عمومية أطباء مصر.. التصعيد حفاظاً على هيبة المواطن والدولة

11 فبراير 2016
تنعي النظام الصحي من تظاهرة سابقة للأطباء (فرانس برس)
+ الخط -

تعقد نقابة الأطباء المصرية جمعية عمومية طارئة، غداً الجمعة، على خلفيّة الاعتداء الذي ارتكبته عناصر أمنية على طبيبَين في مستشفى المطرية التعليمي في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي. وقد لاقى التحرّك ترحيباً واسعاً في الأوساط الحقوقية والنقابية.

يبدو أنها لن تكون دعوة إلى جمعية عمومية طارئة للأطباء وحدهم، بل للنقابات المهنية. هذا ما توحيه المعطيات المحيطة بدعوة نقابة الأطباء المصريين ونقابة الأطباء الفرعية في القاهرة، غداً الجمعة، للتصويت على الإجراءات التصاعدية والإضراب الجزئي في جميع مستشفيات مصر، رفضاً للانتهاكات المتتالية التي يتعرض لها أطباء أثناء ممارستهم عملهم. وكانت نقابة الأطباء المصرية قد دعت إلى جمعية عمومية طارئة، غداً الجمعة 12 فبراير/ شباط الجاري، إثر اعتداء أفراد من الأمن على طبيبَين في مستشفى المطرية التعليمي في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي. وقد تقدّم جميع الأطباء العاملين في المستشفى، باستقالات جماعية إلى مجلس النقابة العامة للأطباء لرفعها إلى وزير الصحة، في حال عدم التحقيق مع أمناء الشرطة المعتدين على الأطباء. وهم يؤكدون انتظارهم قرارات الجمعية العمومية غير العادية للأطباء.

سيناريوهان

في هذا الإطار، طرح عضو مجلس نقابة الأطباء المصريين، الدكتور إيهاب طاهر، سيناريوهَين للجمعية العمومية المقبلة. الأول في حال أحيل أمناء الشرطة للمحاكمة قبل موعد انعقاد الجمعية العمومية. والثاني في حال عدم إحالتهم للمحاكمة، وهي الحال التي سوف تترتب عليها الإجراءات التصاعدية التي تقررها الأغلبية في الجمعية العمومية. فهي تعدّ السلطة الأعلى، وقراراتها ملزمة لجميع الأطباء ولمجلس النقابة.

وقد تتمثل تلك الإجراءات التصعيدية في "وقفات احتجاجية أو استقالات جماعية مسببة أو إضراب جزئي"، بحسب طاهر الذي يؤكد أن "الإضراب الجزئي غير موجه ضدّ المرضى، وسوف تُراعى كل ظروف هؤلاء، ولن تتوقف الخدمة الطبية على الإطلاق في خدمات الطوارئ والاستقبال، مع ترك الباب مفتوحاً للخدمات الطبية غير الطارئة". يضيف: "هذا ما ثبت فعلياً في الإضرابات الجزئية التي سبق ونظمتها النقابة، إذ لم تشارك فيها المستشفيات الجامعية، على سبيل المثال".

وينتقد طاهر محاولات بعض الإعلاميين وأعضاء مجلس النواب المصري، في إظهار الدعوة للإضراب الجزئي وكأنها انتقاص من هيبة الدولة، مؤكداً أن "هيبة الدولة ليست عند الحكومة ولا وزارة الداخلية، وإنما عند المواطن المصري وكرامته".

إلى ذلك، يقول طاهر إن "محاولة إظهار البعض للأمر وكأنه مشاجرة بين طبيب وأمين شرطة، هي حملة إعلامية رخيصة يقودها بعض الإعلاميين"، مستنكراً حرص هؤلاء على إخراج ملف "الإهمال الطبي وأخطاء الأطباء" في هذا التوقيت. يتابع: "بالطبع نعلم أن ثمّة أخطاء، ولا يتوانى مجلس النقابة عن التحقيق فيها"، سائلاً: "لكن لماذا يحلو الحديث عن هذا الملف بالتزامن مع الدعوة للجمعية العمومية؟".

