"الكورة للجماهير" هذه العبارة التي كتبها أولتراس أهلاوي في بداية مباراة الأهلي في نهائي بطولة الكونفدرالية الأفريقية وكتبوها بسبع لغات. أدهشوا بها الجميع لمهارتهم الفنية والتنظيمية في تنفيذها، ولكن الحقيقة أن القليل منا من التفت للمحتوى الهام (الكورة للجماهير)، نعم الكرة للجماهير وليست لهؤلاء المرتزقة من بعض الإعلاميين الرياضيين الذين يقبضون ثمن كل كلمة وتحليل وموقف مقدماً.
الكرة للجماهير وليست لرؤساء أندية مأفونين، يستغلون الكرة لخلق وجاهة اجتماعية لهم. الكرة ملك الجماهير وليست ملك قنوات مشفرة تتحكم فيمن يشاهد ومن لا يشاهد. الكرة ليست ملك لاعبين أنصاف مواهب لا يعرفون أبسط قواعد الأخلاق والإنسانية. الكرة لمتعة الجماهير وليست لإلهائهم عن المطالبة بحقوقهم، الكرة للترفيه عن الجماهير وليست لقتلهم.
كرة القدم في عهد مبارك لم تكن مجرد وسيلة للتفريغ والتنفس في ظل قهر نظام المخلوع، بل تعدت ذلك مع الأجيال الجديدة التي ولدت في عهد ماما سوزان وبابا حسني إلى وسيلة للانتماء، الانتماء لفريق يحبه ويذهب وراءه في كل مكان، والانتماء الوطني مع تشجيع المنتخب الوطني. وهو ما حاول نظام المخلوع توظيفه لصالحه، ولكن حدث العكس، فقد أدرك الشباب أن الانتماء يعنى العمل، وأن العمل يحتاج إلى تنظيم، فنظموا أنفسهم وخلقوا الروابط ووضعوا لها المبادئ مثل مبدأ (الكورة للجماهير) ومبدأ (الحرية) واستخدموا الوسائل الحديثة في تواصلهم وفي عملهم، وجذبوا حولهم شبابا آخرين، وهنا اعتبرهم نظام مبارك خطرا، فالأنظمة الدكتاتورية ترى أن أي تنظيم جماهيري خطر مباشر عليها، حتى لو كان لجماهير كرة القدم، فنصب لهم العداء واستخدم في عدائهم أهم أداتين عنده وهما، الإعلام، عن طريق مقدمي بعض البرامج الرياضية الذين هاجموا الأولتراس وشوهوا صورتهم وقالوا عنهم بلطجية ومدمنين وتافهين ومخربين.. إلخ. والشرطة، التي طاردتهم واعتقلتهم وكانت تتعمد إهانتهم في كل مباراة أثناء دخول المدرجات والخروج منها.
ولكن أيضاً ما فعله النظام لم ينجح في إنهاء هذه الروابط، بل بالعكس، ازدادوا تمسكاً بتنظيمهم ومبادئهم وعرفوا حقيقة النظام الحاكم. لذلك فقد بادروا في المشاركة في ثورة يناير، بل كانوا في المقدمة، يواجهون الشرطة، وقدموا من الشهداء والمصابين الكثير في أحداث الثورة المختلفة، وهو ما جعلهم هدفا للثورة المضادة وهدفا لنظام مبارك وجيشه وداخليته، فانتقموا منهم في بور سعيد وفي استاد الدفاع الجوي، وقتلوهم بدم بارد.الكرة للجماهير مبدأ ينسحب على كل النواحي في وطننا، فالعدل للجماهير وليس لمن يحتل منصباً رفيعاً، أو لديه واسطة أو ظهر يحميه. والثورة للجماهير وليست لحفنة من رجال الأعمال يحتكرون كل موارد البلاد، ويستولون على حقوق العمال ويدفعون للحكام ثمن استمرارهم في نهب وسرقة موارد الوطن. الحرية للجماهير ينظمون أنفسهم ويعبرون عن آرائهم، وليست الحرية للنظام في أن يقتل ويسجن من يعارضه. الحكم للجماهير ولمن يختاره الجماهير وليست لمن يغتصب السلطة والحكم ليس للعسكر.
"قولناها زمان للمستبد/ الحرية جاية لا بد/ ليبرتا كانت مكتوبة/ يا حكومة بكرة هتعرفى/ بإدين الشعب هتنضفى/ الآية الليلة مقلوبة/ قالوا الشغب فى دمنا / وإزاى بنطلب حقنا/ يا نظام غبي.. إفهم بقى مطلبى/ حرية.. حرية.. حرية".
(مصر)