لأول مرة، بات عمل السوريين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في الأردن قانونياً بموجب تصريح عمل. الخطوة مهمة للطرفين، إذ تحسن دخل اللاجئين، والخطوة تمدّ الاقتصاد الأردني بعمالة ماهرة
داخل مكتب للتشغيل افتتح حديثاً في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، يجلس عشرات اللاجئين في انتظار دورهم للحصول على تصاريح عمل في قطاعي الزراعة والإنشاءات تخولهم العمل خارج المخيم.
خلال الأسبوعين اللذين أعقبا افتتاحه، حصل 800 لاجئ على تصاريح عمل من "مكتب التشغيل في مخيم الزعتري" وسط توقعات من قبل المعنيين بإقبال أكبر من اللاجئين بعد اطمئنانهم أنّ التصاريح لن تؤثر في المساعدات التي يتلقونها من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
يستفيد اللاجئون من الإعفاءات المالية التي تقدمها وزارة العمل الأردنية لتشجيعهم على الانتقال من العمل غير المنظم إلى العمل المنظم، وهي إعفاءات أعلن عن استمرارها حتى نهاية العام الجاري.
ينتظر اللاجئ علي الوهبان دوره وهو يحمل في يده إيصالاً مالياً بقيمة 10 دنانير أردنية (14 دولاراً أميركياً)، هي قيمة رسوم التصريح. يتقدم الثلاثيني للحصول على تصريح عمل زارعي، فتلك مهنته التي مارسها في الغوطة السورية، قبل لجوئه إلى الأردن قبل نحو أربع سنوات. يقول: "أريد أن أعمل بما أفهم فيه، ولا أرغب في العودة إلى تعلّم مهنة جديدة".
في وقت كان اللاجئون يعملون فيه خلال الإجازات التي يمضونها خارج المخيم، كان الوهبان يتخوف من العمل من دون ترخيص. يبين أسبابه: "العمل من دون ترخيص خطير، من الممكن أن يسجن الواحد منا أو يطرد إلى سورية".
بحصوله على التصريح، سيخوض تجربته الأولى بالعمل في الأردن، وينظر إليها على أنّها فرصة لتحسين وضعه المعيشي، وهو المعيل لأسرة تتكون من زوجة وثلاثة أطفال. يعلق: "المساعدات بالكاد تكفي، كلّ شيء مرتفع الثمن في المخيم، الدخل الذي سأجنيه من العمل سيحسن الأوضاع".
يتيح تصريح العمل للاجئ مغادرة المخيم شهراً متواصلاً، على أن يعود بعده لتجديد التصريح والمغادرة من جديد، كما يتيح له الخروج والعودة يومياً. أما الوهبان فيريد العمل في المزارع القريبة من المخيم ليضمن بقاءه رفقة أسرته، كون التصريح لا يتيح الخروج إلا لحامله.
في أعقاب مؤتمر لندن للمانحين "دعم سورية والمنطقة" الذي عقد في فبراير/ شباط 2016، بدأ الأردن منح تصاريح عمل للاجئين السوريين المقيمين خارج المخيمات، بالترافق مع وعود أوروبية بتسهيل دخول الصادرات الأردنية إليها، مقابل منح 200 ألف لاجئ تصاريح عمل. وصل عدد التصاريح الممنوحة بحسب إحصائيات وزارة العمل إلى 60 ألفاً، قبل اتجاه الوزارة بالتعاون مع المفوضية ومنظمة العمل الدولية إلى منح تصاريح للاجئين داخل المخيمات.
مدير إدارة شؤون مخيمات اللاجئين السوريين العميد جهاد مطر يؤكد أنّ الهدف من منح اللاجئين في المخيمات تلك التصاريح "تخفيف الأعباء المعيشية والاقتصادية على اللاجئين، وتحسين انخراطهم في المجتمع على نحو مساوٍ للاجئين خارج المخيمات". يؤكد أنّ عمل السوريين لن يؤثر على العمالة الأردنية في أيٍ من قطاعات العمل.
اقــرأ أيضاً
تحسين الوضع المعيشي هو ما يطمح إليه اللاجئ أحمد صعجر، الذي تقدم للحصول على تصريح للعمل في قطاع الإنشاءات. الشاب البالغ من العمر 23 عاماً لم ينقطع عن العمل خلال الفترة الماضية: "كنت أعمل كلما حصلت على إجازة لمغادرة المخيم لمدة 15 يوماً، وبعد انتهائها أرجع إلى المخيم لأقدم طلب إجازة جديداً وأنتظر إصداره لأعود إلى العمل".
