عمّار الخليفي: السينما التاريخية وانحسارها

20 مارس 2016
(من فيلم "المتمرد" لـ عمار الخليفي)
+ الخط -

مثّلت كتابة التاريخ المعاصر في تونس قضية إشكالية لاعتبارات الإكراهات السياسية التي فرضها نظاما بورقيبة وبن علي على هذه العملية. في ظل غياب هذه المدوّنة، خصوصاً غياب الثقة في رواياتها، كان من الطبيعي أن فنوناً تستمد من التاريخ بعض مقوّماته، مثل الرواية أو السينما، أن تتحاشى مساءلة التاريخ وتبحث في اتجاهات أخرى.

يمكن اعتبار المخرج التونسي عمار الخليفي (1934) السينمائي الوحيد في بلاده الذي تخصّص في السينما التاريخية، غير أن بساط هذا الشكل السينمائي كان قصيراً؛ لذلك بدا حضوره في العقود الأخيرة أقل بكثير من الستينيات والسبعينيات.

كان فيلمه "الفجر" أول فيلم تاريخي طويل أُنتج في تونس، في عام 1966، تبعته أفلام "المتمرّد" (1968) و"الفلاقة" (1970) و"صراخ" (1972)، قبل أن يتوقّف قليلاً، ثم يخرج عمله الطويل الأخير "التحدي" (1986).

المفارقة أن الثمانينيات، والتسعينيات بعدها، عرفت مرحلة تراكم الإنتاج السينمائي في تونس، لكنها عرفت أيضاً انسحاب أبرز مخرج في ذلك الوقت، على الأقل من الناحية العددية، نحو مشاغل سينمائية أخرى مثل الإنتاج وكتابة السيناريوهات.

لعل موضوع نقاش تكريم يوم غد لن يبتعد عن هذه المفارقة المزدوجة، انقطاعه عن إخراج الأعمال السينمائية الطويلة من جهة، ومن أخرى انحسار إنتاج الأفلام التاريخية في تونس؛ فبعد تجربة الخليفي لا نقع سوى على أعمال قليلة من بينها فيلم "رديف 54" (1997) لعلي العبيدي و"ثلاثون" (2008) لفاضل الجزيري.

تعيش اليوم تونس موجة جديدة من الإنتاج السينمائي، يبدو فيه المخرجون وقد تحرّروا شيئاً ما من عدة مكبلات، غير أن الأفق الجديد لا يزال يفضّل أن يفتح على المكبوت الاجتماعي والثقافي، تاركاً إلى الآن مسألة السينما التاريخية لمرحلة أخرى، وقد يستفيد المشهد وقتها من تراكم كتابة تاريخية أكثر مصداقية ومحافظة على استقلالية مروياتها عن توجّهات الأنظمة.


اقرأ أيضاً: كأنها انتعاشة

المساهمون