اعتبر المدير العام لميناء ياسمين الحمامات الدولي، أهم معالم السياحة البحرية في تونس، عمر أنيس الزرماطي، أن "سياحة اليخوت في تونس واعدة"، وقال إن هذا الاستثمار يساهم في نمو الاقتصاد التونسي، على أن تتم إحاطته بالاهتمام اللازم.
وهذا نص المقابلة:
* كيف تأسست "شركة الدراسات والتهيئة مارينا الحمامات الجنوبيّة"؟
تأسّست شركة الدراسات والتهيئة مارينا الحمامات الجنوبية في العام 1996، في مدينة الحمامات، في إطار تنويع الأنشطة السياحيّة.
يتميّز ميناء ياسمين الحمامات ببنية تحتيّة متطوّرة، وقدرة استيعاب أكثر من 704 يخوت. وتقدّم المؤسّسة خدمات مختلفة تشمل توفير الصيانة وخدمات الاتصّال السلكيّة واللاسلكيّة، من هاتف وانترنت، بالإضافة إلى المرافق الصحيّة الضروريّة.
كما أنّ الميناء مجهّز لاستقبال الوافدين من ذوي الاحتياجات الخاصّة. أمّا على الصعيد الأمني، فالميناء يخضع للرقابة والحماية الأمنيّة طوال 24 ساعة. ويستقبل الميناء جنسيات مختلفة، يشكل التونسيون 40% منها، ثم الفرنسيون بنسبة 33%، فالبريطانيون بنسبة 17%، وأخيراً 4.5% من الإيطاليّين.
* لاحظنا أن هناك نقصاً كبيراً على مستوى الإعلان والتعريف بهذا النمط السياحيّ، فهل مردّ ذلك ضيق آفاق مثل هذا النوع من الترفيه البحريّ أو ربّما عدم ملاءمة المناخ التونسيّ لمثل هذه الاستثمارات؟
على العكس تماماً، تونس تمتلك جميع المقوّمات التّي تمكنها من استغلال وتطوير هذا النمط من الترفيه السياحيّ وجعله رافداً هاماً من روافد التنمية الاقتصاديّة. فالموقع الجغرافيّ للبلاد الذي يجعلها في قلب حركة النقل البحريّ السياحيّ والتجاريّ وسواحلها الممتدّة على أكثر من 1300 كلم وقربها من الضفّة الشماليّة للبحر الأبيض المتوسّط يجعلها تتفوّق على غيرها من بلدان الجنوب في هذا المجال، حيث تتميّز تونس بمناخ مستقرّ ودافئ يصل إلى 300 يوم مشمس يجعل من هذا النمط السياحي رائجاً.
من جهة أخرى، تعد تونس ثريّة برصيدها الحضاريّ وتنوّعها، وهو ما يمثّل عامل جذب هام وأساسيّ للسياح، كما تمتلك تونس قدرات تنافسيّة كبرى تتمثّل في المزايا الضريبيّة وانخفاض كلفة اليد العاملة وكفاءتها في آن واحد بالإضافة إلى انخفاض سعر صرف الدينار في الفترة الأخيرة.
* هل بإمكانك أن تعطينا لمحة عن واقع القطاع، وهل استطاع الاستفادة من كلّ الخصوصيات التي سبق وذكرتها؟
رغم تضرّر القطاع السياحيّ بشكل كبير منذ 14 يناير/ كانون الثاني 2011، إلاّ أنّ قطاع اليخوت والترفيه البحري لم ينل ما نالته مختلف المرافق السياحيّة الأخرى من تدهور لعدّة اعتبارات، أوّلها أنّ المنطقة كانت مؤمّنة بشكل جيّد خلال الثورة، ما عزّز ثقة زبائننا في الشركة. إذ إنه، وبالرغم من رواج أخبار حول الاضطرابات في تونس، إلاّ أن نسبة كبيرة من زبائننا حافظت على حجوزاتها. في المقابل، هذا لا يعني أنّنا لم نتضرّر كلياً من الأحداث الأخيرة، إذ سجّلنا انخفاضاً بنسبة 20% في أعداد الوافدين، كما أنّ الوضع البيئي الكارثي في منتجع ياسمين الحمامات ونقص الخدمات البلديّة أدّى بدوره إلى نفور السياح من الوجهة التونسيّة، وهو ما اضطرنا إلى اعتماد نظام الحجوزات الآنيّ بدل الحجوزات المسبقة نظراً لشغور الميناء.