صعجر الذي يعيش مع شقيقه الأصغر بعد وفاة والدته قبل عام، يرى في التصريح فرصة لزيادة الأيام التي يقضيها في العمل، كما يجعل عمله قانونياً. يقول: "لا بد من العمل أكثر، فأنا أرغب في الزواج ويجب أن أجمع المال من أجل المهر والعرس".
من جهته، يقول ممثل المفوضية في الأردن ستيفانو سيفير: "لديّ ثقة أنّ وجود عدد متزايد من السوريين داخل سوق العمل الأردني سيؤثر إيجابياً على الاقتصاد المحلي ويحقق الاستقرار للأسر اللاجئة. غالبية اللاجئين من الفنيين والحرفيين المهرة، والسوق الأردني في حاجة إليهم".
أما أمين عام وزارة العمل الأردنية هيثم الخصاونة فيؤكد أنّ انتقال اللاجئين السوريين من العمل غير المنظم إلى العمل المنظم سيحسن من خياراتهم ويحفظ حقوقهم ويحميهم من الاستغلال.
بالرغم من التسهيلات والميزات المنتظرة، حسمت اللاجئة أم كريم قرارها بعدم إصدار تصريح عمل، ومواصلة العمل غير المنظم في المزارع أثناء الإجازات التي تحصل عليها. تقول اللاجئة التي تعيل سبعة أبناء من بينهم طفلة من ذوي الإعاقة وأخرى فقدت إحدى عينيها في الحرب: "ليس في إمكاني الخروج من المخيم من دون أبنائي، فهم لا يعرفون بعد كيف يتدبرون أمورهم من دوني. عندما أنال إجازة يسمح لي بأخذهم معي". تحصل كلّ شهر على إجازة لمدة 15 يوماً تعمل خلالها رفقة اثنين من أبنائها في المزارع القريبة من المخيم، ويوفر لها صاحب العمل مكاناً للإقامة مع عائلتها، مقابل حصولها على أجر يبلغ ديناراً أردنياً واحداً (1.4 دولار) عن كلّ ساعة عمل.
هناك يطبق قانون العمل الأردني، الذي يحظر تشغيل الحدث الذي لم يكمل 16 عاماً بالمطلق، ويمنع تشغيل الحدث الذي لم يكمل 18 عاماً بالأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة. وهو ما يعني عدم إمكانية حصول أيّ من أبناء أم كريم على تصريح عمل. بذلك، تشترط لتغيير رأيها في استصدار تصريح عمل، أن يسمح لها باصطحاب أبنائها عند المغادرة للعمل.
اقــرأ أيضاً
داخل مكتب للتشغيل افتتح حديثاً في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، يجلس عشرات اللاجئين في انتظار دورهم للحصول على تصاريح عمل في قطاعي الزراعة والإنشاءات تخولهم العمل خارج المخيم.
خلال الأسبوعين اللذين أعقبا افتتاحه، حصل 800 لاجئ على تصاريح عمل من "مكتب التشغيل في مخيم الزعتري" وسط توقعات من قبل المعنيين بإقبال أكبر من اللاجئين بعد اطمئنانهم أنّ التصاريح لن تؤثر في المساعدات التي يتلقونها من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
يستفيد اللاجئون من الإعفاءات المالية التي تقدمها وزارة العمل الأردنية لتشجيعهم على الانتقال من العمل غير المنظم إلى العمل المنظم، وهي إعفاءات أعلن عن استمرارها حتى نهاية العام الجاري.
ينتظر اللاجئ علي الوهبان دوره وهو يحمل في يده إيصالاً مالياً بقيمة 10 دنانير أردنية (14 دولاراً أميركياً)، هي قيمة رسوم التصريح. يتقدم الثلاثيني للحصول على تصريح عمل زارعي، فتلك مهنته التي مارسها في الغوطة السورية، قبل لجوئه إلى الأردن قبل نحو أربع سنوات. يقول: "أريد أن أعمل بما أفهم فيه، ولا أرغب في العودة إلى تعلّم مهنة جديدة".
في وقت كان اللاجئون يعملون فيه خلال الإجازات التي يمضونها خارج المخيم، كان الوهبان يتخوف من العمل من دون ترخيص. يبين أسبابه: "العمل من دون ترخيص خطير، من الممكن أن يسجن الواحد منا أو يطرد إلى سورية".
