عندما يكون اللاجئون في لبنان قنابل موقوتة

19 فبراير 2016

لاجئة سورية في جنوب لبنان (25 يناير/2016/Getty)

+ الخط -
"اللاجئون السوريون في لبنان قنابل موقوتة". هذا ما قاله، قبل أيام، رئيس كتلة حزب الله في المجلس النيابي اللبناني، محمد رعد، في مناسبة عزاء لأحد قتلى الحزب، ممن سقط في القتال إلى جانب النظام السوري على الأراضي السورية. وتحمل هذه العبارة أكثر من معنى، وتختزن في داخلها أكثر من مضمون.
يتجسد أحد أبرز معاني هذه العبارة في ذاك الخوف والقلق الذي يتملّك البيئة الحاضنة لحزب الله، جرّاء انتشار اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة في لبنان، وعلى مساحة الوطن، حيث تقدّر أعدادهم بحوالي مليون ونصف مليون لاجئ، موثّقة أسماؤهم بشكل رسمي، من غير تلك الأعداد التي لم توثّق بشكل رسمي، وهي بالمناسبة غير قليلة. ومعظم هؤلاء اللاجئين من الشريحة التي لا تكنّ للنظام السوري أي ولاء أو محبة أو تقدير، بل هي من الشريحة التي دُمّرت قراها ومساكنها، وأتلفت ممتلكاتها ومصانعها وتجارتها على أيدي قوات النظام السوري ومليشياته وداعميه. وبالتالي، فهي باتت في موقع العداء لهذا النظام وكل أولئك الداعمين له.
يتولّد الخوف والقلق عند النائب رعد، والبيئة الحاضنة لحزبه من اللاجئين، ويصفون حالهم بالقنابل الموقوتة، انطلاقاً من اعتبارات كثيرة، أولها وأبرزها تنامي شعور عند اللاجئين السوريين بمسؤولية حزب الله اللبناني عن جزء كبير من مأساة نزوحهم أولاً، حيث شارك مسلحو الحزب بالقتال المباشر، إلى جانب قوات النظام السوري، تحت حجج وذرائع لم تقنع الشعب السوري يوماً، وساهموا في تشريد الشعب السوري، وتدمير قراه وبناه التحتية. وهنا، نذكر كيف فاخر نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، في مقابلات إعلامية سابقة، عندما أكد أن تدّخل مقاتلي حزب الله إلى جانب النظام السوري هو الذي أنقذ النظام، وحال دون سقوط العاصمة دمشق بيد مقاتلي المعارضة.
الأمر الآخر الذي يجعل القلق يتسرّب إلى داخل نفوس تلك البيئة الحاضنة وقلوبها، شعور اللاجئين السوريين في لبنان بأن جزءاً كبيراً من مأساتهم، في أماكن لجوئهم داخل الأراضي اللبنانية، يتحمّل مسؤوليته حزب الله، بما له من دور في القرار اللبناني السياسي والأمني. وهنا، يأتي الحديث عن معاناتهم اليومية في الاستحصال على الأوراق الثبوتية، والتضييق عليهم في الاستحصال على لقمة العيش، فضلاً عن الممارسات الأمنية التي تقع عليهم من أجهزة أمنية رسمية، أو حتى حزبية. وذلك كله بالطبع يرفع من مستوى الاحتقان عند اللاجئين الذين يعيشون ظروفاً مأساوية صعبة، ويولّد عندهم شعوراً بحب الانتقام والثأر ممن أوصلهم إلى هذا الحال والمستوى. وبالفعل، يمكن أن يحوّلهم إلى قنابل موقوتة في أية لحظة.
إلا أن التفسير الآخر لكلام السيد رعد قد يكون مختلفاً عن هذا الاتجاه تماماً، ويذهب في اتجاه آخر. فكلام النائب رعد قد يكون اعترافاً ضمنياً وغير مباشر، ولو في وقت متأخر، بخطأ حزب الله بالتورط بالوحول السورية، لأن جزءاً من هذا التورّط استولد موجات نزوح كثيفة إلى لبنان، وأحدث جوّاً من العداء بين النازحين السوريين وبيئة حزب الله الحاضنة، على الرغم من محاولات الحزب الدائمة الفصل بين تعاطيه مع اللاجئين السوريين في لبنان، وحربه على أبنائهم الثوار في سورية. وهنا، ربما أراد النائب رعد التعبير عن هذا القرار الخطأ. ولكن، على طريقته الخاصة، وهو الذي يدرك تماماً أن حجم الخسائر التي مني بها الحزب في سورية، لا توازي العوائد التي يمكن أن تعود عليه منها، خصوصاً في ظل هيمنة القرار الروسي، بعد تسلم الضباط الروس دفة القيادة الميدانية والسياسية في سورية.
فتحت العبارة التي تناولت اللاجئين السوريين في لبنان، وحذّرت من تحوّلهم إلى قنابل موقوتة، فتحت شهية بعضهم على سؤال آخر جديد، حول إذا ما كانت تشمل أيضاً اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات؟ وعمّا إذا كانت فلسطين قد سقطت من أجندات رفعت شعارها عقوداً من الزمن، لتظهر حقيقتها اليوم.