال الأحمر التونسي، "أغلب اللاجئين السوريين وصلوا إلى تونس عبر الحدود الجزائرية بطريقة غير شرعية، وتمركزوا في بعض الأحياء الشعبية في ضواحي العاصمة، وفي بعض مدن الجنوب كقفصة ومدنين، وقد كانت السلطات التونسية على علم بذلك لكنها لم تقم بترحيلهم". ويضيف الشنيتي "يمكن حصر عدد اللاجئين السوريين في تونس من ألفين إلى ثلاثة آلاف في الوقت الحاضر، وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد الفارين من سورية".

ويُجمع المتابعون لملف اللاجئين السوريين على أن عددهم في تونس في تراجع مستمر. تقول ديالا، لاجئة سورية، "عدد اللاجئين السوريين انخفض كثيرا مقارنة بالسنة الماضية؛ فقد سافر عديد العائلات إلى المغرب لأن مدة إقامتهم القانونية في تونس انتهت".

حلم الهجرة إلى أوروبا كلف بعضهم حياته وكانت النهاية جثثا طائفة على خليج قابس وسواحل جربة، وقع فيما بعد دفنها في مقبرة في محافظة "بنقردان" الحدودية مع ليبيا.

ورغم وضعيتهم المادية القاسية؛ إلا أن اللاجئين السوريين يرفضون اللجوء إلى أجهزة الدولة في الكثير من الأحيان، ويحبذون الجمعيات الخيرية خشية من أن تكشِف بعض الجهات عن هوياتهم للنظام السوري أو أن تتغير سياسات النظام التونسي في اتجاه تقارب مع نظام الأسد.


(تونس)

المساهمون