بحصوله على التصريح، سيخوض تجربته الأولى بالعمل في الأردن، وينظر إليها على أنّها فرصة لتحسين وضعه المعيشي، وهو المعيل لأسرة تتكون من زوجة وثلاثة أطفال. يعلق: "المساعدات بالكاد تكفي، كلّ شيء مرتفع الثمن في المخيم، الدخل الذي سأجنيه من العمل سيحسن الأوضاع".
يتيح تصريح العمل للاجئ مغادرة المخيم شهراً متواصلاً، على أن يعود بعده لتجديد التصريح والمغادرة من جديد، كما يتيح له الخروج والعودة يومياً. أما الوهبان فيريد العمل في المزارع القريبة من المخيم ليضمن بقاءه رفقة أسرته، كون التصريح لا يتيح الخروج إلا لحامله.
في أعقاب مؤتمر لندن للمانحين "دعم سورية والمنطقة" الذي عقد في فبراير/ شباط 2016، بدأ الأردن منح تصاريح عمل للاجئين السوريين المقيمين خارج المخيمات، بالترافق مع وعود أوروبية بتسهيل دخول الصادرات الأردنية إليها، مقابل منح 200 ألف لاجئ تصاريح عمل. وصل عدد التصاريح الممنوحة بحسب إحصائيات وزارة العمل إلى 60 ألفاً، قبل اتجاه الوزارة بالتعاون مع المفوضية ومنظمة العمل الدولية إلى منح تصاريح للاجئين داخل المخيمات.
مدير إدارة شؤون مخيمات اللاجئين السوريين العميد جهاد مطر يؤكد أنّ الهدف من منح اللاجئين في المخيمات تلك التصاريح "تخفيف الأعباء المعيشية والاقتصادية على اللاجئين، وتحسين انخراطهم في المجتمع على نحو مساوٍ للاجئين خارج المخيمات". يؤكد أنّ عمل السوريين لن يؤثر على العمالة الأردنية في أيٍ من قطاعات العمل.
صعجر الذي يعيش مع شقيقه الأصغر بعد وفاة والدته قبل عام، يرى في التصريح فرصة لزيادة الأيام التي يقضيها في العمل، كما يجعل عمله قانونياً. يقول: "لا بد من العمل أكثر، فأنا أرغب في الزواج ويجب أن أجمع المال من أجل المهر والعرس".
من جهته، يقول ممثل المفوضية في الأردن ستيفانو سيفير: "لديّ ثقة أنّ وجود عدد متزايد من السوريين داخل سوق العمل الأردني سيؤثر إيجابياً على الاقتصاد المحلي ويحقق الاستقرار للأسر اللاجئة. غالبية اللاجئين من الفنيين والحرفيين المهرة، والسوق الأردني في حاجة إليهم".
أما أمين عام وزارة العمل الأردنية هيثم الخصاونة فيؤكد أنّ انتقال اللاجئين السوريين من العمل غير المنظم إلى العمل المنظم سيحسن من خياراتهم ويحفظ حقوقهم ويحميهم من الاستغلال.
بالرغم من التسهيلات والميزات المنتظرة، حسمت اللاجئة أم كريم قرارها بعدم إصدار تصريح عمل، ومواصلة العمل غير المنظم في المزارع أثناء الإجازات التي تحصل عليها. تقول اللاجئة التي تعيل سبعة أبناء من بينهم طفلة من ذوي الإعاقة وأخرى فقدت إحدى عينيها في الحرب: "ليس في إمكاني الخروج من المخيم من دون أبنائي، فهم لا يعرفون بعد كيف يتدبرون أمورهم من دوني. عندما أنال إجازة يسمح لي بأخذهم معي". تحصل كلّ شهر على إجازة لمدة 15 يوماً تعمل خلالها رفقة اثنين من أبنائها في المزارع القريبة من المخيم، ويوفر لها صاحب العمل مكاناً للإقامة مع عائلتها، مقابل حصولها على أجر يبلغ ديناراً أردنياً واحداً (1.4 دولار) عن كلّ ساعة عمل.
هناك يطبق قانون العمل الأردني، الذي يحظر تشغيل الحدث الذي لم يكمل 16 عاماً بالمطلق، ويمنع تشغيل الحدث الذي لم يكمل 18 عاماً بالأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة. وهو ما يعني عدم إمكانية حصول أيّ من أبناء أم كريم على تصريح عمل. بذلك، تشترط لتغيير رأيها في استصدار تصريح عمل، أن يسمح لها باصطحاب أبنائها عند المغادرة للعمل.