عن "تجربة بناء الدولة": قراءات مفكّرين عرب

07 اغسطس 2016
منير فاطمي/ المغرب
+ الخط -

يقارب الباحث السوري شمس الدين الكيلاني في كتابه "مفكرون عرب معاصرون: قراءة في تجربة بناء الدولة وحقوق الإنسان"، الصادر مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" إشكالية مسؤولية الإسلام عن تأخر العرب في مجال تنميتهم السياسية الحديثة.

الكتاب يحاول الإجابة عمَّا إذا كان الإسلام والأفكار المتداولة للمسلمين عنه قد شكّلت عقبة أمام دمقرطة الدولة العربية وأمام تقدّم حقوق الإنسان في بلداننا"، مجتهداً في التشديد على أنّ تفكير الجماعات في الإسلام ليس جامداً مغايراً للتحوّل، بل يتأثر بعوامل التغير الاجتماعي التاريخي، وعلى أنه لا يمكن فهم أفكار المسلمين إلا في سياق علاقتهم بتطوّر حياتهم الاجتماعية التاريخية، وبالتصاقهم بموشور التنوّعات التي حكمت اجتماعهم السياسي.

حمل القسم الأول من الكتاب عنوان "إعادة التفكير في الدولة وحقوق الإنسان في ظل تحديات الحداثة الغربية للفكر العربي"، وهو بمثابة مدخل يضيء مجريات إعادة التفكير في الدولة وحقوق الإنسان، مع تحديات الحداثة الغربية للفكر العربي. يردّ المؤلف في الفصل الأول مشكلة العرب القدماء مع الدولة إلى أن موضوع بحوثهم "ينصبّ على ما يجب أن يكون عليه الحاكم أو الحكم، أو على ما يجب أن يقوم به، أو كيف يجب أن تُحكم الأنظمة، بدلاً من البحث في كيف تُحكم فعلاً، وما يفعله الحكّام في الواقع، ففشلوا في تسجيل كيفية عمل الأنظمة في الواقع".

في الفصل الثاني، وعنوانه "في مسألة حقوق الإنسان"، يرى الكيلاني أن المسلمين النهضويين لامسوا مسألة حقوق الإنسان تحت ضغط الثقافي الأوروبي، وتوصلوا إلى أن "تقدُّم العرب والمسلمين منوط باستعارتهم من أوروبا السُبل التي اتخذوها لتقدُّمهم، والتعلّم من ثقافتها ما يخدم تطوّر المسلمين وارتقاءهم، منطلقين من اعتقادهم أن الإسلام لا يتعارض مع أسس الحداثة ما دامت هذه الحداثة لا تتعارض مع العقل الذي يتوافق مع الإسلام".

يمثّل القسم الثاني، وعنوانه "وجهة نظر مفكرين عرب معاصرين في تجربة بناء الدولة وحقوق الإنسان"، المحور الأساسي لهذا الكتاب، ورصده الكيلاني ليبحث في وجهات نظر مفكرين عرب معاصرين في تجربة بناء الدولة وحقوق الإنسان في المجال الإسلامي، وقسمه إلى تسعة فصول.

في الفصل الثالث "عبد الله العروي: الدولة السلطانية وطوبى الخلافة ومفاهيم حقوق الإنسان"، يقول المؤلف إن العروي وضع حدّاً فاصلاً بين التقليد الذي يضع للدولة هدفاً خارجها، والتعامل الحداثي الذي يأخذ بجد الدولة القائمة الفعلية، ويُدرج حياته السياسية فيها وينطلق منها، ويُثبت المؤلف في الفصل الرابع "وجيه كوثراني: في التجربة السياسية الإسلامية (علاقة المؤسسة السياسية بالدينية)" تأكيد المؤرخ اللبناني وجود استقلال فعلي في التجربة العربية الإسلامية لبناء الدولة بين المجال السياسي والمجال الديني، وملاحظته أن ثمة ثنائية في السلطة موزعة بين السلاطين والأمراء من جهة، والفقهاء من جهة أخرى (أي بين المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية)، وإشارته أيضاً إلى أن في الإمكان أن نعثر في المتن الإسلامي على ما يثبت أن الإسلام لا يتعارض مع العلمانية، كما هي الحال في المجال المسيحي، أو أنه لا يقف في وجهها، مثلما أنه لا يتعارض مع الرأسمالية أو الاشتراكية.

في الفصل الخامس "رضوان السيد: إضاءات على تحولات السلطة وحقوق الإنسان في الإسلام"، يناقش مفهوم الخلافة عند السيد وعلاقة السلطة بالشريعة. بينما يعرض في الفصل السادس "محمد عابد الجابري: الدولة وحقوق الإنسان في الإسلام"، إلى تحوّل الفكر السياسي في الإسلام بعد الغزالي.

يستعيد المؤلف في الفصل السابع، وعنوانه "برهان غليون: من نقد دولة الحداثة العربية إلى نقد مفهوم الإسلاميين المعاصرين للدولة"، رأي غليون حول المخرج الحقيقي من أزمة العلمانية والإسلامية متمثلاً بالديمقراطية.

في الفصل الثامن "عزمي بشارة: الدولة في علاقتها بالإسلام" يبيّن الكيلاني رفض صاحب "الدين والعلمانية في سياق تاريخي" رسم حدٍّ فاصل بين ثقافة الغرب وثقافة العالم الإسلامي، بطريقة تجعل الانتماء إلى المكان ميزة الأولى والانتماء إلى النسب/ القرابة ميزة الثانية، "أكان هذا الافتراض صادراً عن بعض المستشرقين أم عن بعض العرب، الذين أرجعوا فيه تخلف العرب إلى هذا المركّب القبلي العصيّ على التحوّل؛ فليست القبيلة عنده جوهراً ثابتاً في النفس العربية وعصيًاً على التحويل، بل إنها تغيرت بتحولها إلى عشيرة غير متنقلة في المكان، وأينما استمرت غيّرت من ملامحها ووظائفها، متأثرة ببنى اجتماعية وسياسية غير عشائرية".

يرصد الكيلاني في الفصل التاسع المفكر المصري حسن حنفي: من التراث والتجديد نحو اليسار الإسلامي و"دولته"، ليعرض مشروع تجديد التراث الذي أطلقه حنفي في التراث وبالتراث.

دلالات
المساهمون