قبل أيام قليلة، دخلت الى الفيسبوك، فوقعتُ على ستاتوس نشره صديقي يقول: "لم يمضِ على وجودهم في ألمانيا أسبوعان، وأصبحوا ينشرون ستاتوسات باللغة الألمانية!".. ضحكتُ لوهلة، وعادت بي الذاكرة يومها إلى التبدّل، الذي حصل في صفحتي الفيسبوكية يوم بدأت النشر باللغة العربية.
هناك نوعان من التبدّل الذي قد يطرأ على شخصية المرء في ما يتعلّق باللغة واستخدامها: تغيير بحسب الموضة، وتغيير قسري بحسب البلد أو المكان الجغرافيّ. التغيير بحسب الموضة يحصل لحظة انتشار ظاهرة معيّنة. يوم بدأتُ بنشر البوستات الفيسبوكية باللغة العربية، وردتني تعليقات متفاوتة من أصدقائي. بعضهم تساءل عمّا أفعله، فيما آخرون هزأوا من ذلك التغيير المفاجئ. هدفي يومها كان التمرّس في الكتابة أكثر فأكثر، بسبب مهنتي المستقبلية في الصحافة. كما أنّ اللغة العربية، التي هي لغتي الأم، ساعدتني في التعبير عن مكنوناتي وأفكاري. لم أتبع الموضة يومها، بعكس الجيل الجديد، الذي ينقسم اليوم إلى قسمين: قسم "كول" يرى أنّ كتابة بوست باللغة العربية أمر جميل، وقسم آخر يستسخف اللغة العربية كتابةً وقراءةً وكلاماً. تجدهم يتنقّلون بين شوارع العاصمة مردّدين مصطلحات إنكليزية بلهجاتٍ بعيدة كلّ البعد عن ثقافتهم.
قد يظنّ أبناء الأجيال الآتية أنّ الهروب من اللغة العربية يفتح أمامهم آفاقاً جديدة، إلاّ أنّ التمسّك بلغتنا هو الأساس. فحين تنكر لغتك وأصلك، أيُّ لغةٍ وبلدٍ وثقافةٍ ستأخذك على محمل الجد؟
أما التغيير القسري، بحسب البلد أو المكان الجغرافي، فيحلّ علينا حين يجد الفرد المتنقّل، مهاجراً كان أم لاجئاً، صعوبةً في الاندماج في المجتمع، أو الحصول على وظيفة، أو إكمال تعليمه، إذا لم يتعلّم لغة البلد المضيف. زيارتي الأولى إلى تركيا، وتحديداً إلى اسطنبول، كانت في عام 2011. يومها أمضيت وقتي مع أصدقاء عرب وأتراك. وجدتُ صعوبة في التواصل، بسبب حاجز اللغة أمام اختباري "التجربة التركية" الحقيقية.
أخبرني يومها صديقي التركي أنّ الأتراك شعبٌ متمسّك بلغته وعنصريٌّ تجاه غيرها، ويتوقّع من الزائر التأقلم مع اللغة التركية. توالت زياراتي إلى تركيا بمختلف مناطقها، وعدت في أبريل/نيسان الماضي إلى اسطنبول لأجد تجّاراً يلقون التحية علينا بالإنكليزية، وبعضهم يسألني من أيّ بلد أتيت. وفور إجابتي بـ"لبنان" يبادرون إلى القول: "Lubnan Cok guzel لبنان... جميل.. جميل جدّاً".
ويحاول محدّثي، بعدها، أن يدفعني إلى تعليمه بعض الكلمات العربية. حتّى أنّ بعضهم لجأ إلى محاولة المقاربة بين أصول بعض الكامات التركية وبعض الكلمات العربية. وأخيراً، وبعد أربع سنوات من زيارتي الأولى إلى تركيا، لم تعد اللغة حاجزاً.