اقرأ أيضاً: 200 ألف مصري ينتظرون الموت

إهدار للكرامة

من سؤال طاهر المفتوح، إلى إجابات زميله عضو مجلس نقابة الأطباء الدكتور خالد سمير المحددة... فيقول الأخير إنه "لم يكن في وسع نقابة الأطباء، إلا الوقوف بحزم في وجه الانتهاكات المتعددة التي يتعرض لها الأطباء، وآخرها واقعة الاعتداء على أطباء المطرية"، التي وصفها بـ"غير المسبوقة من إهدار للكرامة لترقى إلى جرائم التعذيب". وذلك بالإضافة إلى تعرّض الطبيبَين للتهديد بالإكراه، بهدف التنازل عن حقوقهما في قسم الشرطة والنيابة.

بحسب شهادة الطبيبَين، فإنهما أُرغما على التنازل عن المحضر الذي قدماه ضد أمينَي الشرطة في قسم المطرية، شرق القاهرة، خشية البطش بهما، فيما تمكن أمينا الشرطة من الحصول على التقرير الطبي المزوّر الذي أراداه من مستشفى هليوبوليس في مصر الجديدة. ويشير سمير إلى أن "قضية طبيبي مستشفى المطرية التعليمي تحوّلت إلى قضية كرامة لا تخص الأطباء وحدهم، بل جميع المواطنين المصريين. هي قضية عامة".

ويكتمل النصاب القانوني للجمعية العمومية الطارئة لنقابة الأطباء العامة بألف عضو، فيما يكتمل النصاب القانوني للنقابة الفرعية في القاهرة بمائة عضو. ويرجّح سمير أن يكتمل النصابان القانونيان يوم الجمعة، خصوصاً بعد الدعم والتضامن الكبيرَين مع الأطباء والنقابة، واللذَين يظهران من خلال الدعوة إلى الجمعية العمومية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال الاتصالات الشخصية بأعضاء مجلس النقابة.

وكانت دائرة المتضامنين مع أطباء مستشفى المطرية التعليمي وموقف نقابة الأطباء المصريين، قد اتسعت خلال الأسبوع الماضي، إذ أعلنت عشرات القوى السياسية والأحزاب والنقابات إلى جانب عشرات الشخصيات العامة والسياسية والحقوقية، تضامنها مع أطباء مستشفى المطرية التعليمي والنقابة، في مواجهة ما وصفوه بـ"بلطجة أمناء شرطة قسم المطرية".

من جهتها، أعلنت لجنة حريات نقابة الصحافيين المصرية ونظيراتها في نقابة المحامين المصرية ونقابة المهندسين ونقابتي أطباء الأسنان والصيادلة، واتحاد المهن الطبية تضامنهم مع موقف نقابة الأطباء.

على الرغم من دعوة نقابة الأطباء المصريين جميع المتضامنين معها، إلى التجمّع في مقر النقابة ومكتب النقيب، ابتداءً من العاشرة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً موعد انعقاد الجمعة العمومية، إلا أنه "من غير المرجح أن تلي الجمعية العمومية أي فعاليات لاحقة، مهما كانت القرارات"، بحسب ما يؤكد سمير. يضيف: "أنا ضد أي فعاليات تعقب الجمعية العمومية، حتى لا تستخدم لأغراض أخرى، غير أهداف الجمعية العمومية الطارئة". وعن أسباب دعوة نقابة الأطباء المصريين المتضامنين معها للتجمّع في مقر النقابة قبل بدء أعمال الجمعية العمومية الطارئة، يقول سمير إن "الموضوع لم يعد يخص الأطباء وحدهم، بل يمسّ كرامة كل مواطن. وكان من المفروض أن يؤدي هذا الدور أعضاء مجلس النواب المصري، لكن للأسف مواقف بعضهم أثبتت أنهم لا يهمهم لا القانون ولا الدستور وأنهم يحاولون تحقيق مكاسب شخصية".

