عن أغنية فيروز الجديدة

24 يونيو 2017
+ الخط -
تطلّ علينا فيروز في هجمة الحر التي لم توفّر حتى سيبيريا، لتزيد الجوّ لزوجة، وما يزعجني ليس رداءة الأغنية لأنني لست من معجبي فيروز، ولم أتوقّع أفضل من ذلك على أية حال بعد سماعي لأحد مقطعي الأغنية أثناء التسجيل.

وجيّد أن ما بين يديك ليس مقالاً أو ورقة بحثية تجبرني على توخّي الحيادية في الطرح، إنها مدونة، أعرض فيها رأياً شخصياً.

ينقسم الجمهور على حائط "فيسبوك" عندي فور نشر الأغنية، الفريق الأول ينتظر الأغنية منذ الإعلان عنها من قرابة الشهر، ويصرّح أنه سيعجب بها حتى لو كانت مجرّد نوبة سعال من فيروز.

الفريق الآخر يحاول أن يبدو أكثر تعقّلاً، فيمتدح كلمات الأغنية التي لم نفهم عمقها كـ"عامّة" عديمة الذائقة الفيروزية، وتُشيد باللحن الذي ترك الألحان الغربي في منتصف الطريق، وبعضهم يذهب أبعد من ذلك ويؤمن أن اللحن لزياد رغم الخلافات والقطيعة، فهو قد شاهد روح زياد تطوف بين الكوبليهين بأم عينه، ويستمر بالدفاع عن نظريته حتى مع إعلان الأغنية الفرنسية التي نقلوا الكلمات واللحن عنها.

الفريق الثالث ممتعض من "الفيروزيين الجدد"، ويُشارك أغنية قديمة قليلة الانتشار ويتحدّث بتعال عن جمهور فيروز الجديد الذي لحق موضتها، عكسه هو المناضل الفيروزي القديم الذي لازمها قبل حتى أن يضيق البلكون.

أما الفريقان الأخيران، فريق لا يحب فيروز ويتمنى أن تنتهي "فورة" ألبومها الجديد سريعاً، وفريق يحبّها لكنه عاتب عليها لأن الأغنية لم تعجبه، وهذا الفريق مضطهد من الفرق المذكورة أعلاه.

فإما أنه لم يفهم عمق الأغنية والألحان من وجهة نظرهم، أو أنه "فيروزي جديد" وعليه أن يكتفي بسماع "أنا لحبيبي" من راديو الميكروباص في الصباح، فهي على مقاس ذائقته الضحلة، أو أنه خائن وحتى إنني قرأت منشوراً يتهم من لم تعجبه بالكفر بفيروز، نعم بالكفر بفيروز.

وليس غريباً أبداً هذا الموقف من مغنية كان حضورها في حياتنا يشبه حضور منطلقات حزب البعث، في الراديوهات الصباحية، والقنوات الأرضية، في باص المدرسة والمحال التجارية، ولاحقاً في الفضائيات، جرعة إجبارية يومية من هذا الصوت الذي يشبه الكابوس وبيانات الأخ الأكبر، لمن لا يحبّها مثلي.

ولولا اقتناع فيروز أن لديها مخزوناً كافياً من الشبيحة، لما تجرأت وأصدرت هذه الأغنية، إنها واثقة أن الجمهور سيصدر تحليلات تضفي عمقاً غير موجود في الحقيقة على الكلمات والألحان وحتى على صوت ذبابة تطنّ بالخلفية إن ظهر بالخطأ.

وإن لم ينفع جيش المدافعين في دعم الأغنية فهنا يأتي دور الفريق الأهم، فرق لا ذنب لفيروز في الذي اقترفته ريما ابنتها، إن صوتها جميل أما الكلمات واللحن فهي من اختيار أحد آخر وليست من اختيارها، وكأنها طفلة خاضعة لسلطة محيطها الأبوية.

إنه ما نفعله مع كل طغاتنا، نرفعهم من دائرة النقد ونحيطهم بهالة من التقديس، ونحضّر جمراتنا لنرمي بها كل منتقديهم من الخونة والكفرة، والنتيجة؟؟ "ردح" ريما على السوريين الذين سوّلت لهم أنفسهم المريضة ادعاء نيّة فيروز بزيارة سورية، وبالتأكيد الأغنية الرائعة "لمين".

هذه الأغنية رديئة، وليست الوحيدة بهذا القدر من الرداءة بين أغنياتها، وليس هذا المهم، المهم انّ ولعنا بصناعة الرموز مقرف حقاً، واكفر به من ضمن ما كفرت به، وأهلاً بالجمرات إذاً.

D01D4959-8EBE-4210-8833-C0B867C4E8A3
فرح يوسف

مدوّنة سورية، مواليد 1993. خريجة كليّة العلوم السياسيّة.