أمّا بخصوص ما أشرت إليه من استغلال الخصائص المناخيّة والاقتصاديّة لتونس، فإجابتي ستكون، وللأسف، بالنفي. فسياحة اليخوت تبدو بعيدة تماماً عن إمكانياتها الحقيقيّة وتشهد تجاهلاً من سلطات الإشراف، كما تعترضها معوقات عديدة تحدّ من نسق النمو والتطوير.
* هل يمكن أن توضّح ما هي أهمّ المعوقات؟
إضافة إلى الوضع السياسيّ والأمني المضطرب حالياً، فإنّ قطاع السياحة البحريّة يعاني من مشاكل هيكليّة وتشريعيّة تعيق تطوّره وتحدّ من مساهمته في الجهود التنمويّة. فعلى الرغم من المميّزات المناخيّة والجغرافيّة، فإنّ القدرة التنافسيّة التونسيّة لا تزال محدودة ولم نستطع إلى اليوم أن نتجاوز نسبة 0.5% من حركة اليخوت في الحوض المتوسطي.
فلا وجود لاستراتيجية تنمويّة واضحة المعالم، وذلك لاعتبارها خارج الأولويات الحاليّة لخطط التنمية، كما أنّ التشريعات تمثّل عائقاً أمام تطوير سياحة اليخوت داخليّاً وخارجيّاً. فالإجراءات المرتبطة باقتناء اليخوت معقّدة ومنفّرة، كما أنّها مكلفة للغاية بالنسبة للتونسيّين الراغبين في ممارسة هذا النوع من الأنشطة الترفيهيّة، بالإضافة إلى غياب امتيازات ضريبيّة لمن يرغب في اقتناء اليخوت من التونسيّين. أمّا على صعيد الأجانب، فالإجراءات القانونيّة تقيّد الدخول والخروج من المياه الإقليمية الوطنيّة، كما أنّ الأنظمة والقوانين لا تتلاءم في العديد من النقاط مع المعايير الدوليّة، هذا دون أن نغفل قلة أو غياب المدارس المختصّة في تكوين اليد العاملة المطلوبة.
* إذن، المشاكل الأساسيّة هي تشريعيّة وهيكليّة بالأساس؟
نعم، وهناك أيضاً العديد من أوجه التقصير التي تعيق جهودنا للتطوير. فمسألة التسويق والاعلان، تعتبر عاملاً حاسماً في الرفع من الطلب وتوسيع السوق، وهو ما يغيب عن هذا القطاع الذّي يبدو مهمّشاً، كما أنّنا نعاني من نقص البنى التحتيّة الخاصّة بمثل هذا النمط من السياحة الترفيهيّة، كنقص الموانئ التي يبلغ عددها 6 موانئ على كامل الساحل التونسيّ، بالإضافة الى محدوديّة الخدمات المقدّمة في الموانئ التونسيّة مقارنة بنظيراتها الأوروبية.
* ربّما يعود تجاهل الدولة لهذا القطاع لوجود أولويّات أخرى، أو لمحدوديّة القيمة المضافة لقطاع الترفيه البحريّ؟
على العكس تماماً، الموانئ تعتبر عامل جذب سياحي للتنزه والاستهلاك، كما أنّها تساهم في إيجاد فرص عمل تحدّ من البطالة نظراً لما يمكن أن تخلقه الموانئ من خدمات وأنشطة مرتبطة بها، سواء داخل الميناء أو خارجه. كما أنّ للموانئ بعداً جماليّاً على البنيان الحضري.
* ما هو المطلوب اليوم للنهوض بقطاع السياحة البحريّة واليخوت؟
أوّلاً، يجب أن يكون تطوير هذه القطاع جزءاً من رؤية أوسع نطاقاً في مجال التنمية. فعلى الرغم من أن تونس لديها نقاط قوة واضحة كوجهة بحرية، فإنّ نقاط الضعف تحدّ بشكل كبير من نفاذنا إلى مختلف الأسواق المحليّة الخارجيّة.
إذن الخطوة الأولى تكون بمعالجة المشاكل التشريعيّة عبر نشر نصّ تنفيذ قانون الموانئ الذي دخل حيّز التنفيذ منذ العام 2011 مع إشراك المهنيين في إعداد الخطط التنفيذية. كما يجب مواءمة الأنظمة والقوانين التي تنظم ممارسة هذا النشاط الترفيهي مع المعايير الدولية، لرفع القدرة التنافسيّة التونسيّة. كما تجدر إعادة النظر في مختلف الإجراءات المرتبطة باقتناء اليخوت والتفكير في تشجيع السوق الداخليّة عبر تخفيض الضرائب. أمّا بخصوص البنى التحتيّة، فيجب إنشاء نظام للتدريب المهني ومراكز تكوين خاصّة باحتياجات سياحة اليخوت.