المعركة مستمرة

وتعد تلك الجمعية العمومية الطارئة، الأهم منذ سنوات، وفقاً لأطباء وأعضاء في مجلس النقابة. وهذا ما أكدته وكيلة مجلس نقابة الأطباء المصريين، الدكتورة منى مينا، التي كتبت على حسابها الخاص على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، أن "المعركة لم تنتهِ بعد". وروت مينا ما دار معها هي ونقيب الأطباء المصريين حسين خيري في النيابة، بعد استدعائهما رسمياً.

دوّنت: "طُلبنا أنا و د. حسين خيري، للإدلاء بشهادتنا في البلاغات التي تقدمت بها النقابة.. وبالفعل أصدرت النيابة العامة أمس أمراً باستدعاء 6 متهمين للمثول أمام النيابة، ولكن من الأمور التي وجهنا بها أنا و د. حسين خيري أن هناك 22 بلاغاً ضدنا في النيابة، وبالتالي فهناك احتمال عالٍ أن يفتح التحقيق وتوجه اتهامات بناء على هذه البلاغات في القريب العاجل، وأتوقع أن يكون هذا القريب العاجل بعد الجمعية العمومية، ولذلك نحتاج لجمعية عمومية قوية... يظهر فيها وبوضوح موقف قوي لجميع أطباء مصر خلف أطباء المطرية ومجلس النقابة". أضافت مينا: "كل ذلك... للحفاظ على كرامة الأطباء... ولحماية أطباء المطرية.. وأطباء بنها الجامعي.. بل لحماية الأطباء والمرضى والمستشفيات في كل مصر من التحول لساحات معارك، والحفاظ على مستقبل شباب الأطباء، وللحفاظ على المستقبل لشبابنا طلبة الطب، احضرْ جمعيتك العمومية يوم الجمعة القادم 12 فبراير في دار الحكمة".

في السياق ذاته، يتحدّث عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، الدكتور عمرو الشورى، عن اقتراحاته بخصوص الجمعية العمومية للأطباء غداً، قائلاً: "إضراب جزئي (لا يشمل الطوارئ والحالات الحرجة) ويكون تبادلياً لمدة أسبوع لمناطق الجمهورية الست. بمعنى أن أولاً، يُضرب قطاع القاهرة لمدة أسبوع يبدأ من السبت 20 فبراير/ شباط، بينما تعمل بقيّة المستشفيات في المناطق الخمس الأخرى. يُنهي إضرابه ليبدأ قطاع غرب الدلتا الذي يشمل الإسكندرية ومطروح والبحيرة، إضراباً لمدة أسبوع يبدأ السبت 27 من الشهر نفسه، بينما تعمل المستشفيات في المناطق الخمس الأخرى بما فيها القاهرة ثم قطاع شرق الدلتا لمدة أسبوع، ومن ثم قطاع وسط الدلتا وبعدها شمال الصعيد وبعدها جنوبه". يضيف: "وإن لم تحقق المطالب بعد انتهاء الأسابيع الستة، يبدأ إضراب جزئي يشمل كل مستشفيات الجمهورية. بذلك نعطي مهلة ستة أسابيع للتفاوض ونستطيع دعم كل قطاع مضرب بكل طاقة النقابة والنقابات الفرعية".

ويؤكد الشورى أنه لا يميل إلى إضراب شامل من البداية، لـ"صعوبة إدارته، خصوصاً في اللحظة الحالية". يضيف: "وكذلك لا أميل إلى الإضراب يوماً أو يومين في الأسبوع، لأنه صعب التطبيق وضعيف، خصوصاً مع جداول الجراحة والنساء الأمر الذي يتسبب بارتباكات عديدة. أما اقتراح إضراب بضع ساعات يومياً، فأرفضه لأنه ليس ضعيفاً فحسب، وإنما لصعوبة تطبيقه على الأرض".

اقرأ أيضاً: خرّيجو الدبلوم الفني "أميّون"