تساءلت يومها عن سبب هذا الانفتاح المفاجئ: هل هي الأحداث في سورية ونزوح مئات السوريين إلى تركيا؟ هل هو ما دفع الأتراك إلى الاستسلام والتواصل بلغة الضيوف، بعدما جرت العادة على العكس تماماً؟
هناك نوعان من التبدّل الذي قد يطرأ على شخصية المرء في ما يتعلّق باللغة واستخدامها: تغيير بحسب الموضة، وتغيير قسري بحسب البلد أو المكان الجغرافيّ. التغيير بحسب الموضة يحصل لحظة انتشار ظاهرة معيّنة. يوم بدأتُ بنشر البوستات الفيسبوكية باللغة العربية، وردتني تعليقات متفاوتة من أصدقائي. بعضهم تساءل عمّا أفعله، فيما آخرون هزأوا من ذلك التغيير المفاجئ. هدفي يومها كان التمرّس في الكتابة أكثر فأكثر، بسبب مهنتي المستقبلية في الصحافة. كما أنّ اللغة العربية، التي هي لغتي الأم، ساعدتني في التعبير عن مكنوناتي وأفكاري. لم أتبع الموضة يومها، بعكس الجيل الجديد، الذي ينقسم اليوم إلى قسمين: قسم "كول" يرى أنّ كتابة بوست باللغة العربية أمر جميل، وقسم آخر يستسخف اللغة العربية كتابةً وقراءةً وكلاماً. تجدهم يتنقّلون بين شوارع العاصمة مردّدين مصطلحات إنكليزية بلهجاتٍ بعيدة كلّ البعد عن ثقافتهم.
قد يظنّ أبناء الأجيال الآتية أنّ الهروب من اللغة العربية يفتح أمامهم آفاقاً جديدة، إلاّ أنّ التمسّك بلغتنا هو الأساس. فحين تنكر لغتك وأصلك، أيُّ لغةٍ وبلدٍ وثقافةٍ ستأخذك على محمل الجد؟
أما التغيير القسري، بحسب البلد أو المكان الجغرافي، فيحلّ علينا حين يجد الفرد المتنقّل، مهاجراً كان أم لاجئاً، صعوبةً في الاندماج في المجتمع، أو الحصول على وظيفة، أو إكمال تعليمه، إذا لم يتعلّم لغة البلد المضيف. زيارتي الأولى إلى تركيا، وتحديداً إلى اسطنبول، كانت في عام 2011. يومها أمضيت وقتي مع أصدقاء عرب وأتراك. وجدتُ صعوبة في التواصل، بسبب حاجز اللغة أمام اختباري "التجربة التركية" الحقيقية.
أخبرني يومها صديقي التركي أنّ الأتراك شعبٌ متمسّك بلغته وعنصريٌّ تجاه غيرها، ويتوقّع من الزائر التأقلم مع اللغة التركية. توالت زياراتي إلى تركيا بمختلف مناطقها، وعدت في أبريل/نيسان الماضي إلى اسطنبول لأجد تجّاراً يلقون التحية علينا بالإنكليزية، وبعضهم يسألني من أيّ بلد أتيت. وفور إجابتي بـ"لبنان" يبادرون إلى القول: "Lubnan Cok guzel لبنان... جميل.. جميل جدّاً".
ويحاول محدّثي، بعدها، أن يدفعني إلى تعليمه بعض الكلمات العربية. حتّى أنّ بعضهم لجأ إلى محاولة المقاربة بين أصول بعض الكامات التركية وبعض الكلمات العربية. وأخيراً، وبعد أربع سنوات من زيارتي الأولى إلى تركيا، لم تعد اللغة حاجزاً.
تساءلت يومها عن سبب هذا الانفتاح المفاجئ: هل هي الأحداث في سورية ونزوح مئات السوريين إلى تركيا؟ هل هو ما دفع الأتراك إلى الاستسلام والتواصل بلغة الضيوف، بعدما جرت العادة على العكس تماماً؟