إقرأ أيضا: أساسيات النظام الوطني للابتكار
تأسّست شركة الدراسات والتهيئة مارينا الحمامات الجنوبية في العام 1996، في مدينة الحمامات، في إطار تنويع الأنشطة السياحيّة.
يتميّز ميناء ياسمين الحمامات ببنية تحتيّة متطوّرة، وقدرة استيعاب أكثر من 704 يخوت. وتقدّم المؤسّسة خدمات مختلفة تشمل توفير الصيانة وخدمات الاتصّال السلكيّة واللاسلكيّة، من هاتف وانترنت، بالإضافة إلى المرافق الصحيّة الضروريّة.
كما أنّ الميناء مجهّز لاستقبال الوافدين من ذوي الاحتياجات الخاصّة. أمّا على الصعيد الأمني، فالميناء يخضع للرقابة والحماية الأمنيّة طوال 24 ساعة. ويستقبل الميناء جنسيات مختلفة، يشكل التونسيون 40% منها، ثم الفرنسيون بنسبة 33%، فالبريطانيون بنسبة 17%، وأخيراً 4.5% من الإيطاليّين.
* لاحظنا أن هناك نقصاً كبيراً على مستوى الإعلان والتعريف بهذا النمط السياحيّ، فهل مردّ ذلك ضيق آفاق مثل هذا النوع من الترفيه البحريّ أو ربّما عدم ملاءمة المناخ التونسيّ لمثل هذه الاستثمارات؟
على العكس تماماً، تونس تمتلك جميع المقوّمات التّي تمكنها من استغلال وتطوير هذا النمط من الترفيه السياحيّ وجعله رافداً هاماً من روافد التنمية الاقتصاديّة. فالموقع الجغرافيّ للبلاد الذي يجعلها في قلب حركة النقل البحريّ السياحيّ والتجاريّ وسواحلها الممتدّة على أكثر من 1300 كلم وقربها من الضفّة الشماليّة للبحر الأبيض المتوسّط يجعلها تتفوّق على غيرها من بلدان الجنوب في هذا المجال، حيث تتميّز تونس بمناخ مستقرّ ودافئ يصل إلى 300 يوم مشمس يجعل من هذا النمط السياحي رائجاً.
من جهة أخرى، تعد تونس ثريّة برصيدها الحضاريّ وتنوّعها، وهو ما يمثّل عامل جذب هام وأساسيّ للسياح، كما تمتلك تونس قدرات تنافسيّة كبرى تتمثّل في المزايا الضريبيّة وانخفاض كلفة اليد العاملة وكفاءتها في آن واحد بالإضافة إلى انخفاض سعر صرف الدينار في الفترة الأخيرة.
* هل بإمكانك أن تعطينا لمحة عن واقع القطاع، وهل استطاع الاستفادة من كلّ الخصوصيات التي سبق وذكرتها؟
رغم تضرّر القطاع السياحيّ بشكل كبير منذ 14 يناير/ كانون الثاني 2011، إلاّ أنّ قطاع اليخوت والترفيه البحري لم ينل ما نالته مختلف المرافق السياحيّة الأخرى من تدهور لعدّة اعتبارات، أوّلها أنّ المنطقة كانت مؤمّنة بشكل جيّد خلال الثورة، ما عزّز ثقة زبائننا في الشركة. إذ إنه، وبالرغم من رواج أخبار حول الاضطرابات في تونس، إلاّ أن نسبة كبيرة من زبائننا حافظت على حجوزاتها. في المقابل، هذا لا يعني أنّنا لم نتضرّر كلياً من الأحداث الأخيرة، إذ سجّلنا انخفاضاً بنسبة 20% في أعداد الوافدين، كما أنّ الوضع البيئي الكارثي في منتجع ياسمين الحمامات ونقص الخدمات البلديّة أدّى بدوره إلى نفور السياح من الوجهة التونسيّة، وهو ما اضطرنا إلى اعتماد نظام الحجوزات الآنيّ بدل الحجوزات المسبقة نظراً لشغور الميناء.
أمّا بخصوص ما أشرت إليه من استغلال الخصائص المناخيّة والاقتصاديّة لتونس، فإجابتي ستكون، وللأسف، بالنفي. فسياحة اليخوت تبدو بعيدة تماماً عن إمكانياتها الحقيقيّة وتشهد تجاهلاً من سلطات الإشراف، كما تعترضها معوقات عديدة تحدّ من نسق النمو والتطوير.
* هل يمكن أن توضّح ما هي أهمّ المعوقات؟
إضافة إلى الوضع السياسيّ والأمني المضطرب حالياً، فإنّ قطاع السياحة البحريّة يعاني من مشاكل هيكليّة وتشريعيّة تعيق تطوّره وتحدّ من مساهمته في الجهود التنمويّة. فعلى الرغم من المميّزات المناخيّة والجغرافيّة، فإنّ القدرة التنافسيّة التونسيّة لا تزال محدودة ولم نستطع إلى اليوم أن نتجاوز نسبة 0.5% من حركة اليخوت في الحوض المتوسطي.
فلا وجود لاستراتيجية تنمويّة واضحة المعالم، وذلك لاعتبارها خارج الأولويات الحاليّة لخطط التنمية، كما أنّ التشريعات تمثّل عائقاً أمام تطوير سياحة اليخوت داخليّاً وخارجيّاً. فالإجراءات المرتبطة باقتناء اليخوت معقّدة ومنفّرة، كما أنّها مكلفة للغاية بالنسبة للتونسيّين الراغبين في ممارسة هذا النوع من الأنشطة الترفيهيّة، بالإضافة إلى غياب امتيازات ضريبيّة لمن يرغب في اقتناء اليخوت من التونسيّين. أمّا على صعيد الأجانب، فالإجراءات القانونيّة تقيّد الدخول والخروج من المياه الإقليمية الوطنيّة، كما أنّ الأنظمة والقوانين لا تتلاءم في العديد من النقاط مع المعايير الدوليّة، هذا دون أن نغفل قلة أو غياب المدارس المختصّة في تكوين اليد العاملة المطلوبة.
* إذن، المشاكل الأساسيّة هي تشريعيّة وهيكليّة بالأساس؟
نعم، وهناك أيضاً العديد من أوجه التقصير التي تعيق جهودنا للتطوير. فمسألة التسويق والاعلان، تعتبر عاملاً حاسماً في الرفع من الطلب وتوسيع السوق، وهو ما يغيب عن هذا القطاع الذّي يبدو مهمّشاً، كما أنّنا نعاني من نقص البنى التحتيّة الخاصّة بمثل هذا النمط من السياحة الترفيهيّة، كنقص الموانئ التي يبلغ عددها 6 موانئ على كامل الساحل التونسيّ، بالإضافة الى محدوديّة الخدمات المقدّمة في الموانئ التونسيّة مقارنة بنظيراتها الأوروبية.
* ربّما يعود تجاهل الدولة لهذا القطاع لوجود أولويّات أخرى، أو لمحدوديّة القيمة المضافة لقطاع الترفيه البحريّ؟
على العكس تماماً، الموانئ تعتبر عامل جذب سياحي للتنزه والاستهلاك، كما أنّها تساهم في إيجاد فرص عمل تحدّ من البطالة نظراً لما يمكن أن تخلقه الموانئ من خدمات وأنشطة مرتبطة بها، سواء داخل الميناء أو خارجه. كما أنّ للموانئ بعداً جماليّاً على البنيان الحضري.
* ما هو المطلوب اليوم للنهوض بقطاع السياحة البحريّة واليخوت؟
أوّلاً، يجب أن يكون تطوير هذه القطاع جزءاً من رؤية أوسع نطاقاً في مجال التنمية. فعلى الرغم من أن تونس لديها نقاط قوة واضحة كوجهة بحرية، فإنّ نقاط الضعف تحدّ بشكل كبير من نفاذنا إلى مختلف الأسواق المحليّة الخارجيّة.
إذن الخطوة الأولى تكون بمعالجة المشاكل التشريعيّة عبر نشر نصّ تنفيذ قانون الموانئ الذي دخل حيّز التنفيذ منذ العام 2011 مع إشراك المهنيين في إعداد الخطط التنفيذية. كما يجب مواءمة الأنظمة والقوانين التي تنظم ممارسة هذا النشاط الترفيهي مع المعايير الدولية، لرفع القدرة التنافسيّة التونسيّة. كما تجدر إعادة النظر في مختلف الإجراءات المرتبطة باقتناء اليخوت والتفكير في تشجيع السوق الداخليّة عبر تخفيض الضرائب. أمّا بخصوص البنى التحتيّة، فيجب إنشاء نظام للتدريب المهني ومراكز تكوين خاصّة باحتياجات سياحة اليخوت.
إقرأ أيضا: أساسيات النظام الوطني للابتكار